كتب: وسام رشيد
تصاعدت الأحداث في الإسبوع الماضي إذا اتسعت ما يمكن وصفها برقعة الشطرنج حول قصف فصائل متعددة لقواعد مهمة في الأنبار وناحية البغدادي ومطار اربيل الدولي وبعض المنشأآت العسكرية التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب، وبذلك تكون مساحة المعركة شملت كامل الأراضي العراقي، ولا يستبعد من ذلك إنها قد ترتبط بأحداث إقليمية دولية تشمل الملف النووي الايراني والحرب في اليمن والوضع في لبنان وسوريا.
وتبنت العملية مجموعة جديدة تسمي نفسها كتائب الشهيد أبو مهدي المهندس، وهي جزء من مجموعات تعلن عن نفسها وتختفي وصل عددها الى ما يقرب الخمسة عشر مجموعة منذ أكثر من عام الى الان، تقوم هذه المجاميع باعتراض الدعم اللوجستي للقواعد الأميركية أو القوات المتحالفة معها، وضرب بعض القواعد العسكرية، ولقاعدة عين الأسد النصيب الأكبر من تلك الضربات، فيما عدا إستهداف متكرر السفارة الأميركية في بغداد.
تزامنت هذه الضربات مع إستهدافات أخرى في شمال سوريا بطائرات مسيرة، ويعد هذا تطوراً نوعياً في النزاع الحاصل بين فرق المقاومة من جهة وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.
الواضح إن هذه المجامعيع ترتبط بمنظومات عسكرية ومدربة بعضها تلقى تلك التدريبات والتجهيز التكنولوجي العسكري خارج حدود العراق والبعض الآخر بتلقى دعماً إستثنائياً من بعض القوى المشاركة في العملية السياسية، بل إن هناك خلايا وفصائل هي جزء من القوات المسلحة ضمن تشكيلات الحشد الشعبي، اذ تدعم بشكل علني عمليات استهداف القوات الأميركية في العراق وتعتبرها محتلة.
المفارقة إن الحكومة العراقية باشرت ومنذ أشهر بإجراء محادثات سميت “الحوار الإستراتيجي” بين الولايات المتحدة والعراق، والغرض منها تحديد مصير الوجود العسكري الأميركي داخل الاراضي العراقية، وحاولت الحكومة أن تشرك بعض القادة السياسيين المرتبطين بتشكيلات عسكرية بعضها يعلن العداء للتواجد العسكري الأميركي في هذا الحوار المعقد والمطول، ورغم ذلك فإننا فإن الفصائل الضاربة التابعة للأجنحة العسكرية لم تنتظر النتائج التي قد تصل لها تلك المحادثات وتحديد موعد نهائي للانسحاب ومغادرة العراق، أو البقاء بعدة قواعد وبمهام محددة ومتفق عليها.
تواجد القوات الأميركية في العراق جاء وفق لإتفاقية الاطار الإستراتيجي التي صوّت عليها البرلمان العراقي عام 2008، وزاد عديد قواتها بطلب من الحكومة العراقية عام 2014 بعد سقوط عدة مدن عراقية تحت سيطرة د1عش والقوات المتحالفة معه مما يسمى بثوار العشائر وفصائل تابعة لحزب البعث المنحل وحركات دينية متطرفة كالحركة النقشبندية في الموصل.
العامل الأساس لقبول أو رفض التواجد الأجنبي في العراق والمكوّن لشرعية الرفض أو القبول هو غائب.
اذ ليس هناك أي اجماع شعبي عراقي على تبني موقف واحد حول هذا التواجد أو آلية التعاطي معه، وربما يعود ذلك لتباين المواقف والخلفيات السياسية والعقائدية والمكوناتية، والتجارب السيئة المتوالية منذ سقوط النظام البائد في العراق.
المقاومة خيّار شعبي يستوجب الإجماع لتهيئة بيئة تكفل حمايتها ونجاحها، وهذا لا يتوفر في معظم مناطق العراق، اذ لا يميل غالبية المواطنين الى تبني منهج المقاومة المسلحة ضد أي تواجد عسكري بسبب سوء الاوضاع المعاشية في البلاد، فيما يبدي أقلية تأييدهم لأعمال المقاومة ويحملون القوات الأجنبية مسؤولية أي إخفاق حدث في العراق منذ 2003 الى الان، ويؤيد قسم منهم بدواعي دينية وعقائدية.
السؤال الأهم في هذا النص:
هل يؤمن المقاومون بضرورة الإجماع الوطني تجاه القضايا المصيرية ومنها قرار الحرب ضد التواجد(بشكله القانوني أو غير ذلك)!
أو إن نهج المقاومة تفرضه اقلية تؤمن به وتسخر له جميع الامكانات التي تتعلق بالمواطنين كافة، وتتحمل الدولة والشعب تبعاتها دون المنتصرين والمنهزمين.
وفي ظني إن هذا السؤال لن يلقى أي إجابة في بلدٍ بات مستقبل أبنائه لا يملكه آبائه.