افغانستان من الاحتلال الامريكي الى التحالف الصيني الروسي

افغانستان من الاحتلال الامريكي الى التحالف الصيني الروسي

 

المحلل السياسي / المستقل

منذ ان بدأت القوات الامريكية بالانسحاب من افغانستان قامت قوات حركة طالبان بملء الفراغ وبسط سيطرتها على الاراضي والمدن والمعسكرات التي تم الانسحاب منها ، ولم تكتفي الحركة في نشر مقاتليها في المدن ، لا راحت تنسج علاقتها الخارجية وتحالفاتها الدولية وتخطط لمرحلة ما بعد الانسحاب ، فقد وصل
و فد افغاني مؤلف من تسعة قياديين طالبانيين ونائب رئيس الحركة بارادار آخوند الى العاصمة الصينية بكين والتقى بوزير الخارجية الصيني وانغ يي ، وعدد من المسؤولين الاخرين بينهم امنيين وسياسيين .

هذه الخطوة اقلقت الولايات المتحدة ، خصوصاً وانها في صراع نفوذ سياسي واقتصادي مع الصين .
كما توجست الولايات المتحدة من ان تتحول افغانستان بعد الانسحاب الى قاعدة انطلاق جديدة لخصمها التنين الصيني.
فرغم السنين العشرين التي قضاها الجنود الامريكان على الارض الافغانية ، الا ان حركة طالبان بقيت صامدة متماسكة، وظهر ذلك عن انسحاب القوات الامريكية ، فقد كانت الحركة مستعدة للانتشار مرة اخرى .
كما انها تخطط لمراحل قادمة .
ولعلها تعلن اماراتها بعد اكتمال الانسحاب في سبتمبر القادم

أفغانستان تُعتَبر “سُرَّة آسيا” بسبب موقعها الاستراتيجي، حيث لها حُدود بريّة مع سِت دول هي: باكستان والصين وطاجيكستان وأزبكستان وتركمنستان وإيران، وتُشَكِّل قومية البشتون التي تنتمي إليها حركة الطالبان ما يَقرُب من 45 بالمِئة من مجموع سُكّانها.
وانقلب السحر على الساحر

ارادت الادارة الامريكية اعادة سيناريو محاربة الاتحاد السوفييتي من خلال دعم وتجنيد المجاهدين الافغان ، ولكن هذه المرة ضد الصين ، وتحويل افغانستان الى قاعدة لحركة تركمانستان الاسلامية التي تمثل اقلية الايغور الصينية ذات الجذور التركية ، لتزعج الصين من خلال قيام مقاتلو حركة الايغور بشن هجمات ضدّ الصين.
وكما ارادت امريكا الثّأر من الاتحاد السوفيتي إثر هزيمتها في فيتنام ، تريد هزيمة الصين من خلال دعم الايغور ، وقد هيأت. لذلك ، ولكنّ ما لا تُدركه الولايات المتحدة أنّ أفغانستان تغيّرت، ولم تعد السعوديّة كما كانت ، فقد تخلّت عن الوهابيّة وباتت بشكل. مختلف ورفضت من كُل شيء اسمه الجِهاد والتطرّف.
والامير محمد بن سلمان له توجهات مختلفة ، تركز على الداخل السعودي ، ويريد تفجير طاقات شبابه في البناء والتحضر . والشعار الجديد الذي ترفعه المملكة وان كان سراً هو ” ولى زمن التطرف ”
فالمتغيرات التي عصفت بالعالم تمنع تكرار مثل هذا السيناريو .
الصين من جانبها كانت اكثر ذكاءاً من امريكا فقد ارسلت اشارات دعم الى افغانستان ، كما ان الحركة اصبحت اكثر تجربة وخبرة ووعي بالمخططات الامريكية . فقد بادرت بكسب ود الصين من خلال تصريح السيّد محمد نعيم المُتَحدِّث باسم حركة طالبان الذي قال في تغريدةٍ له على التويتر إنّ وفد حركته الزّائر للصين حرص على التّأكيد للمَسؤولين الصينيين أنّه لن يسمح لأيّ أحد (أمريكا) باستِخدام الأراضي الأفغانيّة لمُهاجمة الصين.
الصينيّون في المُقابل تعهّدوا بإقامة علاقة قويّة مع إمارة أفغانستان الإسلاميّة القادمة، ولَعِب دور كبير في عمليّة الإعمار، وضخّ المِليارات للاستِثمار وتعزيز الاقتِصاد الأفغاني، والرّسالة هُنا واضحة: الأمريكان يُدَمِّرون ونحن نُعَمِّر.

 

وعلى صعيد العلاقات مع روسيا كذلك قام وفد من حركة طالبان بزيارة موسكو قبل بضعة أسابيع، والتقى بالمسؤولين الروس وتحدث معهم في ترتيب العلاقة المستقبلية ، فالخارطة تتبدل والاحداث تتسارع .
لكن ما يدور في كواليس السياسة وفي المطابخ الدولية هو استعداد لرسم خارطة علاقات وتحالفات ًجديدة في اسيا. والشرق الاوسط .
هذه الخطوات الافغانية التي تبدو مفاجئة ، لكنها عادية لو علمنا ان وراء هذه التحركات باكستان الأب الرّوحي لحركة طالبان والمُؤسِّس الفِعلي لها، باكستان التي تُعتَبر الحليف الاستراتيجي الأقوى للصين قي شرق آسيا، ومن الطّبيعي أن تَقِف الحركة في خندق حُلفائها، والصين خاصّةً، وربّما يُفيد التّذكير أيضًا بأنّ موسكو أرسلت أسلحة لحركة طالبان ورصدت مُكافآت لكُل من يَقتُل أمريكيًّا في أفغانستان حسب اتّهامات أمريكيّة.
حركة طالبان تُسيطِر حاليًّا على الغالبيّة السّاحقة من المعابر البريّة مع دول الجِوار، خاصّةً اللّسان الذي يَربِطها بغرب الصين، ويُقدَّر عرضه بحواليّ 75 كيلومترًا، علاوةً على أكثر من 90 بالمِئة من الأراضي الأفغانيّة، وهي في انتِظار انسِحاب آخر جندي أمريكي لإعلان قِيام إمارتها.
الحركة هزمت أمريكا، وكلّفتها أكثر من ترليونيّ دولار وحواليّ 3500 قتيل من جُنودها، وبهذا بدأت واشنطن في الاستِعداد للثّأر من هذه الهزيمة بتأسيس قيادة عمليّات عسكريّة في الدوحة قد يكون من أبرز مهامها تجنيد “المُجاهدين” الجُدد وسلّحتهم ضدّ الطالبان والصين معًا، والغطاء الأيديولوجي والعِرقي جاهِز.. واللُه أعلم.

(Visited 10 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *