سريالية اللص الشريف
علاء الخطيب
يحكى ان لصاً مَثُل امام قاضي التحقيق فقال له القاضي: ارجع النقود الى اصحابها وسأطلق سراحك ، فقال له اللص: ” يا سيدي لو كانت النقود معي لاعدتها ، فقد أخذهامني ضابط الشرطة ، فهز قاضي التحقيق رأسه وقال ” صدق من قال حاميها حراميها “
ربما يكون هذا المثل اكثر الامثال انطباقاً على الفاسد الذي القي القبض عليه متلبساً .
فهو المصلح الفاسد والنزيه المبتز ، والشريف السارق ، سريالية عجيبة،. ومشاهد محيرةللغاية ، وقدرة فائقة على صناعة الخديعة .
و ما يثير الغرابة في الموضوع ليس القاء القبض على فاسد او سارق ، ولا حتى نوعالعملية ، بل هو نوع الفاسد وبراعته في النصب والاحتيال ، وقدرته التمثيلية الكبيرةفي تقمص دور النزيه والمصلح ، وهو يجول في فضائيات ” الطشة والترند “ .
كم من المغفلين خُدع بهذا الرجل ، وكم من الحالمين صفق وهلل له وتناقل اقواله ومقاطعفيديوهاته في مواقع التواصل الاجتماعي، وحسبهم في ذلك انه شريف ونزيه ، ومدافععن حقوق المنهوبين.
لقد احدث فعل هذا النصاب صدمة ارتدادية كبيرة لما تبقى من مصداقية مثقلة بالنماذجالسيئة.
كيف يكون راعي الغنم ذئباً ، يفتك بالقطيع ، هذا هو السؤال وتلك هي العلة يا نفسي كما يقول شكسبير رحمه الله .
ما قام به صباح الكناني اكبر من عملية ابتزاز وسرقة ، واكبر من عملية فساد ، وحتىاكبر من خيانة الوطن .
لقد حطم ما تبقى من القيم والاخلاق ، واجهز على الدين والحركات الدينية ، ونزع عنهاورقة التوت الاخيرة .
لم تكن فضيحته شخصية ، بل هي فضيحة الاسلام السياسي المزيف والمتسترينبتعاليمه .
فضيحة المنتمين للحركات الدينية، الذين يغلِّفون الباطل بلباس ديني كي يكون شرعياً .
أساء الكناني للتيار الصدري قبل يسئ لنفسه وأساء لآل الصدر وتاريخهم الجهادي .
الكناني لم يكن الاول بين رفاقه فقد سبقه آخرون كـ جواد الگرعاوي “أبو أكثم” و … و … و
وربما لن يكون الاخير ، مادام الولاء هو الاساس في تسلم مثل هذا النصاب مركزاً قيادياً، وما دام هناك غياب للمعايير الاخلاقية في العمل السياسي.
يخاطب السيد المسيح عليه السلام الحواريين فيقول لهم : “أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْفَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ.”(متى 5: 13).
واذا كان حاميها حراميها فلنقرأ على الوطن السلام ، واذا كان المثال والقدوة بهذاالسوء، فهذا يعني ان الاصلاح ميؤوسٌ منه وكل ما يقال هو خدعة كبيرة تمارس علىالفقراء ، بشعارات مزيفة.
القي القبض عليه وهو مبتسماً هازئاً ، يوصل لنا رساله بانه في المنطقة الآمنة ، فلاخوف عليه ولا هم يحزنون.
يؤكد الكناني وامثاله مشاهد السريالية في الواقع العراقي.
اختلاط الحق بالباطل ، والعدل بالظلم ، والصدق بالكذب ، والخديعة بصفاء النية .
انهم لصوص اخر الزمان , ارقى انواع اللصوص ” لص VIP” يسرق مع سبق الاصراروالترصد ، ويمارس مهنته بوضح النهار ، ولا يخشى احداً حتى الله .