. .
الرئيس قيس سعيد : إذا كانت الديمقراطية لحماية الفاسدين والقانون يطبق فقط على الضعفاء، فهما لايمثلان ارادة الشعب.
متابعة وكتابة المحرر السياسي
في واحد من أيام تونس بدأ رئيسها قيس السعيد بقول الحجاج بن يوسف الثقفي (أما والله إني لأحمل الشرَّ بحملهِ وأجزيه بمثله).. مضيفا لها ( أحمل الخير بلا نهاية ) ليعلن في الخامس والعشرين من تموز يوليو تجميد البرلمان واقالة الحكومة وإعادة عقوبة الإعدام وتسليم شؤون الدولة بيد الجيش مايمثل صفحة جديدة من تاريخ هذه البلاد والمنطقة لاتبتعد كثيرا عما حصل في مصر التي اجتثت الأخوان المسلمين واطاحت بالنظام الذي مهد صعودهم الى السلطة في مصر، كما لاتختلف عن النبرة المدنية المعتادة التي عرفت بها تونس للخروج من انفاق السلطات الدينية والتحكم العقائدي بالحياة داخل الدولة منذ مؤسسها الراحل الحبيب بو رقيبة حتى الرئيس الباجي قائد السبسي. فقد وجه سعيد في ذلك اليوم الاستثنائي نداء إلى مواطني بلاده مؤكدا ان تونس تمر بلحظات تاريخية وصعبةوأنه سيتحمل “المسؤولية الكاملة” من أجل الشعب على حد قوله.
سعيد : كان هناك من يسعى إلى تفجير الدولة من الداخل
مضيفا أن الأوضاع في تونس وصلت إلى “حد لم يعد مقبولا في كل مؤسسات الدولة”، مشيرا الى انه “كان هناك من يسعى إلى تفجير الدولة من الداخل“.
استشرى الفساد وصارت اللقاءات تتم مع من هم مطلوبون للعدالة ومع من نهب ثروات الشعب التونسي. بأي حق وبأي مقياس؟ كنت أعرف الكثير وأنا ملازم للصمت، لأنني آثرت أن أحترم المؤسسات كما جاء بها الدستور، وما زلت إلى حد اليوم متمسك بالنص الدستوري” فقط رفض اسعيد توصيف الانقلاب الذي سارع الاعلام والمراكز البحثية والمعارضة الى اطلاقه على ماحدث بالقول : لا أعرف في أي كلية حقوق أو علوم قانونية درسوا. كيف يكون الانقلاب بناء على الدستور؟ هذا تطبيق لنص الدستور، والفصل الـ80 من الدستور منح رئيس الجمهورية الحق في اتخاذ التدابير التي يراها لازمة في حالة وجود خطر داهم .
واضاف سعيد “لقد حولوا الانفجار الثوري غير المسبوق في تونس إلى غنيمة، وتم السطو على إرادة الشعب بنصوص قانونية وضعوها على المقاس كما أرادوا لاقتسام السلطة. نكلوا بالشعب التونسي تنكيلا مستمرا متواصلا في حياته اليومية ومعاشه والتعليم والصحة والحد الأدنى لحقوق الإنسان، واعتقدوا أن الدولة لقمة سائغة والفقير المدقع ليس إنسانا وليس له أبسط الحقوق المشروعة لحفظ كرامته الإنسانية .
سعيد : تلويح بالقوة وصلح لإعادة الأموال المنهوبة
لم يكن مايحدث في تونس لم يكن مفاجاة في منحاه التغييري فقد تصاعدت الاحتجاجات وتوترت الاوضاع وبدت مظاهر الانهيار المعيشي والفوضى السياسية تؤسس ارضية لاي تغيير بالقوة بانتظار الرجل الذي يجرؤ على حذف المشاهد المشوهة من الحياة التونسية وبتر ما حمله الربيع العربي المزعوم من منحدرات وقعت ضحيتها شعوب عربية عدة كانت فريسة للديمقراطية التي استولى عليها الأسلاميون وابتعدوا عن تفاصيل بناء الدولة الى النفق العقائدي الذي لاينسجم مع حاجات الناس المباشرة ولاتنسجم مع غيلان الفساد التي تبتز الشعوب ،لكن امرا كهذا لايخضع للتسلسل المنطقي في الاحداث حيث لابد من باعث اساسي أو داعم أو رؤيا دولية تريد الغاء ماتبقى من مظاهر الربيع العربي بعد أن فشلت التيارات الاسلامية وفي مقدمتهم الاخوان المسلمون في تجربة الحكم واظهرت المسؤولية المباشرة خواءهم والتفافهم على السلطة دون بدائل للمجتمع المتعطش للحرية والعيش الكريم . .ردود الفعل الدولية المترددة باتجاه مباركة مايحدث تشي بذلك وتدفع للتخوف من تبعات غير متوقعة لما يحدث لاسيما وان الرهان الشعبي يظل قلقا من الوعود ومزالق الحكم العسكري رغم نوعية الرئيس سعيد رجل القانون وحقوق الانسان والخبير القانوني الذي تتلمذ على يديه جيل كامل خلال الثلاثين عاما الماضية هذا الذي لبس وجها متجهما منبها من يفكر في اللجوء للسلاح… ومن يطلق رصاصة لان القوات المسلحة ستجابهه بالرصاص“.مع ذلك فان فتح ملف الفساد والاعلان عن سرقة ما يقرب من 13 مليار دينار تونسي اي مايعادل ارعة ونص مليار دولار من قبل 460 شخصا دعاهم الى تنفيذ مشاريع للفقراء انما يغري الجمهور الذي وجد نفسه في منحدر سياسي وأمني واقتصادي خلال المرحلة الماضية..الأمر مرهون بحجم ردود الفعل وانفتاح البلاد على أحداث محتملة، لكنها غير مقلقة حتى الآن بسبب الانتقال الانسيابي للسلطة وسيطرة الجيش والتحسب لما يحدثوتنبيه الرئيس سعيد “ لا أريد أن تسيل قطرة دم واحدة، وهناك القانون وهو يطبق على الجميع”. كذلك الترحيب غير المسبوق بانهاء مظاهر الحياة البرلمانية التي تحولت الى شكل يشرعن الفساد ويدفع بالبلاد الى الانهيار .