كتب : علاء الخطيب
السيد مقتدى الصدر اللاعب الاول ، والفائز المنتصر ، وصاحب الكلمة الفصل في المشهدالسياسي ، صَدَمَ الجميع ، بل فاجاءهم في خطاب ناري ، استعرض فيه قوته ، وارسلرسائل واضحة لخصومه، تناغم مع مطالب الشارع ، وغازل المتذمرين والغاضبين منالفصائل المسلحة، سواء داخلياً ام خارجياً .
في خطابه ربح الكثير وخسر القليل.
مطالبه التي رقص لها البعض واستشاط منه البعض الاخر . كانت حقيقية، وحملتحساً وطنيا، لكنها جاءت عبر الاعلام وبالزمان والمكان المحسوب من قبله، دون مراعاةالظروف والاجواء، و دون مقدمات.
وهذا يدل على ان الصدر اراد ان ” يقطع العرق ويسيح دمه” ويقطع حبال الود بينه وبينالمتمردين عليه ، فقد اعتقد البعض ان الفرصة قد حانت له لينتقم ممن تمرد على خطه . وان يبدأ بنقطة شروع جديدة ، ربما سيغير المعادلة، ويعيد الامور الى نصابها ، بعدالتجربة المتعثرة التي خاضها الشيعة في الحكم ، وهذا ما يقوله مناصروه .
الخطاب عكس ازمة كبيرة بين الفرقاء الشيعة ، بين ” الاطار والتيار” وعقَّد المشهد ، وغيَّرلغة الخطاب .
و أوضح ان هناك خطان شيعيان متوازيان يبدوان انهما لن يلتقيا، فالصراع بينهما هوصراع الوجود ، وليس صراع الافكار واختلاف الرؤى.
خط غارق في مذهبيته وآخر يحاول الموائمة والتوازن .
لكن ما يدعو الى التحليل والتأمل في توقيت الخطاب ونبرته التصعيدية ، انه جاء عشيةانعقاد اجتماعاً للاطار التنسيقي ، وفي ظل وساطات محمومة للتوصل الى صيغةتوافقية تجنب الجميع التصعيد والمواجهة .
بالاضافة الى ان الخطاب تزامن مع طرح مبادرة من قبل السيد عمار الحكيم لحل الازمة .
هناك من يحاول ان يطرح اسئلة لتفكيك الحالة الشيعية المتكلِّسة . في تساؤلات واقعية
لماذا اختار الصدر هذا التوقيت، وما الذي دفعه الى لغة المواجهة والتهديد، ولماذا فضلالتيار القطيعة على التواصل والحوار .
خطاب الصدر اعتبره البعض بمثابة رد على الوساطات والمبادرات ، كما انه قطع حقيقيلكل الخيوط .
والبعض الاخر يقول : ان الصدر لم يتكلم من فراغ بل هناك من يقف معه ويدعمه فيالموقف ، داخلياً وخارجياً، وانه ربما تلقى ضوءاً اخضراً من شركاءه بحسم الموقف والذهاب الى حكومة اغلبية وطنية ، دون الالتفات الى مطالب المعترضين، او الاهتمامبهم .
فقد استخدم كلمة الخاسرين في اشارة واضحة للاطار التنسيقي ، وبلهجة توهينوازدراء لاغبار عليها ، واتهمهم بخراب الوطن . ودعاهم الى تنقية صفوفهم من الفاسدين،وان يبتعدوا عن الحشد .
وجملة الابتعاد عن الحشد وعدم زجه في السياسة تنسجم مع رأي المرجعية الذي يدعوللحفاظ على الحشد كمؤسسة رديفة وضامنه.
فالصدر اوصل رساله للمرجعية بانه سيكون داعم وحامي للحشد ، وانه قادر على ابعادالفصائل المسلحة المحسوبة عليه .
ما ذكره الصدر في خطابه المختصر ، هو بمثابة خارطة طريق جديدة واعادة لرسم صورةالمشهد، على اسس مختلفة ، فرضتها نتائج الانتخابات .
هذا الواقع بالتأكيد سيُخيف خصوم الصدر ، خصوصاً اذا ما اتضح لنا ان الطرفالاقليمي الداعم لخصومه ، لم يعد على استعداد للاستمرار بهذا الدعم، فهناك ترتيباتجديدة في المنطقة وهناك اشارات امريكية لبعض دول الخليج بالتقارب مع ايران ، وربماهذا ما فهمه الصدر وجعله يفتح النار على المعترضين بهذا الشكل .
المتغيرات تبدو سريعة ، وان ما حدث اصبح ماضيا ، وعلينا الاستعداد للمرحلة الجديدة ،مرحلة مفصلية ، مرحلة الفرصة الاخيرة ، مرحلة تصحيح الاخطاء، خصوصا انها تأتيبعد حراك تشرين وهبوب رياح التغيير الدولية في المنطقة .