د.احمد الميالي
تتنوع وتتعدد معاني القيادة ودلالاتها، اذا لاتوجد محددات ثابتة لها، وتبرز تعقيدات مفهوم القيادة مما يتضمنه من ابعاد اجتماعية ونفسية وثقافية لكن هنالك تعريفات مطروحة لماهية القيادة تحدد الدلالات الاساسية السائدة لها ومنها : ان القيادة هي تولي المنصب الاعلى في الدولة، وهي بؤرة سلوك الجماعة واعضائها واساس توجيه ذلك السلوك، كما تعرف بانها محور عملية الاختيار، وممارسة التأثير والنفوذ على الاخرين، وايضا هي عملية ممارسة السلطة المفوضة من اعضاء الجماعة، كذلك هي اداة الجماعة في تحقيق اهدافها وقيمها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
لا يدرك الكثير أن القيادة خدمة، ومهمة القائد هي خدمة شعبه ، وليس خدمة الشعب لقائده. في نهاية المطاف ، تتعلق القيادة بالتأثير على الأشخاص ، وليس إدارة الأشخاص أو إخبارهم بما يجب عليهم فعله، القيادة تقنيات ليست كتابية أو تقليدية وليست صفات تكتسب بالفطرة، ولكنها تكتسب من خلال التعلم من التجارب وتراكم الخبرات وتوظيفها للاهتمام بالناس والتفاعل معهم.. من هذا المنطلق عدة خصائص ووظائف للقيادة السياسية الفاعلية واهمها :
١- الوظيفة الرئيسية للقائد هي خلق قادة أكفاء (لا أحد يولد قائداً ).
يتحمل القادة التنفيذيين وقادة المجتمع العديد من المسؤوليات ويعيشون حياة مزدحمة للغاية ، ولكن أهم سمة تميزهم هي مساعدة الأشخاص المقربون منهم والمحسوبين عليهم على القيام بأشياء ايجابية تغير المجتمع للأفضل ، النقطة الاساسية التي يعرف بها القائد، ببساطة هي العمل على خلق قاعدة شعبية منسجمة معه بشكل أسرع وبالتالي يصبح هذ القائد مسؤولا عن خلق قيادات جديدة.
فالعالم مليء بالأشخاص الأذكياء والمشاكل الكبيرة التي يجب حلها ، لكن هنالك نقص في الأشخاص الذين يتحملون المسؤولية الكاملة عن تلك التحديات الكبيرة ويطمحون لحلها.
٢- اهم وظائف القيادة ايضا مساعدة الناس على الاعتقاد بأنهم يستطيعون القيام بأشياء كبيرة : أن التحدي الأكبر للقادة ليس نقل المعرفة أو المهارات او استعراض الحنكة ومقدار التأييد والشعبية ، ولكن مساعدة الناس عندما يواجهون تحديات هي النقطة المركزية ابتي تميز فاعلية القائد ، فالخوف يبطئ ويحد من الإبداع. القائد القلق سوف يضاعف الخوف ويحد من إمكانات اتباعه والمجتمع الذي يعيش فيه، فمن المهم أن يشارك القائد بما يكفي ليقول بثقة لجمهوره، “إنكم على قدر المسؤولية امام المهمات الكبيرة ، وأنا أعلم معكم يمكنني القيام بمواجهة التحديات”، مساعدة الناس على الاعتقاد بأن بإمكانهم القيام بأشياء كبيرة هو عمل مستمر للقائد واحد صفات القيادة.
٣- القيادة محاكاة وتطور : يجب ان يكون القائد أفضل مثال على التطور الشخصي والتقدم المستمر ، يحتاج القادة إلى إظهار كيف أنهم هم أنفسهم متعلمون مستمرون بالعطاء. كيف يمكنك أن تطلب من شخص ما التغيير والتقدم عندما لا تكون مثالًا ساطعًا للانفتاح والتغيير؟ لا يتوقف الأمر عندما تحصل على موقع او منصب مهم فحسب، اذ يمثل التطور والتقدم أكثر من مجرد وجود منصب او مركز او هيبة ونفوذ، بل يجب ان يعلم القائد بأنه ليس على حق دائمًا وغير قادر بمفرده على التغلب على المشاكل،
أجد أن القادة الأفضل والأكثر نجاحًا يتحدون أنفسهم باستمرار ويعملون على مواصلة التطور والتعلم ، لا أحد يرى ما يجري خلف الستار لأن معظم القادة يجيدون الظهور وكأنهم شجعان وأذكياء ولا يرتكبون أخطاء ، حتى عندما لا يكون الأمر كذلك.اذا ارتد القائد ان يكون الأفضل، فكل يوم، يجب ان يشعر بانه ما زال يتعلم أشياء جديدة ، ويشعر بانه بدأ يتقن القيادةوعليه التذكر دائما انه لا يزال يحتاج الى الكثير ليتقدم ويتطور ويتعلم.
٤- القيادة قدوة ، أحد أكبر تحديات القيادة هي إدارة التغيير والابتكار، اي ان يكون قادر على تحفيز اتباعه في الدولة والمجتمع وتوجيههم إلى النجاح من خلال كونه أول من يتبنى هذه التغييرات في موقعه، القيادة بالقدوة تعني اظهار واشعار الاخرين أن القائد يهتم بهم، عندما تكون القيادة بالقدوة ، فإن القائد يبني ويديم العلاقات ويعزز الثقة ويزيد من تأثيره الايجابي في الاخرين بدون هذه الخصائص الاربعة ، من المستحيل ان يسمى شخصا ما قائد او يصبح كذلك.
في حالة العراق تحتاج قياداتنا السياسية والاجتماعية الى التحلي بمثل هذه الخصائص والوظائف ، وفي السنوات الاخيرة المنصرمة بدأت تبرز قيادات سياسية شابة فاعلة في العراق، تتحلى بملامح القيادة التواصلية والفاعلة والمؤثرة، واجد في رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي انموذجا لذلك.
خصائص القيادة السياسية الفاعلة / د. احمد الميالي
(Visited 290 times, 1 visits today)