السيد ابراهيم و ازهار القرآن

السيد ابراهيم و ازهار القرآن

 

عبد الرحمن عناد

رواية قصيرة جداً ( ٦٢ ) صفحة من القطع المتوسط ،. تأليف الكاتب الألماني أريك إيمانويل شميدت ، وترجمة خالد الجبيلي، رواية أشبه بالقصيدة المدورة ، كتبت على نفس واحد ، بلا فصول او تقطيع او ترقيم . يمكن ان تأخذ – في المضمون والغاية – من قبل الناقد والقارئ اللبيب على عدة محامل ، فهي رواية فلسفية ، مثلما هي رواية شخوص وأحداث لا غير ، كما هي رواية توثيق مرحلة وعلاقات إنسانية ، في ستينيات القرن الماضي ، او هي معالجة لمسائل الديانات والصداقة والتسامح ، كما تتبدى في الشكل العام ، يستطيع القارئ ان يمضي معها وقتا ممتعا ، مثلما هو قادر على تأملها طويلا ، لانها تجعله يفعل ذلك ، بعد الانتهاء منها .
يرويها احد بطليها ( موسى ) الصبي اليهودي ، وكيف هي علاقته بأبيه المحامي البخيل ، و ( ابراهيم ) صاحب البقالية ، المسلم الذي يدعونه بالعربي ، في الحي الباريسي الشعبي ، والذي يتعلم منه الصبي اكثر مما تعلم والده ، الذي مارس معه الخداع لسنوات ، عن أخ مفترض للمقارنة السلبية به ، ومن ثم أشعاره بالتقصير والخيبة ، رغم ما يقدمه من خدمات يومية ، وحسب الطلب . وكذلك من امه التي تركته صغيرا ، هاربة مع رفيقها !
وفي حبكة مشوقة ، وحوارات بلغة سهلة ، لكنها غنية بالدلات ، ترينا الرواية كيف يتعلم ( موسى ) ليكون رجلا ، رغم الأخطاء والسرقات التي يقوم بها ، ومن ابراهيم نفسه ، الذي يعلم بها ،كل ذلك عبر علاقته اليومية بأبراهيم ،الذي عوضه عن الأب في الحنان والمتابعة ، وصولا الى وراثته لمحل البقالة منه ، وتغيير اسمه الى ( محمد ) عن قناعة، بل وتغيير نظرته الى العالم الى أخرى اكثر واقعية وإيجابية ،
والروائي شميدت ، كاتب مسرحي أيضاً ، له روايات أخرى ، منها : ( أوسكار والسدة الوردية ) ( الزائر ) و( طفل نوح ) وكتب أخرى . ولد في باريس عام ١٩٦٠ ، حاصل على الدكتوراه في الفلسفة ، ودرس الأدب والموسيقى ، تم تحويل الرواية الى فيلم سينمائي ، قام ببطولته الممثل عمر الشريف ، مجسدا شخصية إبراهيمي،حيث قال عنه : ان الفيلم بالنسبة لي ، ليس دينيا او سياسيا ،وما أحببته فيه ، انه قصة حب ، فيلم عن البشر ، وعن تبادل المشاعر .
والقارئ قد تتكون لديه بعض الملاحظات ، التي يمكن ان تشكل سلبا على الرواية ، كبعض سلوك وأقوال ابراهيم ، والتي تخالف تعاليم الإسلام ، مما قد يقود الى افتراض قصدية الكاتب في ذلك ! وهذا ما يقودنا الى ما ذكر بداية ، حيث قلنا انها – الرواية – يمكن ان تحمل على محامل عدة ، وذا امر متروك للقارئ !

(Visited 16 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *