أهمية وحساسية الجولة الخليجية لولي العهد السعودي

أهمية وحساسية الجولة الخليجية لولي العهد السعودي

**شمال شرق

*عارف العضيلة
إحساساً بالمنعطف الأكثر خطورة الذي تمر من خلاله منطقة الشرق الأوسط وتحديداً منطقة الخليج العربي .. والمتمثلة بعدة متغيرات في غاية الأهمية والحساسية والتي أبرزها تغيرات أولويات الإدارة الأمريكية وتوجيه جهودها صوب صراع إقتصادي وسياسي وعسكري ناحية الشرق حيث الصين أولاً ثم روسيا ثانياً .. وكذلك الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان وعمليات التسليح الشبه متعمد لحركة طالبان .. وتمكينها من السيطرة على الحكم في المنطقة الأكثر إضطراباً بالعالم (أفغانستان) .. والأهم سحب الأمريكان جزءاً من عتادهم البشري والعسكري من منطقة الخليج العربي ..
كل هذه العوامل والمعطيات ويزيد عليها درجة الغليان والتوتر والتهديدات المتبادلة من قوتين رئيسيتين بالمنطقة أحداهما شرق منطقة الخليج حيث إيران والأخرى في الغرب من الخليج حيث إسرائيل .. ودول الخليج العربية في وسط النيران المحتملة بين الطرفين ..
“وما يزيد الطين بله” كما تقول العرب إن كلا الطرفين المتنازعين لا يثقان بكل ما هو عربي ويتوجسان خيفه وريبه من العرب كل العرب ..
وما يزيد نار المنطقة إشتعالاً وقلقاً الأوضاع المتوترة جداً في المنطقة العربية .. وحالات الضغط التي تمارسها قوى خارجية وجهات محلية ودولية صوب المنطقة .. وما يتم تداوله في الأوساط السياسية الأكثر سرية عن وجود موجة من الإضطرابات الكبرى التي قد تجتاح المنطقة .. في الأشهر القليلة
وسط هذه الأجواء والمعطيات الأكثر خطورة التي تعيشها المنطقة فيكمن خط الدفاع الأول بتوحيد وتنسيق الجهود .. ووضع خطط العمل المشتركة وهذا لم ولن يتحقق إلا (بتصفير الخلافات) والتباين بوجهات النظر .. وتغليب المصلحة القومية العليا على الأهداف والمصالح الفردية.
ولهذا جاءت الجولة الخليجية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى جميع دول المنطقة بشكل متواصل .. وهذا الحدث لم يحدث مطلقاً في تاريخ منطقة الخليج منذ تأسيس منظومة مجلس التعاون الخليجي مطلع الثمانينات من القرن الميلادي المنصرم.
تمت اللقاءات التشاورية بين ولي العهد السعودي وبقية دول الخليج على أعلى مستوى .. مما يعطي الدلالة الصادقة والأكيدة على الأهمية القصوى التي تكتسبها زيارات ولي العهد لكل دول المنطقة.
كما إن هذه الزيارات تأتي تمهيداً للقمة الخليجية التي يرى المراقبون أنها أكثر القمم الخليجية أهمية في الألفية الجديدة ومما يؤكد أهمية القمة أنه تقرر نقل مكان إنعقادها من المنامة إلى الرياض أكبر دول الخليج ودولة المقر ..
فقد شهدت القمة دراسة الملفات الحساسة والخطيرة .. والوضع المتغير سياسياً وعسكرياً الذي تشهده المنطقة. والتهديدات التي تواجهه المنطقة سياسياً وإقتصادياً وعسكرياً ..
بعض قرارات القمة أعلن .. والبعض منه بقى سرياً أو بالأصح في غاية السرية .. وكان القرار الصادر عن القمة الأكثر أهمية هو التأكيد على مبدأ (إن تهديد أو الإعتداء على أي دولة خليجية هو بمثابة إعتداء على جميع دول الخليج).
لكن المهم إن الجولة العاجلة التي قام بها ولي العهد كخطوة إستباقية قبيل القمة قد آتت أكلها .. وحققت أهدافها ..
ونبرز أهم معطيات هذه الجولة والقمة الخليجية توحيد المواقف والرؤى والخطط في التصدي للتهديدات التي تستهدف المنطقة. تأكيد دول الخليج العربية أن وحدتها وتماسكها هو مصدر قوة رئيسية لها .. فعلى سبيل المثال كان العمل الخليجي المشترك لتصدي لجائحة كورونا أحد أهم الأسباب بالسيطرة على الوضع بشكل كبير .. مما جعل الدول الخليجية من أقل دول العالم تضرراً من تداعيات الجائحة بل وكانت الدول الخليجية من أوائل الدول التي أعلنت مراحل العودة إلى الحياة الطبيعية.
هذا الموقف دعم كثيراً ساسة الخليج إلى ضرورة البدء في مرحلة هامة ومهمة في مسيرة عملهم المشترك الذي سيصيب حتماً في صالح الأمتين العربية والإسلامية.
الموقف الخليجي من إيران وإسرائيل متباين بين دول المنطقة بشكل واضح وظاهر للعيان .. فكل دولة لها موقف مغاير عن بعض الدول الأخرى وهذه أبرز محاور جولة ولي العهد السعودي .. وأبرز محاور القمة الخليجية ..
إذ يتم التركيز على ضرورة توحيد المواقف بشأن أي تهديد محتمل من كلا الطرفين .. والتأكيد بشكل مباشر وصريح بأن العلاقات الخليجية – الخليجية ومصالحها يجب أن تكون مقدمه على علاقات دول المنطقة مع إيران أو إسرائيل ..
الموقف العدواني الظاهر للعلن بين إيران وإسرائيل وإرتفاع درجة التوتر بين البلدين يعني إن الخطر والتداعيات ستصل إلى منطقة الخليج .. وهي بالأصل منطقة مضطربة ..
كل إحتمالات المرحلة تدارسها الصف الأول من القيادات السياسية الخليجية .. بما فيها الإحتمال الأشد سوءاً – لا قدر الله – لذا لم يكن لهم أي خيار إلا بالعمل والتنسيق المشترك ..
ومما يؤكد أهمية المرحلة حضور وزير خارجية أكبر الدول العربية مصر للإجتماعات الخليجية .. مما يبرز الأهمية القصوى التي تواجهها دول المنطقة. وقد أعلنت مصر في أكثر من مناسبة أن أمن الخليج هو من ضمن الأمن القومي المصري.

 

كاتب سعودي – الرئيس التنفيذي لدار مصادر للدراسات والأبحاث الإعلامية.

(Visited 199 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *