رداءة الأغاني مشروع تدميري مدروس

رداءة الأغاني مشروع تدميري مدروس

الفنان رعد بركات خاص للمستقل :

حوار خاص بالمستقل

هناك فنانون يتوقفون مع مراحل محددة لعملهم وبروزهم ـ لاسباب كثيرة منها ضعف التجربة الفنية او الهجرة أو العمر أو عدم امتلاك ادوات كافية للاستمرار والتطور . وهناك تجارب فنية وفنانون لاتتوقف جهودهم مهما كانت الظروف فالفن لديهم ابداع وادواتهم متطورة ومتعددة والاهم من ذلك أن الفن بالنسبة لهم رسالة تقاوم جميع المعوقات .. واحد من هذه التجارب المتواصلة المصرة على الابداع هو الفنان العراقي العازف والمطرب والملحن رعد بركات، الفنان الذي يعمل في وظائف خارج الفن من أجل توفير سبل العيش ليمضي بانتاج اجمل الالحان الوطنية والانسانية العامة ويلح قصائد بالفصحى والعامية لشعراء عراقيين وعرب . المستقل التقت رعد بركات في الحوار الذي قدم نفسه في بدايته كالتالي :

انا جنوبي ارتبطت موهبتي منذ نعومة اظافري بريشة الرسم متأثراً بوالدي الذي كان الرسم احد هواياته ثم تحولت الى ريشة الرسم الى ريشة العود بعد سن العاشرة .
دخلت بغداد قادما من مدينة السماوة حاملاً معي احلامي وتطلعاتي التي اقترنت بآلة الكيتار واغاني فيروز وديمس روسز وفريق البيتلز وفرانك سيناترا .
حينها كانت بغداد في قمة نهضتها السبعينية ونجومها الكبار سعدون جابر حسين نعمة سيتا هاكوبيان وتشهد حركة موسيقية وغنائية ولحنية لا سابقة لها خاصة في مرحلة السبعينات . حاولت ان أخرج عن عباءة المألوف لأقدم اعمالاً بسيطة ترتبط بتأثري بالموسيقى الغربية ، لكن احلامي تبعثرت بعد ان تخرجت من معهد الفنون كمعلم موسيقى وقادتني تقاليد وقوانين التعليم المجحفة بان ينتهي بي الامر الى نقطة البداية وفي قرية تابعة الى المدينة التي غادرتها وهي مدينة السماوة .
وما كان مني الا ان أصنع المستحيل للعودة من حيث اتيت لاكمل احلامي وتطلعاتي في بيئة اكثر انفتاحاً وتطوراً فعدت الى بغداد العظيمة .

* متى تحول رعد بركات من الاغنية العاطفية الى الاغنية الوطنية
-بعد ان غادرت الوطن وفي زمن الحصار كان يمر باتعس الظروف انسانياً وفنياً واقتصاديا كانت اهم محطاتي بعد الاردن اليمن التي قضيت فيها خمس سنوات حيث كانت ملجاً للكثير من الشعراء والفنانين المعارضين
منهم الراحل جعفر حسن الشاعر على جعفر العلاق الشاعر عبد الرزاق الربيعي الشاعر فضل جبر فأنشأنا ما يشبه الخلية الثقافية كنت احد عناصرها حيث تأثرت كثيراً بهذه القامات الادبية لأبدأ باول البوم غنائي وطني اسميته غربة ضم حوالي ٨ اعمال لهؤلاء الشعراء فضلًا عن نص لعلي الشلاه وآخر لعدنان الصائغ وبعض الشعراء اليمنين المهمين ك د. عزيز المقالع .
ومنذ ذلك الحين قررت ان اتحمل مسؤليتي تجاه وطني واضع بصمتي على اهم مرحلة يمر بها العراق واطلق صوتي للدفاع عن حقوق وحرية ومستقل الاجيال القادمة .
* كيف يستطيع رعد بركات ان يوفر الوقت لتنفيذ اعماله رغم عمله المضني الذي ليس له علاقة باختصاصه ولماذا لم يجد فرصة العمل في اختصاصه في المهجر ؟
كنت احترم وقتي كثيراً ولا اضيعه بلقاءات واعمال لا تجدي نفعاً انا لا اسهر ولا اغادر بيتي ابداً الا للعمل وعملي ليس له علاقة بالفن والموسيقى لانه وكما تعلم الموسيقى اصبحت ترفيهية وغير معنية بهاجسي واهتماماتي الجوهرية وطريقي الذي اخترته لنفسي وهو قضية وطني . لذلك اخترت عمل اخر يحفظ كرامتي ويظمن لي العيش الكريم ودفع فواتيري .ومع كل مساحة الوقت الضيقة التي اعاني منها لأنجز اعمالي الموسيقية والتلفزيوني وبالاضافة الى ذلك انا اعد واقدم برنامج مهم يرصد حركة الفنانين العراقيين المغتربين في كل انحاء العالم اسميته (نوارس مهاجرة

