ناجي الغزي – كاتب ومحلل سياسي
العلاقات الدولية مفهوم يعاني من الغموض والعمومية مما يجعل من الصعب الثبات على موقف محدد او سياسة موحدة في اطار تلك العلاقات. وهذا يعد فعل مستحيل او مستبعد في ظل خارطة العلاقات والمصالح الغير متكافئة احيانا او التي تعاني من فقدان معايير التوازن التي تتوحد من جهة وتتضارب من جهة أخرى. و هذا يجعل السير أو التقدم في هذه العلاقات السياسة الدولية أمراً مستحيلاً . وما يجري ضد الدول الضعيفة والهزيلة من ضغوط سياسية وإقتصادية تفرض عليها إتخاذ مواقف مغايرة لثوابتها ومواقفها. وهذا ما يحدث مع الاطار الذي يحكم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الامريكية، على المستوى السياسي والامني والاقتصادي. وأغلب تلك العلاقات الدولية الغير متكافئة فشلت في الكثير من محطاتها السياسية والإقتصادية والأمنية، لكون المصالح لازالت تتغلب على الحقوق والحقائق السياسية. ولا تزال عوامل القوة تتغلب على الحق والقانون. ولا زالت مصالح الدول تفرض نفسها اقتصاديا دون أدني اكتراث أو اعتبار لمدى تأثير هذه التداعيات على الدول الأخرى التي لا تمتلك هذا التوازن. فتبقى هذه الدولة الهشة والضعيفة تعيش في فلك الدولة الكبيرة والمتطورة كتابع لا تستطيع ان تثبت لنفسها وللطرف الاخر قوة كيانها واستقلالية قرارها. لذلك نجد ان تلك الدول التي تعاني الوهن والضعف تحكمها الاملاءات والاجندات الخارجية. ومن هنا نجد أن العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية تشوبها الشكوك وعدم الثقة. لكون الإدارة الأمريكية لم تحقق ما تطمح له الحكومات المتعاقبة والشعب . فامريكا منذ 2003 لحد الآن تمارس الابتزاز السياسي وتمارس الضغوطات الاقتصادية وتتحكم بملفات ومفاصل إستراتيجية مهمة في الدولة العراقية. مثل تعطيل ملف الكهرباء وعدم السماح للعراق بتطوير منظومته الأمنية وتنوع سلاحه. وكذلك ملف الارهاب فهي غير جادة في محاربته وتجفيف منابعه وغلق منصاته الإعلامية. فقد اصبح الارهاب واضحا ومتضحاً لكل من يريد تمريره والاستفادة من نتائجه. وقد ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية بخلق نزاعات فئوية وفتن طائفية وصراعات قومية داخل الساحة السياسية. لإسقاط مفهوم الدولة العراقية ليبقى العراق ساحة مفتوحة على كل الاحتمالات والصراعات. وهذا ما جعل المنطقة تشكل بؤرة صراع ونفوذ حاد لكل الدول الاقليمية من أجل تفتيت أواصر المنطقة وضرب مكتسباتها التاريخية و حدودها الجغرافية. فمن خلال هذا المشهد المتسارع وهذا التعثر المقصود لايمكن إنكار مفهوم المؤامرة أو غض النظر عن أثرها وآثارها في الواقع المتكلس.