حزن قديم وامل … في عوالم قيس شاوي الرقمية

د.حسن السوداني

الكتابة عن الفنون الرقمية في حركة التشكيل العراقية تعني الحديث عن عدد من الاسماء البارزة التي حققت حضورا واضحا وحفرت اسمها لا على المستوى المحلي بل العربي والعالمي ايضا ولعل من ابرز تلك الاسماء هو د. قيس بهنام شعاوي المقيم في السويد والاكاديمي المتمرس الذي ظل مطورا وباحثا عن الجديد في تفاصيل هذا الفن الجميل.
وكما هو معروف عن هذا الفن استخدامه التكنولوجيا الرقمية، بما يتضمن الصور والفيديوهات والرسوم المتحركة، فان الفنان الذي يتعامل مع هذا النوع من الفنون يشترط به معرفته الجيدة بتقنيات الكمبيوتر وممارسته الطويلة لبرامج التصميم الرقمية ..وعلى الرغم من ان هذا الفن لا يملك تاريخا طويلا فقد ظهر لأول مرة في الثمانينات، الا انه تطور سريعا واصبحت له الكثير من التطبيقات والبرامج، كما تميز بتعدد اسمائه مثل فن الكمبيوتر وفن الوسائط المتعددة، وأصبح الآن يشمل فن التركيب الرقمي والعالم الافتراضي والفضاء السبراني
وقبل الدخول الى عوالم قيس شعاوي الرقمية لابد من تحديد اهم المدارس الفنية في هذا النوع من الفنون ويمكن تحديدها بالمدرسة الخيالية و التعبيرية والواقعية
بالمدرسة الخيالية تهتم بتصميم واستحداث عناصر غير واقعية يبتكرها خيال الفنان مع بعض اللمسات داخل متن اللوحة .
أما المدرسة التعبيرية فهي تعتمد على الأشياء الواقعية التي يلتقطها الفنان ويشتغل عليها وغيرها ملامحها الواقعية إلى ما يعبر عن شكلها الواقعي من وجهة نظر الفنان الذي يراها دون غيره من الناس.
حزن قديم
في عمله الرقمي الذي حمل عنوان (حزن قديم) يوظف فيس بهنام منظومات تعبيرية متعددة في صناعة لوحته تلك مستخدما مبدا الاختزال والتكثيف العالي فيعمد الى استخدام الموجة في اسفل اللوحة تعبيرا عما تحمله من معان متعددة واهمها الأخبار.. تلك التي ما حملت يوما ما يشي بالسرور للعراق حيث نشأ وترعرع قيس بهنام بل العكس تماما.. كلما مرت موجة الاخبار حتى انتشر الخوف وعم الحزن على تلك البلاد دون خلق الله جميعا.. غير ان وقع ذلك الحزن تراه مجسدا اكثر لدئ النساء اكثر لذلك كان العنصر الرئيسي في العمل لا يمكن تميزه او تصنيفه على اساس انثوي او ذكري مما اضفى على المعنى شمولية اكبر.. غير ان العودة الى تقنية توظيف الخط داخل اللوحة يوحي بعدم الانقطاع فهو مستمر دون فواصل محددة وهي براعة عالية تنم عن خبرة متراكمة وتجارب متعددة. فقد تشعرك استمرارية الخط بوحدة الشخصية وكليتها بينما فصل عنها الموجة مما دفع المتلقي الى الشعور بخطر الخارج وما سيتركه من حزن ثقيل على الشخصية.
امل
في عمله المعنون (امل) يستخدم الفنان قيس بهنام طريقة الخط الفاصل في وسط اللوحة مع تلاعب بسيط يحولها إلى كائنين متحابين يمسك أحدهما الاخر بوداعة توحي بامل الاستمرار نحو المستقبل واضفى استخدام اللون الأخضر معنى عميق للعمل لما يحتله من دلالات النماء والحياة.. وبالرغم من استخدامه لتقتية الكولاج الا ان الروح الرقمية لم تفارق العمل دون الذهاب الى تفاصيل متعددة عير الخط الفاصل بين حزئي اللوحة والأيحاء التام بتكامل الجزئين سواء في المعنى (المضمون) او الشكل النهائي للعمل .
