كتب – عبد العليم البناء
النحات د. علي جبر: انجزت تمثالاً لشخصية الشيخ غثيث الحرجان الظالمي باعتباره رمزاً وطنياً خالداً
*التمثال يمثل الشيخ غثيث وهو يحمل بيديه البندقية التي قارع بها الاستعمار البريطاني ويبلغ ارتفاعه 170 سنتمتراً وتم نصبه امام مضيفه الكبير في مدينة الرميثة معقل ثورة العشرين الخالدة
*ما يسعدني – فعلاً – أني كرمت من الشيخ ناجح غثيث الحرجان شيخ عام قبيلة الظوالم ببندقية جده الشيخ غثيث التي قاتل بها الاستعمار الانكليزي
لمناسبة الذكرى السنوية الواحدة بعد المائة الخالدة لاندلاع ثورة العشرين الخالدة في الثلاثين من حزيران عام 1920 ،أقيمت احتفالية جماهيرية كبرى في مدينة الرميثة بمحافظة المثنى جنوبي العراق بمضيف الشيخ ناحج غثيث الحرجان الظالمي شيخ عموم عشائر الظوالم، وتم بهذه المناسبة إزاحة الستار عن تمثال للشيخ غثيث الحرجان من تصميم وتنفيذ الفنان النحات الدكتورعلي جبر حسين، الذي جسد شجاعة وبسالة رجالات العراق الثائرين ضد الاستعمار البريطاني، في ثورة عارمة مازالت راسخة الى اليوم في عقول ووجدان وضمير ابناء العراق العظيم، الذي كان وسيظل عصياً على كل محاولات المستعمرين بمختلف أشكالهم وانتماءاتهم، وقد كرم الفنان الدكتور علي جبر بإحدى بنادق قائد ثورة العشرين الخالدة التي تميزت بوجود أثر محفورلإطلاقة على أخمصها الخشبي مع بقايا الدم عليه، لدوره في إقامة هذا التمثال بحضور مجموعة من زعماء ورؤساء العشائر العراقية وشخصيات ثقافية وسياسية..
والمتتبع للسفر الإبداعي للنحات والرسام والأستاذ المساعد علي جبر حسين يجد أنه باحث وأكاديمي متخصص بفلسفة جماليات الفنون، وفنان تشكيلي، ممارس للعمل الفني والبحث العلمي الأكاديمي في الدراسات الفنية والجمالية، وتميز بخبرته في مجال التصميم للبنايات الحديثة وفق الطراز المعاصر، فضلاً عن الخبرة الميدانية في مجال التصميم الداخلي، واستخدام البرامج الرقمية للتصاميم الثنائية والثلاثية الأبعاد. ولديه أعمال فنية مقتناة في كل من، المملكة المتحدة، فرنسا، بلجيكا، السويد، هولندا، ايطاليا، تركيا، الاردن، لبنان.
وبدأت بواكير اهتماماته الفنية بدأت منذ نعومة أظفاره التي صقلها بالدراسة الأكاديمية في كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد، فحصل على بكالوريوس فنون التشكيلية تخصص نحت عام 2003، ومن ثم ماجستير فنون تشكيلية عام 2010، ودكتوراه فنون تشكيلية في الدراسات الجمالية عام 2015.
وتوج مسيرته الفنية والإبداعية عبر العديد من المعارض والمشاركات الفنية وفي مقدمتها: المعرضان الشخصيان الأول والثاني عام 1997 وعام 1998 في قاعة وزارة الشباب في الاردن، والمعرضان الشخصيان الثالث عام 2018 والرابع عام 2020 وكلاهما أقيما في قاعة ألق التي يديرها بنفسه، فضلاً عن عديد المشاركات في المعارض والمهرجانات المحلية والعربية والدولية خارج وداخل العراق، ومنها معارض تشكيلية مشتركة : جمعية التشكيليين العراقيين والفن العراقي المعاصر، وبينالي اسطنبول الدولي، مهرجان مؤسسة اتجاهات فنية، وقاعة أبعاد في بيروت، قاعة ألق للفنون والعمارة ، بينالي بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013، مؤسسة ماري نستروم – باريس، مؤسسة هارميتان – باريس، الفن المعاصر في اوهايو بأمريكا، سمبوزيو برشلون الدلي بإسبانيا، سمبوزيوم فنانون بلاحدود – برلين، سمبوزيوم اهدن الدولي – لبنان، وغيرها..
كم أن لديه العديد من الدراسات والبحوث في مختلف مناحي الفنون التشكيلية، كالنحت، والتشكيل البصري، والخط العربي، وغيرها، ومنها الشكل الفني النحتي للحضارة السومرية التي كانت أول حضارة إنسانية علمت البشرية أبجدية العلم والنور والمعرفة .كما حصل على العديد من الشهادات والجوائز التقديرية عن مشاركاته المذكورة وغبيرها.وفوق هذا وذاك فهو عضو فاعل في كل من: جمعية التشكيلين العراقيين، نقابة الفنانين العراقيين، المركز العالمي للفنون التشكيلية، جمعية الخطاطين العراقيين .
