كتب : سامي نسيم
ليس بعيداََ عن التجريب الفني بكل مجالاته بالأشكال التعبيرية للفنون كافة، ومنها في المسرح والتشكيل العراقي منذ الثلاثينات الى وقتنا الحاضر، وكذلك مسيرة الموسيقى العراقية شهدت مثل هذا التجريب اختطه الكثير من الأعلام واساطين الموسيقى العراقية، أمثال الفنان الكبير جميل بشير بتمرده الأول عبر تغيير دوزان (نصب) أوتار العود خمس درجات صوتيه عن العود العربي المعتاد آنذاك، وأحدث انقلاباََ نوعياََ حيث أصبح عوده سمه خاصة بأسلوبه الفني وكتب له الأعمال الموسيقية، وتجلى ذلك في اغنية (أحبك) لناظم الغزالي حيث برز صوت عوده الصداح بشكل لافت، وسار على منواله الفنان الكبير منير بشير بتخفيض دوزان خاص به أقل درجة صوتية من عود شقيقه جميل، فأصبح من الاعلى (فا- دو – ري – صول – دو – فا) وأصبح النصب هذا أوسع انتشاراََ من غيره بين العازفين في حين ابقى الفنان الكبير علي إمام وابنه العازف البارع محمد إمام على الدوزان العربي التقليدي القديم للعود، ويحسب لهم واقعيتهم الفنية التي سار عليها من قبلهم ( محمد القصبجي – فريد الأطرش – رياض السنباطى – روحي الخماش) وغيرهم، وأضاف الخماش وتراََ باص (قرار) وكذلك من قبله الشريف محيي الدين حيدر (قبا دوكاه) اي قرار بدرجة (ري)، وحدث تجريب آخر معاصر من خلال فرق للعود منها (فرقة منير بشير للعود) بأمرين منها كونها فرقة لعائلة آلة واحدة هي العود حيث بدأت بتجمع اكبر عدد من طلبة العود عام ٢٠٠٠ في معهد الدراسات الموسيقية، وفي عام ٢٠١١ سعت الفرقة من خلال تلميذنا الفنان مصطفى زاير بإضافة عود جديد آخر (آلتو عود) بعد أن كان الأمر مقتصراََ على عود (باص) ابتكره الفنان باسم يوسف، وكذلك للأمانة التاريخية محاولات سابقة للفنان أكرم حبيب معروفة، ومن خلال اعواد تقليدية و مسحوبه قدمت الفرقة حفلات والبومات منه (حكايات عود) في ٢٠١١ بمقطوعات نوعية، وبابراز دور هذه الآلات المبتكرة وتصنيع أوتار غليظة خاصة بها محلياََ، واستمرت مع فرقة بغداد للعود وبقي الأمر مقتصراََ على التجريب الموسيقي الآلي فيها، والاضافة التجريبية النوعية التي تحسب للفنان الكبير فاروق هلال باطلاق عود جديد بدوزان اطلق عليه (الدوزان الهلالي) من قبل الكاتب حسن عبدالحميد، تكمن قيمة هذه الإضافة هو تطويع هذا العود الغير بعيد عن عائلة العود المبتكرة للتلحين والغناء، ويتيح مساحة مريحة صوتية للأداء جربها بنفسه، ونجح فيها من خلال دوزان ( فا- دو – صول – ري – فا ) وهو مسافات صوتية رابعة ولكن بطبقات واوتار قرار دون الحاجة بأوتار جوابات حاده معتاده بغيرها من الأعواد والآلات، وهو ما أكده الفنان فاروق هلال بطرحه اي بمعنى حرية أكبر للملحن والمؤدي تتيح لها أرضية جديدة للإبداع، ونضيف على ذلك من وجهة نظرنا ان العود الهلالي، وطريقة الاداء عليه الغنائية تجنبنا سبه رائجة في الغناء منذ العشرين عام الأخيرة وهي تباري الكثير من المطربين بالأداء بطبقات حاده والتلحين عليها كذلك مغادرين الطبقات الواطئة الجميلة التي هي أكثر جمالياََ من ناحية موسيقية ادائية صوتية، وقد ساد بجهل ان قوة الصوت هي بالصراخ بطبقات عاليه خارج المألوف، فاستطاع الفنان الكبير فاروق هلال بدعوته للعودة للأداء الفني الرصين بطبقات القرار ان يشير لذلك، وهو مماثل لما لمسناه من أداء عند كبار اساطين الغناء والتلحين العربي امثال ( عبدالوهاب و السنباطي ) وادائهم الرخيم بطبقة القرار وجمالياتها المعروفة للمتابعين من السميعة الحقيقيين، وختاماََ نقول مثلما يحسب للفنان الكبير محمد القبنجي مبتكر لأكثر من مقام ومنه اللامي الموجود بالغناء الريفي، ولكن وظفه شكلاََ مقامياََ جديداََ بالمقام العراقي، وهذا يحسب له ابتكاراََ كونه شكل مختلف وكامل، وكذلك لجميل بشير عوده الجديد بزمنه، يحسب للفنان فاروق هلال ابتكاره بالغناء على هذا العود والدعوه للتلحين عليه وتوظيفه لذلك، ولم يسبقه أحد بذلك من ناحية الغناء والتلحين فيه، وأما توظيف العود وحضوره في فرق العود ومنها فرقة بغداد للعود وغيرها، فهذا أمر آخر كون هناك موسيقى آليه وآخرى غنائية، وهي من اهتمام الفنان فاروق هلال ورسالته، منذ برنامجه الشهير أصوات شابه، وسعيه لتقديم جل المواهب الغنائية الشبابية ابان الثمانينات بحرفية إدارية وفنية عالية المستوى.
سامي نسيم
١١ / ٥ /٢٠٢٢