وجه من خزف
يستخدم الفنان قيس بهنام في عمله الرقمي وجه من خزف اسلوب البكسل .. والبكسل كلمة تعني عنصر الصورة الواحدة أو وحدة الصورة. وهو عبارة عن مربعات صغيرة , وهذه المربعات تكون عادة في الصور وغالبا برامج البت ماب أو برامج الفوتوشوب والبينت برو وغيرها تتعامل مع الصور أو الرسومات على أساس مربعات صغيرة … ويستخدم الفنان في هذه الصورة 300 بكسل في الانج المربع ، فإذا كانت عدد المربعات كبيرة فإن وضوح الصورة يكون عاليا وإذا كان عدد المربعات قليلا فإن الصورة تبدأ بفقدان ملامحها وتظهر على شكل مربعات شفافة صغيرة كلما كبرت الصورة .ويعتبر فن البكسل من الفنون التي لقيت رواجا كبيرا في السنوات القليلة الماضية.. فتجد الآن عددا كبيرا جدا من فناني البكسل .. كل يحاول جاهدا أن يطوع مجموعة من النقاط لتنتج شكلاً أخاذاً .
وقد برع الفنان في استخدام هذه التقنية لصناعة وجه بألوان متعددة توحي فعلا بإمكانيات فن الخزف وما تتيحه من إظهار البروزات والاخاديد والحزوز.
وجوه مكفهرة
عمل رقمي اخر يتلاعب فيه قيس بهنام بالعنصر الواحد (الوجه) ليخلق وجوه متعددة وبحركات مختلفة توحي بعدم الرضا وهو عمل يحمل بعدا مضمونيا يدين هذا السلوك المنفر لبعض الناس الذين لا تعرف الابتسامة طريقا لوجوههم.فيذهب إلى استخدام الحركات التدريجية التي تعطي معان متعددة لحالة تعبيرية واحدة هي ما أسماه في عنوان عمله (مكفهرة) .
ولو عدنا لاستعراض عنوانات اعمال الفنان قيس بهنام شعاوي لنجده باحثا عن جملة من الحالات الإنسانية التي ترتبط بحياة الإنسان وتبعث فيه الامل بالاستمرار رغم حجم المشاق التي تعترضه كما أنها في ذات الوقت تدين الأفعال السلوكية التي تسيء للناس وتزرع الحقد والكراهية فيهم وهو بهذا ينشر من خلال أعماله روح السلام والمحبة التي ما فارقت هذا الفنان مذ عرفناه في بواكير حياتنا الفنية.

البروف قيس بهنام مجيد شعاوي
ولد في نينوى 1958

خبرة جامعية لاكثر من 30 عام، عميد كلية، مساعد عميد وأستاذ جامعي.
فنان ثلاثي الأبعاد ، مصمم رقمي، مدير فني، مدرس تصميم، مصور.
له مساهمات في تخطيط البرامج التعليمية والجامعية ولدي عدد من الدورات النوعية في التعليم الجامعي، له عشرات المشاركات في المعارض الدولية والمحلية منها:
المعرض الدولي للملصقات-جائزة تميز- بمناسبة مرور مئة عام على تاسيس الدولة العراقية
.معرض الملصق للفنانين العراقيين لمناسبة الذكرى المئوية لتاسيس الجيش العراقي- قاعة جمعية التشكييلين العراقيين, المعرض الافتراضي الاول للفوتوغراف عبر الفيسبوك, المعرض الافتراضي الثاني الذي حمل عنوان “معالجــات رقمية لحجارة نطقت رافدينيا”, معرض شخصي في مدينة لينشوبينك / السويد , معرض تصوير في ستوكهولم / السويد – مشترك, معرض في سودرتاليا / السويد – مشترك, معرض في اورهس / الدنمارك – مشترك