وبغية تسليط الضوء على انجازه الدكتور علي جبر حسين لتمثال الشيخ غثيث الحرجان كانت لنا هذه المحاورة السريعةابتدأناه بالسؤال الآتي:
* كيف تعاملتم مع شخصية الشيخ غثيث الحرجان الظالمي مجسدة في تمثال خاص وقد مضى على وفاته عقوداً عدة ؟
– دائما يتعامل الفنان مع أي شخصية يريد أن يجسدها سواءً أكان عبر فن النحت أو فن الرسم، بأن يطالع تاريخ هذه الشخصية أو عمقها الإنساني وتأثيرها في وسطها أو مجتمعها، بمعنى أنه يبحث عن هذه الشخصية على مستوى الشكل أو التاثير برغم المدة الطويلة لهذه الشخصية فهي من الشخصيات التاريخية باعتبارها رمزاً وطنياً خالداً لايمكن نسيانه على الإطلاق في تاريخ العراق الحديث ونضالات شعبه المريرة ضد الإستعمار الإنكليزي، لاسيما أنه قارع الأعداء هو وابناء عشيرته وشجع ابناءه واخوانه على الثورة والتمرد على الظلم والفساد والهيمنة الاستعمارية.
* وما المواد الخام التي استخدمتها وأين وكيف تم الإنجاز؟
– تم تنفيذ تمثال الشيخ غثيث ال حرجان الظالمي من مادة الجبس المقوى بالالياف، حيث تم تنفيذ العمل في المشغل الخاص بقاعة ألق للفنون والعمارة، وعن طريق النحت بالتنفيذ المباشر والطلاء والأكسدة بالأصباغ الحرارية، و بمدة تنفيذ استمرت ثلاثين يوماً.
* وماذا عن تفاصيل التمثال من حيث الحجم والارتفاع مع القاعدة وهل تم أخذ الفضاءات المحيطة والواسعة بما ينسجم مع عظمة ورمزية المحتفى به ؟
– يمثل التمثال شخصية الشيخ غثيث آل حرجان وهو يحمل بيديه البندقية التي قارع بواسطتها الاستعمار البريطاني، ويبلغ ارتفاع التمثال 170 سنتمتراً وتم طلاءه باللون البرونزي وتم نصبه على قاعدة خاصة امام مضيفه الكبير (مضيف قبيلة الظوالم)، في مدينة الرميثة معقل ثورة العشرين الخلدة، وسط مساحة واسعة وفضاء كبير وفي مكان يحمل رمزية كبيرة ومعبرة ودالة، كونه المكان الذي بدأت منه الشرارة الأولى لثورة العشرين الخالدة وهو أيضا مركز العمليات والتنسيق والتخطيط للثورة.
* وما الذي يميزه عن اعمالك السابقة النظيرة؟
– يعد هذا التمثال هو العمل الوحيد الواقعي وبالحجم الطبيعي وهو أيضا التشخيص الأول لشخصية الشيخ غثيث ال حرجان الظالمي برمزيته الوطنية الكبيرة والمهمة والمتميزة ولي الشرف في أن أتفرد في إنجازها بأبعادها الوطنية والأنسانية والجماهيرية.
* وما الدلالات والرسالة التي أردت ايصالها مع مرور مائة عام على قيادة المحتفى به لأهم وأبرز ثورة عراقية شعبية واسعة ضد الاحتلال البريطاني ؟ وهل من اسقاطات على مرحلتنا الراهنة ؟
– إن الدلالة والرسالة التي يحملها التمثال في الذكرى الواحدة المائة لثورة العشرين الخالدة، هي عادة هذه الرغبة والإيمان المطلق بروح الثورة لمواجهه الفساد والظلم، وها نحن اليوم نحمل نفس الإيمان لمواجهة هذا الفساد والظلم، فهي رسالة من العشرين الى تشرين..
*وما مشاريعك الجديدة؟
– أنا الآن بصدد اكمال المعرض الشخصي الجديد مع تفعيل نشاط قاعه ألق للفنون التشكيلية بعد جائحة كورونا وبدء نشاطها ومشاركاتها الخارجية .
* كلمة أخيرة..
– إن رسالة الفن رسالة انسانية هي خطاب الضمير والوجدان، لذا قدم الفن خطاباته الجمالية ليكون قريباً من الناس وحركة التاريخ، وما يسعدني – فعلاً – أني تكرمت من الشيخ ناجح غثيث الحرجان شيخ عام قبيلة الظوالم، ببندقية (كسرية) جده الشيخ غثيث التي قاتل بها الاستعمار الانكليزي أمام حفل كبير حضره زعماء قبائل وأدباء ومثقفين وسياسيين، وهذا يعني تكريم الفن واحترامه.