أميريكا تنتزع السلطة من طالبان وتسلمها الى طالبان

أميريكا تنتزع السلطة من طالبان وتسلمها الى طالبان

بعد عشرين عاما من الحرب

كتب المحرر السياسي للمستقل:

ربما يبدو رد الفعل الأوربي ازاء التحول الدرامي في افغانستان ابلغ الردود الدولية المرحبة بحذر بروتوكوليً باستعادة طالبان سلطاتها في افغانسان .فقد قال المتحدث باسم الاتحاد الاوربي (إن طالبان انتصرت في الحرب وعلينا الحديث معها مباشرة) وهو رأي مبطن يفتح الحديث على اكثر من معطى ضمن سياق واحد ان ماحدث خلال العشرين عاما الماضية ماهو الا حدث واحدا بمتغيرات وتوازنات وانتصارات وهزائم صغيرة كأي حالة كر وفر في الحرب التقليدية تنتهي كما انتهت الحالة الامريكية – الافغانية بوقف اطلاق النار وسلام دائم بين الطرفين أعلنه مقاتلو طالبان والخارجية الأمريكية معاً وهو بمثابة اعلان نهاية حرب بين الطرفين الذين تركا التفسيرات ورؤوس المحللين ومراكز الابحاث كنشغلة بانتاج الاسباب والتداعيات المستقبلية لما حصل .
لكن السؤال هنا هل انتصرت طالبان فعلا في الحرب؟ وهل الولايات المتحدة فعلا فقدت صوابها وتاثيرها وقدرتها وان انسحابها من افغانسان فشل لمشروع امريكي كبير في المنطقة مثلما هو مشروعها في العراق وقبلها في فيتنام والصومال كما اشار جانب واسع من تحليل ماجرى ؟ ،ام ان ماحصل يعد دهاء اميريكا ودرسا ثانيا في ضخامته بعد درس هيروشيما الصريح بان السياسة هي لامباديء لاثوابت بلا حدود،وأن اول لامبادئها ولا اخلاقياتها ..ان عدو عدوي صديقي ، وانها ارادت ان تستعين بطالبان في فتح جبهة مزعجة جدا لمحور العداء الموجه ضدها والمتمثل بايران وروسيا والصين فضلا عن ثأرها من شعوب المنطقة التي تطالب امريكا بالتدخل لتغيير الانظمة الشمولية العسكرية والراديكالية ثم تلعنها كل ساعة . لذلك وبخبث تاريخي تخرج اميركا من البلدان التي تحتلها بما يسبب اضعاف الاذى من جراء دخولها واحتلالها ؟ ومثلما احرجت اميركا عملاءها العراقيين بعد ان وصّفت دخولها العراق احتلالا وفق القانون فيما كانوا يصفونه بالتحرير ، هاي تحرج حكومة افغانستان التي جاءت على انقاض سلطة طالبان لتسحب البساط منها ومن جيشها وتكشف الغطاء عنهم فيغادروا بلطف كأي مرتزقة حان وقت انتهاء مهامهم دون اذى .
لكن الاهم في الامر جانبان : بعض التحليلات تفصل بين اميركا المؤسسة وبين ارادات رؤسائها ، وهو ايهام يصنعه الاعلام والسياسة لان استراتيجيات امريكا ومصالحها عقيدة فوق الاحزاب واهم من الرؤساء .. وان ماقامت به الولايات المتحدة ليس مشروع بايدن وانما هي مباحثات بين طالبان والجانب الامريكي كان اخر رعاتها دونالد ترامب وابرز مؤتمراتها المؤتمر الأمني السنوي في ميونيخ بألمانيا،بعد أن وجهت حركة طالبان رسالة إلى الشعب الأمريكي تدعوه إلى التفاوض،وهو بداية مكشوفة لسيناريو مشترك ترفع الرسالة بموجبه الحرج عن الادارة الامريكية للتفاوض مع الد اعدائها في المنطقة وربما في العالم . ثم الاعتراف افغانيا من قبل الحكومة بطالبان كحركة سياسية مشروعة الذي شهد منتصف عام 2020 تقاربا بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية لانجاز الاتفاق الذي أثمر أخيرا بل إن ترامب نفسه كان يراهن على أن اعادة قوات بلاده الى الوطن من افغانستان ستكون ورقة قوية في سباقه نحو ولاية ثانية ..اذاً ..لاحوار ترامب مع طالبان رعونة وشذوذ كما كان يصوره المتهكمون ، ولا صلح بايدن مع طالبان مخططات مشاريع خاصة بالديمقراطيين . كما هي الحال في تعامل بايدن مع مجمل سياسات سلفه الذي اتهمه بقرارات مرتجلة حمقاء لكنه يسير لاكمالها باسلوب يوهم الاخرين بانه يعارضها ، مثال ذلك الاتفاق النووي مع ايران الذي وضعه اوباما والغاه ترامب وتوقع العالم بان بايدن سيعيده كما هو ، الا انه ماطل بشراسة لحصد مزيد من التنازلات وحرف نقاط الاتفاق الرئيسة دون تطور يذكر .
الامر المهم الاخر هو قناعة الامريكان التي تناقض ادعاءاتهم ودعاياتهم من ان طالبان او القاعدة انما هي جماعات مرحلية تنتهي بموت قادتها وهاهي بعد جيل كامل تسلم لشباب حركة طالبان السلطة بعد أن انتزعتها من ابائهم وقتلتهم ورمت بهم في اقبية اقسى السجون من عشرين عاما !! . مايدل على أن حركات التطرف ليست بعيدة عن ميدان اللاعبين الكبار في رسم خارطة العالم ، وليس هذا درسا للطلبة وللسياسيين اليافعين بل هو طي صفحة من الحرب الشاملة خلال العشرين عاما الماضية وفتح صفحة جديدة تعيد عليها رسم خارطة لحروب قادمة بأدوار مختلفة لذات اللاعبين الاساسيين في المنطقة .

(Visited 6 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *