وسام رشيد
منذ سقوط النظام السابق في العراق توالت على الحكم شخصيات شكلت فيما بعد الحركات السياسية التي تسببت في جملة من المشاكل والكوارث التي حلّت بالبلاد وفي مقدمتها الأرهاب، هذه المراكز القوية آستباحت المناصب والأموال ولم تفلح في بناء إنموذج ناجح في كل المحافل، وهلى كافة المستويات السياسية والخدمية.
هذه القوى تملك ماكنة إعلامية قوية وجيوش الكترونية ضخمة تحاول صناعة رأي عام أو مزاج شعبي بأساليب إحترافية مدعومة، لغرض إعادة تصدير هذه القوى التي تمثل الحرس القديم للعملية السياسية،(وهم الشخصيات والكوادر الحزبية الرائدة في قيادة العراق بعد سقوط النظام السابق) معتمدة على ما غنمته من ميزانيات هائلة كانت موجهة لخدمة المواطنين، في قطاعات الصحة والتعليم والأمن والخدمات البلدية التي عانت من أزمات حقيقية في البنىٰ التحتية، ومستلزمات قيامها.
إعادة الترويج لهذه المراكز (القوية) مالياً واعلامياً يستوجب إشعال ازمات من نوعية، وغالباً ما تكون طائفية كونها مضمونة النتائج لانها شديدة الحساسية اذ تتعلق بمعتقدات الناس.
الحرس القديم يعيّ إن الاصطفاف العرقي والطائفي(المذهبي) هو إسلوب ناجح لاعادة انتاجه مرة أخرى وإن كان بصور وألوان تختلف عن الماضي.
العملية الانتخابية القادمة ستكون صعبة وليس كمثيلاتها في الانتخابات السابقة والتي سبقتها ذلك لسببين:
اولا: هناك تغيير نمطي في قراءة الشارع ورؤية الجمهور، فما كان يصلح عام 2010 او 2014 لم تعد له فرصته سانحة الان، فهناك دماء جديدة دخلت جمهور الناخبين، لم تشارك في للانتخابات السابقة بسبب العمر، هذه الفئات لا تفهم خطابات الساسة السابقين، ولا تهتم لشعاراتها، وتنظر لبرامج العمل كمعيار للنجاح والفشل، بل وأكثر من ذلك إن هذه الفئات لا تسمح مطلقاً لشخوص العملية السياسية القديمة أن يخوض بخطبات الوعود الرائفة دون ردة فعل تستهجن وتستنكر تلك الخطابات.
يجمع المراقبون للشأن العراقي ان المواطن في هذه الاجواء المشحونة ضد فساد الحكام منذ سبعة عشر عاماً، أصبح يفتش جيداً عن أشخاص ووجوه جديدة تتحدث بالارقام عن عمليات بناء وتوفير فرص عمل وشق طرق وتشييد مؤسسات، كما يحدث الان في المناطق المحررة، وحجم الرفض المرصود عبر وسائل التواصل الالكترونية لشخوص العملية السياسية وقادة الاحزاب والحركات الماسكين بزمام السلطة والمعارضين لهم على حدٍ سواء، وتشجيعهم تجارب جديدة ناجحة في مدنهم كما يحدث في الرمادي وبعض المدن الاخرى في الغربية، ودعمهم بشكل واسع اشخاص نظموا مؤسسات الدولة هناك وفعلوا العمل بشكل لافت للنظر مثل رئيس مجلس النواب وفريقه الذي يحظى بدعم استثنائي في الاوساط الشعبية والفعاليات الاجتماعية هناك.
ثانياً: ما افرزته احتجاجات تشرين من روحية تتصاعد مع كل حدث وخاصة في الانتخابات القادمة ، حيث ستوفر فرصة لجماهير واسعة لاختيار الأكفئ، فهذه الروحية فرضت التزاماً اخلاقياً على ابناء المناطق والمحافظات كافة بإن يكونوا اكثر حرصاً في اختيار المرشحين، وفرضت نوعاً من التفاعل في اوساط الشباب يساعد على اختيار يخضع الى تقييم ودراسة تجربة.
المتابعون للشأن الداخلي العراقي وللخارطة السياسية بعد الانتخابات يتوقعون توسعاً لكوادر الجيل الجديد في المناصب والمواقع السياسية والخدمية على حساب انحسار لعناصر الحرس القديم للعملية السياسية وتواجهم في الأجهزة الحكومية.
معيار العمل والمنجز سيكون حاضراً بقوة في الحملة الانتخابية القادمة، وانطلاقاً من هذا المعيار فان هناك اسماء واشخاص وكيانات سياسية بأكملها ستزول حتماً من هذه الخارطة.
كذلك سيكون على مجاميع نجحت في تصدير نموذج ناجح بادارة الدولة ان تتحالف مع من يمثل تطلعات المواطنين للاستفادة من هذا الزخم الهادف للتغيير وسط اجواء تشجع على احداث هذا التغيير.