ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواية (شاي العروس))
قحطان جاسم دواد
كثير من الكتب التي صدرت عاش مؤلفيها حكايات عديدة قبل الصدور.بعضها تبدل عنوانها غير مرة والاخر عاش محنة الصدور وتعدد دور النشر قبل صدور الكتاب والاخر عاش حكاية اخرى مع كتابه يمكن ان نسمعها منه . رواية شاي العروس للراوئية ميسلون هادي مر بتورات عدة قبل ان تنشر تعال عزيزي القاريء لنسمع الحكاية.تتحدث رواية “شاي العروس” عن طفل أعمى منذ عمر السادسة يبصر فجأة بعد عدة أعوام ليرى وجه شاب جميل في المرآة هو وجهه .. ثم يكتشف بعد ذلك جمال العالم بعينيه بعد أن كان يستكشفه بيديه وأذنيه، ولكن هذه اللذة سرعان ما تتحول إلى كابوس عندما يتورط هذا الشاب بموقف غامض يسلب منه سعادته وراحة باله… تتوالى بعد ذلك اشتباكاته مع العالم الجديد فيجد القبح في كل مكان بدلاً من الجمال الذي رآه أول مرة، كما يهتز إيمانه أمام الموت البشع للناس وتمزق طفل إلى أشلاء أمام عينيه في إنفجاررهيب.
يضع محمود العالم الذي يراه للمرة الأولى تحت فحص التأمل من جديد، فقد أملى عليه الجميع خياراته وأفكاره ولم يكن له درب خاص به وهو أعمى، وهو الآن يريد أن يكون… تتوالى الأحداث بعد ذلك مرة أخرى وتجعله يقف وحيداً في مواجهة العواصف. وتحدث الكثير من اللحظات الحاسمة في حياته تجعله يهجر العالم أو يعود إليه من جديد حتى الخلوص إلى نفسه والعثور عليها في نهاية المطاف. شاي العروس هي طريقة عراقية فنتازية لصب الشاي يكون فيه الماء الابيض في الاسفل والشاي الأسود في الأعلى، وهكذا هي الدنيا لبطل الرواية (محمود) بلونين هما الأسود والأبيض تماماً مثل شاي العروس.
تقول ميسلون :-بدأت فكرة الرواية عندما كنت أتناول طعام الفطور، وكان بخار الشاي يتصاعد إلى أعلى، فقلت لنفسي هذا المشهد البسيط لو رآه شخص للمرة الأولى سيصاب بالدهشة والذهول، ولربما سيمد يده إلى البخار ليرى هل سيترك أثراً على أصابعه، وقد يتساءل لماذا يتصاعد إلى أعلى ولا يتفرق في جميع الجهات. من هنا ولدت فكرة الرواية. أي أنني تحديت نفسي في أن أصف العالم كما لو كنت أراه واكتشفه للمرة الأولى، وأنا بطيبعتي أشعر بالسعادة وقت الصباح، واستيقظ للعالم وكأني أراه لمرة الاولى، ولهذا وضعت نفسي بين قوسين من الصمت، واضافت ميسلون :-ورحت أتأمل العالم بطريقة محمود بطل الرواية الأعمى الذي يدور على نوافذ البيت، بعد أن أبصر فجأة، فيشعر بالدوار ويفقد احساسه بالتوازن.. بل لا يستطيع ضبط خطواته، بعد أن عاد إليه النظر، لأن التفاصيل كثيرة من حوله، وهي تعيقه عن الشعور بالاستقرار، خصوصاً عندما يصعد إلى السيارة، فيشعر بأنها عندما تتوقف، والسيارات بجانبها تسير، بأن الأرض كلها تتحرك، وأنه فاقد تماماً للتوازن الذي كان يشعر به في عماه..
وتؤكد ميسلون ان هذه الرواية كان عنوانها الأصلي (السماوات والأرض)، وبقي هذا العنوان ملازماً للرواية حتى الانتهاء من كتابتها. ثم بعد ذلك وجدت العمة هاجر تقول لمحمود في يوم مترب أثناء فتح الستارة: أنظر إلى الدنيا صايرة حمرة وبيضة مثل شاي العروس.. فقلت إن هذا العنوان مناسب أكثر من (السماوات والأرض).. وإن كان العنوان الجديد (شاي العروس) قد لا يوحي بأن الرواية فلسفية تتحدث عن أزمة بطلها محمود مع الوجود. وليس عنوان الرواية فقط هو الذي تغير، وإنما نهايتها أيضاً، فقد كانت الرواية تنتهي، في مسوداتها الأولى، مع انكشاف لغز المرأة التي قامت بإغواء محمود.. ألا أن محمود تمرد على هذه النهاية بعد ذلك، وقام برحلة إلى أمريكا بتشجيع من صديقه الموسيقي الذي هاجر قبله.. هناك ستحدث مشاكل وأزمات أخرى لمحمود سواء مع نفسه أو جيرانه أو صديقه الذي يترك الموسيقى وينخرط في حياة جديدة سائقاً لشاحنة.. خلال تلك الرحلة الجديدة سيكتشف محمود نفسه والعالم، كما يخلص إلى أن الدنيا التي يعيش فيها هي بعدة ألوان وليس بلون واحد.