كتب : علاء الخطيب
ًمن الصعب وضع تعريف مناسب او وصف دقيق للعلاقة العراقية الامريكية ، هل هي ” تحالف ام صداقة أو عداوة ”
وربما ينطبق عليها الصفات الثلاث جميعها ، فهي تحالف من جهة وصداقة من اخرى وعداوة ثالثة، فهي علاقة غير واضحة المعالم والحدود .
فهناك علاقات امريكية عراقية وليست علاقة واحدة .
وسبب هذا الالتباس هو التخبط العراقي في تحديد شكل العلاقة، وهو ناتج عن غياب الخطاب السياسي الموحد للدولة العراقية، وغياب الدولة الموحدة بشكل عام ..
فهناك اطراف سياسية مشاركة في الحكومة تنظر لهذه العلاقة بعين العداوة و اطراف اخرى تعتبرها علاقة صداقة وتحالف .
فالولايات المتحدة تتعامل مع العراق كاطراف وليس كدولة ، فهي تضرب خصومها وتغتال قادتهم، وتدعم اصدقائها وتغض الطرف عن اطراف اخرى.
تتواجد القوات الامريكية على الارض العراقية والعراق لا يعلم عددهم وتحركاتهم ومهامهم ، وشروط بقائهم ومدته .
وكل هذا يجري في دولة واحدة وتحت علم واحد .
ازدواجية التعامل الامريكي مع الاطراف العراقية خلق نوع من غياب القرار الحكومي .
فالبرلمان في واد والحكومة في وادٍ اخر ، البرلمان يريد والحكومة تريد .
وامريكا تفعل ما تريد.
رئيس الحكومة العراقية السيد مصطفى الكاظمي يعلن انسحاب القوات الامريكية وتحويل مهامها الى استشارية وتدريبية بعد ان كانت قتالية ، والمتحدثة باسم الخارجية الامريكية جيرالدين كاسام كريفييت تقول ” لا انسحاب من العراق بل تطور في شكل العلاقة” وتقول مجلة فورين بولسي الامريكية ” ان الانسحاب الامريكي من العراق على الورق فقط ”
هذه المواقف المتباينة تزيد العلاقة التباساً.
ثم ما هو موقف العراق من القواعد الامريكية على اراضيه .
علاقة الولايات المتحدة بدول الجوار مثلاً هي علاقة تحالف واضحة المعالم ، فهناك قواعد عسكرية رسمية واتفاقيات امنية موحدة وثقة متبادلة الى حدٍ ما . بينما في العراق هناك قواعد امريكية غير رسمية ، وثقة مفقودة واتفاقيات معوقة،
فالولايات المتحدة تعقد اتفاقيات لتسليح الجيش العراقي، اطراف تعترض واطراف توافق ، وامريكا تمتنع عن تزويد العراق بما يحتاجه لامنه وسلامته. متعذرةً بعدم التوافق الداخلي مرة او بالتخوف من واقع القوات العسكرية والامنية المبنية على قاعدة التوازن الاستراتيجي المكوناتي ، وهو تحاصص المكونات في المؤسسات الامنية والعسكرية.
وهذه النقطة بالذات مهمة جداً وفي غاية الاهمية ، اذ تجعل القوات العسكرية متوزعة الولاء وبلا عقيدة. وغير خاضعة لسلطة القائد العام للقوات المسلحة سوى بالاسم .
وربما يكون للولايات المتحدة الحق في ذلك ، فلايمكن ان تزود واشنطن بغداد بالسلاح ويذهب بعد ذلك لخصوم امريكا ، ولا يمكن ان تثق امريكا بالقوات العراقية وهو موزعة الولاء، ولا تأتمر بامرة القائد العام للقوات المسلحة .
ولكن من ناحية اخرى لا يجوز للولايات المتحدة ان تسلح طرف وتضعف طرف اخر في بلد واحد ، مما يخلق صراعات ، ربما تكون خفية الان ولكنها ستظهر بعد حين .
ولكن خلاصة القول ان مسألة انسحاب القوات الامريكية من العراق مرهون بالموقف العراقي وليس الامريكي ، فحينما لا يمتلك المفاوض العراقي اوراق قوة ليفاوض عليها وليس له موقف موحد ، لا يمكنه ان يطلب ،،فكيف يطلب منه ان يفرض شروطه على الطرف الاخر ، وهو ضعيف، او فاقد الشيء لا يعطيه .
فالعلاقة المربكة والمشوشة مع اقوى دولة في العالم واكثرها تأثيراً يجب ان تكون واضحة كي يحصل العراق على مزايا هذه العلاقة او نقيضها، او قد يجد بديلاً لها .
بغداد وواشنطن والعلاقة الملتبسة / علاء الخطيب
(Visited 22 times, 1 visits today)