* انت تلحن وتغني وتنفذ وتنتج كل أعمالك ما السبب هل هو عدم قناعتك بامكانيات الاخرين ام انها تكلفة الانتاج ؟؟
-اولاً انا موسيقي واحمل شهادة الدبلوم في الموسيقى ومارست العزف والغناء في كل مراحل حياتي
لذلك امتلك الخبرة في هذا المجال ودراستي لفن التسجيل والهندسة الصوتية والصورية في معهد ديترويت للتسجيل الصوتي والمرئي اضاف الى خبرتي في هذا المجال منذ بداياتي في العراق وكذلك في اليمن
حيث أنشات في اليمن أول ستديو بسيط سجلت فيه البومي الاول (غربة ) ثم اعدت تسجيله بتقنية عالية بعد ان وصلت اميركا وبمساعدة صديقي الفنان حسن حامد ومحرمة قمت بتاسيس الاستديو الخاص بي هنا في اميركا لأكمل من خلاله العشرات من اعمالي الاخيرة
* ما هي رسالتك الفنية التي اعتقد انها تختلف عن اقرانك من جيلك ؟
– رسالتي هي الوطن والفنان بلا وطن يعني بلا منجز وبلا هدف وبلا رسالة فلا زلنا نبحث عن الوطن في غربتنا .
كان لدينا وطن قد سرق منا سرقه لصوص السياسة والدين .
* ما هي المشكلة التي يعاني منها الجيل الغنائي الجديد ؟
اقول ليس الثراء والشكل والمبلابس ونوع السيارة والسعي لعدد المعجبين هو مايصنع فنانا حقيقيا ، هذه الامور تاتي لاحقا لكنها ليست الهدف .لان هذا الامر يدفع الفنان الى بيع ضميره وهو ماحدث للكثير .
* ماذا تقول عن تشابه الاغاني وطغيان الصراخ على الموسيقى ورداءة المواضيع ؟
– مشروع تدميري مدروس ، وراؤه دول ومؤسسات ضخمة هدفها تجهيل الاجيال وتدجينهم و تحجيم عقولهم ورسم مسار واحد فقط الاغنية وهو المرأة والجسد والمواضيع العاطفية السطحية الساذجة التي تسطح عقول المراهقين وتدمر الجيل .
* موضوع فن الأوپرا ما سبب غيابه عن الساحة الموسيقية في الوطن العربي ؟
* لاننا لا زلنا نعيش في القرون الوسطى لو قارنا بيننا وبين اوربا مثلاً
مناهجنا التدريبية الفنية لا تزال ناشئة ولا ترقى الى المناهج التي تدرس في ابسط جامعة فنية في العالم .
الطفل في الدول المتقدمة يتعلم مباديء الموسيقى وقراءة النوتة في المدرسة الابتدائية ويدرسها كأي درس علمي او نظري وحتى الكنائس تدرس الموسيقى وتقيم حفلات وعروض للاطفال تضم فرق كورال واجواق موسيقية وهذا يلعب دوراً في تنشأة جيلا موسيقيا واعياً ومثقفاً .
لكن اطفالنا للاسف يفتحون عيونهم على مدارس الطين ويجوبون الشوارع اما يستجدون المال أو يحملون علب ورق الكلينكس وقناني الماء تاركين مدارسهم التي لا تقدم لهم شيئاً يستحق ان يبقوا لاجله .
الدمار شامل في كل مؤسسات الدولة التربوية والاجتماعية والبنية التحتية بسبب فشل الحكومات والسياسات الفاشلة التي تعاقبت على هذا البلد الضحية .
* ما هي مشاريعك الفنية القادمة ؟
– لدي اكثر من مشروع .فبالاضافة لبرنامجي (نوارس مهاجرة) انا متواصل مع اعمالي الوطنية حيث انجزت عمل سيغنيه المطرب العالمي سامي وهو من الحاني وكلمات الشاعر عماد جبار وسيصدر قريباً وقبل نهاية العام وهو يتحدث عن حلم عودة النازحين والسلام في العراق ولبنان . وكذلك اعمال غنائية تتغنى بالعراق لشعراء مهمين .
* ما هي الرسالة التي يريد رعد بركات ان يقدمها لجيل الاغنية الجديد ؟
تذكروا بانكم من وطن لا يشبه غيره من الاوطان بل هو سيد الاوطان وصانع الحضارات العظيمة وصاحب فضل على كل الدنيا عندما كان مهداً للآداب والموسيقى وكل انواع الفنون والثقافات الانسانية العظيمة . فان الفنون هي عنوان نهضة الامم ولا تكونوا سبباً في انحدارها .

(Visited 15 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *