د. رقيق عبد الله – كاتب جزائري
يا دام عزك و طني و شعبي، فسلاما على روحك الطيبة و قلبك الكبير أيها الجزائري.
ها انت و منذ الازل تنافس الشموخ و المجد بين الجبال و البحر، الصحراء و الصخر.
ها انت و دون ملل تلبس لباس الصبر و تتحدى النار و العطش، الفتنة و المكائد.
يا دام عزك مشرق الحياة على ظفاف الزمن لتنير مجد الأمة و قضيتها، دون هرولة او انكسار و من عتمة كل ظلام، لتعزف منذ البدء ألحان الحب و السلام، المجد و الخلود لك ايها الشامخ امام التيه و ملامح القساوة و كيد الحاقدين، لك عشقي يا وطني.
ان بداية الكلمات سادتي القراء هذه المرة مختلفة نظرا لسياقات الزمن و شعورنا بالالم و كذا بالفخر.
ان تراكمات و استقراء الواقع و تحليله، من حرائق الغابات باجرام و محاولة قتل روح التضامن و استبدال محبته بقتله لنشر الفتنة و البغي، يفرض علينا توضيح الخطاب وبنيته و دوره في تكوين وعي المجتمع بما يمر به في أوقات الأزمات، و ان اي أزمة تفرض علينا خطابا اجتماعيا مختلفا يتميز بالرعاية والحماية، و كذا التجاوب مع مخاوف المجتمع و غرس روح الامل ومنه يجب على النخبة بأشكالها رفع درجة الوعي
وبث الطمأنينة والثقة والروح المعنوية للأفراد و الجماعات.
ان الخطاب المجتمعي هو كل إنتاج ذهني منطوق أو مكتوب للفرد أو الجماعة سواء كان حقيقيًّا أم اعتباريًّا، سياسيًّا أو اجتماعيًّا، فعليه مراعاة و الأخذ في الاعتبار الظروف والسياق الذي يقال فيه.
فلغة الاستبعاد والتهميش و الظواهر الصوتية و كلمات الصراخ المؤججة للمشاعر في الأزمات هي في الحقيقة تقود حتما إلى الفتنة و الكراهية عبر مستويات معقدة من التعصب بين المجتمع الواحد، و منه يخفت صوت العقل و الحكمة لنجد أنفسنا امام استُخدام خطاب الكراهية الممارس في الحياة العامة و نحن في ظل الأزمة.
إن خطاب الكراهية يُضعف المجتمعات ويدمرها، كما يعمل على زرع بذور الخوف وانعدام الثقة في نفوس أفرادها. فإذا تركناه دون رصد ومراقبة، يمكن أن يؤدي إلى تفشي ظاهرة العنصرية المقيتة المفككة للتعاقد بل و لقيام المجتمع و الأمة ذاتها.
أن نزع خطاب الكراهية في هذه الظروف يتطلب استجابة فورية من النخبة المثقفة في الاجتماع و الفلسفة، العرفان و الفقه، و كذا صانعي السياسات والإعلاميين. و الانطلاق في معالجة الدوافع الرئيسية لإنهاء الخطاب الاجتماعي الغير متفهم للأزمة،
فمن واجب الجميع العمل على رفع مستوى الوعي و توضيح مخاطر التمييز والتعصب.
فنشر الشائعات أو المعلومات الخاطئة او محاولة إغراق فضاء وسائط التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية بالرسائل السلبية هو عمل مدبر لكسر الروح الايجابية الداعية إلى السلام والتسامح و التي تميز بها المجتمع الجزائري عبر الزمن و التاريخ.