ذا هوم…عرض الدهشة والاسئلة الصعبة
قحطان جاسم جواد
ليلة ممتعة ومدهشة عاشها الجمهور العربي في مهرجان المسرح الاردني من خلال عرض مسرحية ذا هوم يوم 5 تشرين الثاني. حيث كان عرضا مذهلا وادهش الحضور بفلسفته واداء فريق العمل( محمد هاشم و هناء محمد و وكلوديا حنا و د. مظفر الطيب ومحمود شنيشل).وتاكدت اهمية العمل بمقارباته ومشاكساته واسئلته الجريئة في الجلسة النقدية بعد العرض. حاول المخرج المعلم غانم حميد تاكيد رؤياه التي قدمها في العرض للمسرحية في بغداد ،واصر عليها لاسيما قضية كسر التابوهات القديمة والتمسك بها لاننا في عصر انفتاح لايستكين لقوانين او ثوابت تقيد الفنان الى ما لانهاية.عرض ذا هوم فرضية فلسفية عن الارهاب بكل اشكاله البسه غانم حميد ثوبا واطارا مسرحيا.قدم فيه عائلة تعيش في رحاب امنة على حب الله لكن ظهور الارهاب المقيت احال هذه العائلة الى شيء اخرجعلها تفتقد للسكينة والسلام. ووصل الحال ان يواجه بطل العمل المقتدر محمد هاشم سؤال في غاية الاحراج وهو اما ان (تذبح او تغتصب زوجته وامه )من قبل الارهابيين؟ فكيف سيتصرف البطل ..وان الحلين بمثابة المر ..هل يضحي بنفسه من اجل شرفه ام يسكت على الاغتصاب؟! وكيف يتصرف مع امه وزوجته الرافضتين للاغتصاب . فتىحول القضية الى ازمة داخل العائلة. وتبدا الاسئلة بفرض نفسها..وهنا برز دور اداء الممثلين الراقي في التعبير عن قلق الانسان امام هذا الامتحان..ونجحوا ايما نجاح في تصوير الاحداث واثارة الاسئلة العقلانية وغير العقلانية. كان عملا راقيا اعاد لنا امجاد المسرح العراقي الذي كان الجمهور يسعد له، كما اسعدنا غانم حميد اليوم..كما تضمن العمل تنوعا في كل شيء اضافة الى الانتقالات السريعة في الاحاسيس والمزاج الخاص للشخصية ففي نفس الوقت الذي يضحك الممثل تراه بعد برهة قصيرة يعود مهموما حد البكاء والاسى..ولولا براعة الممثلين لما تمكنوا من استعاب هذه الخلطة الغرائبية في النص والاخراج..ويقف خلفهم كادر محترف في الديكور والاضاءة والصوت والادارةعمق من قضية التعبير واستيعاب الحدث وتفسيره. ذا هوم كانت خلطة عجيبة من المسرح الشعبي الحقيقي كما كانت قريبة من جنس المسرح اللامتوقع..الى جانب التنوع في استخدام الفصحى والعامية وحتى الحسجة التي لايعرف مضمونها سوى قلة، كما في المشهد الذي يتحدث فيه د،مظفر الطيب الى الفنان احمد غانم(روح كلة واذا شفتة لا تكلة).اضافة لذلك قدمت المسرحيةايحاءات ذكية لفهم فلسفة العرض وشكله المسرحي وديكور المنزل بلا جدران وجعل الخلفية لبيوت هدمها الارهاب واحالها الى ركام. اما الممثلون فكانوا سحرة لانهم قدموا اداء غير اعتيادي تفوقوا على انفسهم .كما اجادوا الضغط الشديد على مخارج الحروف وهي قضية مهمة لممثل المسرح، فهذا محمد هاشم الحاصل على جائزة افضل ممثل عن الدورفي بغداد عاد ليضخ لنا درسا مهما في التمثيل ووالانتقالات الحسية والضحك والبكاء وتجسيد الحيرة امام الامتحان(اما الذبح او الاغتصاب) وبطريقة تجعلك واثقا انك امام ممثل كبير في فن الاداء.وهذه القديرة هناء محمد عبرت بامكانياتها الادائية العالية عن شخصية الام التي يمتحنها القدر بابنها وكيف تتنقل من حالة الحزن الى الفرح وباداء راق معتمدة على خزينها المعرفي والفني في اداء الادوار الصعبة.اما الفنان الدكتور مظفر الطيب صاحب اجمل استرخاء في العمل والمهرجانالى جانب اللمحات الفكاهية في الاداء!كيف لا وهو يدرس هذا الفن لطلبته في الجامعة..ونافست الجميع الفنانة كلوديا حنا الذي كسبها المسرحكمشروع نجمة تمتلك من الجراة وحسن الاداءوالحركة الرشيقة ما يساعدها لولوج عالم مهرجان المسرح رغم انها تقف فيه لاول مرة. كذلك الحال بالنسبة للفنان المخضرم محمود شنيشل فقدم اسهاما راقيا اعتمادا على خزين تجربته الطويلة في الفن. حتى الممثل الشاب احمد غانم كان على قدر المسؤلية.وكان ابطال تحريك هيكل المنزل (فؤاد المصمم وستار السعداوي وعلي كاظم) في اجتهاد كبير في حركاتهم وتوقفاتهم المحسوبة الى حد كبير لاضفاء المغزى من التحريك كي يفهم المشاهد . وكان خلف المسرح جنود مجهولون لعبوا دورا كبيرا في عملية اضفاء جمالية بلاحدود اسهمت في نجاح العمل وخلق اجواء ممتعة وهم مدير المسرح ستار السعداوي وفي الصوت د امير فاضل والضوء والانارة حيدر غني وبشار عصام ود يكور علي كريم وحنين غانم . اخيرا ااقول واذكر ان فريق عمل المسرحية..ادهشونا لانهم كانوا سحرة وليسوا ممثلين.وخلفهم ساحر كبير علمهم السحر الجميل اسمه غانم حميد.