فاروق هلال وابتكار اخر العمر
قحطان جاسم جواد
الفنان القدير فاروق هلال منذ بداياته الاولى في السينما كمطرب كان متألقا وانيقا في اختياراته ولكنه بعد فترة توقف عن الغناء او صار عنده اهتماما ثانويا بعد ان اكتشف ان التلحين وسيلة افضل في صناعة الحلم والنجاح وهكذا استمر في عطائه الذهبي وقدم اروع الالحان، ومنها ما صار علامة في الغناء العراقي كأغنية سألت عنك لمائدة نزهت واغنية علمني عليك لعبدالله رويشد وقبلها اغنيته المهمة تعاليلي التي اداها بصوته واذكر ان احدى الصحف كتبت عنها في وقتها( اغنية تعاليلي قدمت فاروقا كعبدالحليم حافظ عراقيا) بسبب ما في هذه الاغنية من جمالية وشجن وعذوبة وانتقالات لحنية وتحولات مقامية .وحدث تحول اخر في مسيرته اللحنية والتربوية فاخذ جانب قيادة المجاميع الشبابية وخلقها وتوظيفها لخدمة المجتمع وكذلك اكتشاف الاصوات الشبابية الجديدة وتقديمها على نحو صحيح وتعليمها الخط الصحيح للموسيقى وتربيتها على الاصالة والعلم اي ممارسة دوره كموسيقي ومربي. وقد نجح فاروق هلال نجاحا منقطع النظير بدليل خرج من عبائته اكثر الاصوات التي تحتل الان موقعا متقدمافي الغناء العراقي والعربي مثل كاظم الساهر وحاتم العراقي وماجد المهندس وهيثم يوسف ومهند محسن وغيرهم. ثم قدم( يلعب المحاصرون) واغنية (نو) في مهرجان هافانا نالت استحسان الدول المشاركة. ثم جاءت مرحلة بعد 2003 واستقراره في مصر لكنه لم ينحن لموجة التجهيل ومحو الذاكرة والهوية فقدم اشياء كثيرة ليثبت لنا انه مازال فاروق هلال المعلم والمربي والموسيقي والملحن. فلحن اغان واناشيد عديدة واغان عاطفية مهمة.والشيءالاكثر اهمية هو ابتكاره اللحني الجديد الذي يعتقد انه سيؤدي الى انقلاب لحني ليس عراقيا فحسب بل عربيا ايضا،واعلن عنه في محاضرة جميلة وممتعة أقامتها له دائرة الفنون الموسيقية وقدمه فيها بكل تقدير واعتزاز مديرها العام المايسترو علاء مجيد وهو احد التلاميذ النجباء لفاروق هلال في اصوات شابة ايام زمان. الابتكار الجديد هو اعتماد الدرجة الموسيقية وجعلها تتقدم على المقام على عكس المعمول به سابقا حسب القانون الموسيقي .وهذا الابتكار الموسيقي الذي يعزف على عود جديد هو عود التشلو اي بمواصفات خاصة تنطبق على الابتكار الجديد وهو ببساطةسيتيح للصوت الغنائي ان يصعد الى 21 درجة(اي المساحة الصوتية) بدلا من ال13 في الحالات الاعتيادية السابقة ،كما سيتيح للصوت وفي اي فئة عمرية الاداء بهذه الدرجات الجديدة كما يتيح للملحن ان ينطلق بعيدا في فضاءات الحانه. وحسب المبتكر ان تكون هناك ثلاث طبقات في الاداء هي جواب الاول والصوت الطبيعي وجواب الثاني وهو بديل للطبقة الواحدة التي حكمت اللحن والغناء سابقا. ويكون الدوزان الجديد (فا ودو وصول وري ودو) وقد جرب ان يطبق ابتكاره من خلال صوت شاب تعب فاروق هلال كثيرا الى ان وجده وهو صوت كرم ثامر احدى منتسبي دار العود العراقي. وقد اسمعنا تطبيقات تجربته بشغف ونجاح كبير. هذه المهمة الجديدة لمعلم الاجيال لم تأت اعتباطا انما جاءت نتيجة تأمل عميق ودراسة وتجربة شخصية طويلة لفاروق هلال الى ان نضجت فأعلن عنها بكل فخر.وكان تلميذه النجيب علاء مجيد اول من علق واستجاب لدعوة الاستفادة منها في العزف على العود او تلحين اغان لفرقة التراث العراقية التي يقودها.وكذلك بقية الموسيقيين من مختصين ودكاترة وعازفين كلهم صفقوا للتجربة وباركوها. نأمل ان تترسخ التجربة ويزداد تطبيقها لتصبح ابتكارا رسميا وعلميا للفنان فروق هلال .تحية لهذا الفنان المربي والمعلم والمبتكر واتمنى له طول العمر ليغني الساحة بكل جديد ومفيد.