قطرة حياء / علاء الخطيب

قطرة حياء / علاء الخطيب

علاء الخطيب

يقول المثل الشعبي  الحياء قطرة اذا سقطت، سقطت معها القيم

فلا حدود و خطوط حمراء بعد انعدام القيم والاخلاق . لذا يقال  ان كنت لا تستحي فافعلما شئت” .

الحياء معيار اخلاقي ، ومؤشر للآدمية ، يضبط ايقاع حركة الانسان في المجتمع ، وهويختلف من مجتمع الى اخر ، لكن تبقى هناك قيَّم اخلاقية مشتركة بين البشر ، هذه القيَّموالمعايير تنعكس في السلوك الانساني، وفي كل المجالات. في التجارة والمجتمع والوظيفةوالسياسة وغيرها .

وما دامت السياسة وانعكاساتها تشغل حيزاً كبيراً من حياتنا،فان الحياء سيكون مرتكزاًاساسياً كمعيار لقياس حركة السياسيين .

وحينما نرى او نسمع ان سياسياً غربياً استقال هنا واخرَ  هناك لسبب قد يكون تافهاً  اوبسيطاً ، فهذا سببه الحياء، ولربما سمعنا ان وزيراً بريطانياً استقال لانه تأخر عن موعدالاجتماع 10 دقائق ،  واخر  استقال لان كاميرات المراقبة  ضبطته وهو يغازل صديقته،  ففي معايير الاخلاق يعتبر هذا  عدم احترام للوظيفة وتجاوز على قواعد الحياء، وهكذابقية الامثال  في ارض الواسعة المحترمة .

ويبدو ان ان قطرة الحياء قد سقطت من بعض سياسيينا ، اذ اصبحت السرقة والفسادوالاستهتار صفات طبيعية، لا يحاسب عليها القانون ، ولا يستهجنها الناس .

فالفساد ليس مانعاً من استلام منصباً  حكومياً ، كما ان السرقة أمراً ثانوياً  لا تعرقلترشيحك لاعلى المناصب في الدولة.

أما الشرف والنزاهة فهما ترف لا حاجة لك به، هكذا يلقن السياسي نفسه ويختزن ذلك فيالعقل الباطن  .

ولربما تعدى الامر ابعد من ذلك، حينما تستهين بارواح الناس ولا تبالي وتتجاوز كلالحدود في توزيع السيادة، واهدار الثروات .   

  ما يحدث في العراق اليوم خرقَ كل المعايير  ، وافسَدَ كل القيَّم ، وانعكس ذلك في كلالمجالات .

فقد نعى البعض موت الاخلاق، وراح العراقيون يرددون بيت الشعر العربي الشهيرلاحياة لمن تنادي ” . بعد ان ايقنوا ان المصيبةَ أعظم .

انتظروا الامل ، و تفائلوا في المستقبل ،وحلموا  بغدٍ اجمل لاجيالهم، لكن الواقع صدمهم،فهناك من وثقوا به قد سقطت قطرة الحياء من على جبينه، ولا تعنيه معاناة الناس، ولاانتشار الاطفال في تقاطعات الطرق لبيع المناديل او لمسح زجاج سيارات المترفين من اجلفتات الدنانير ، ولا حتى زيادة اعداد المتسولين الذين يجوبون الشوارع والاماكن العامة ،وهم في بلد يسمعون كل يوم عن تعاظم انتاجه النفطي ، وارتفاع اسعار براميله. كمايشاهدون السيارات الفارهة يمتطيها اثرياء المواسم السياسية.

في بلدٍ تزداد فيه معدلات الانتحار والجريمة، والعنف العائلي، ولعل المسؤولون لا يعلمونان سجلات الطب العدلي امتلأت  بقتلى جرائم الشرف وزنا المحارم، والمخدرات .

كل التقارير تشير الى تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات بين الشباب  ، وعلى مسمع ومرأىالحكومة لكنها لا تحرك ساكنا ولا تقوم باي فعل جاد، سوى تصريحات فارغةواستعراضات بائسة.

ويبدو ان ما يهم هو الوصول الى اسقاط   قطرة الحياء، للبدء بنقطة شروع جديدة  لحياةخالية من القيم والحدود الاخلاقية .   

نعم انها القطرة التي سقطت  و سقط معها شيء   

ورحم الله  احمد شوقي

انما الامم الاخلاق ما بقيت

فان همُ ذهبت اخلاقهم ذهبوا

(Visited 16 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *