تتقاسمُ الحرائقُ حياة العراقيين. الحرائق المنظمة والعشوائية. الحرائق المنسية والتي تدخل ارشيف الذاكرة العراقية سريعة النسيان بمجرد حدوثها. الاسباب غير مهمة والنتائج لاتعني احدا غير الضحايا. الدولة العريقة والمتمرسة بتصفية الانسان لها سيناريوهات جاهزة ومكتوبة لتفسير الحرائق وهذه السيناريوهات المعدة سلفا لاتشتبه بالدولة ولاتثير اسئلة حول ضلوعها كراعٍ اساسي للحياة في هذه البقعة المغضوبة عليها بلاد مابين الحرائق.
للعراقي وهو يواجه الحرائق الحق دائما في ان يسأل
من قتلني؟
من قتل العراقي تحت نصب الحرية وهو يبحث عن آدميته المسحوقة بنعال الظلم والفساد.
من قتل العراقي؟
وهو لم يتسن له ان يلتفت ليعرف وجه قاتله
ماكان سيمانع ان يغرز الوغدُ نصله في صدره العاري المكشوف لانياب الظلام
لو فقط منحه فرصةً للوداع.
من قتل العراقي في ساحة الطيران وهو يبيعُ عمره الشحيح على ارصفة الجوع والكرامة المهدورة.
من قتل العراقي؟
في كل زمان هناك قتلة وضحية واحدة لاتجد جدارا تستند اليه فتعوي من الالم.
في كل بيت من بيوت الشمس شاهد على حضور الموت :
على الاسرة
في السطوح المفتوحة على السماء
في القمصان التي تروي هزيمة المدينة
في صور العائلة على جدران الغياب
في القصص المبتورة كما الاذرع في خنادق الحرب
في ترنيمات الامهات العاجزة
في الرسائل التي يكتبها سعاة البريد
على عجل
في ردهات المشافي التي تسلم نزلائها من الكورونا الى الحرائق المنظمة
في الاكف التي صفعتنا والاكف التي باركتنا
في ارتجاف الهواء المصادر قبل ان يصل الرئات العليلة.
نسينا حريق مستشفى ابن الخطيب ببغداد وسننسى حريق مستشفى الحسين في الناصرية.
وسنستعد لحرائق المستقبل بقلوب مطمئنة واعمار قابلة للاشتعال.
وسيظل العراقي يسألُ
من قتلني؟
بلا صوت
لأن رئته العليلة تسيدها الدخان.
من قتلني؟ / د. احمد مشتت
(Visited 4 times, 1 visits today)