عشرون طائرة الى الهند / وسام رشيد

عشرون طائرة الى الهند / وسام رشيد

 

وسام رشيد

عشرون طائرة إسبوعياً تتجه من العراق الى الهند تحمل آلاف المواطنين الذين يبحثون عن علاج في مشافي شبه القارة الهندية.
الالاف من المواطنين العراقيين ومعهم ملايين الدولارات إسبوعياً تذهب لمستشفيات وفنادق وتكاسي ومطاعم وشركات الطيران في الهند.
المستشفيات المتطورة والامكانات الطبية الهائلة التي يبحث عنها المصابين بالامراض المستعصية والحوادث وميسوري الحال إستقرت في دول بعيدة وقريبة، دول ليست لها مقومات اقتصادية اكثر من العراق، ولم تتوفر فيها فرص نهضة حقيقية كما حدث مع العراق عبر تأريخه الحديث والمعاصر.
ايران والاردن وتركيا ولبنان والامارات والهند وحتى سوريا إستطاعت بناء مؤسسات صحية رصينة ومتطورة رغم امكاناتها المتباينة، فاصبحت هدف يتوجه اليه معظم المرضى في العراق الذي يتوفر لديهم عشرات الالاف من الدولارات، اذ يقوم بعضهم ببيع سيارته او الاقتراض او قد يصل الامر لبيع منزلهم لغرض العلاج خاصة اذا كان من الامراض السيئة والخبيثة التي يرتفع ثمنها حسب مقدار الاصابة وكمية العلاج وعدد التداخلات الجراحية فيها.

المؤسف ان العراق وخلال فترات سابقة كان محطة تستقطب بعض المتعالجين في دول الجوار والخليج لامتلاكه تجربة ناجحة وامكانات بشرية ومؤسسات متطورة في مجال الصحة والبحث العلمي والمختبرات والطاقة التشخيصية.
وبعد سقوط النظام البعثي عام2003 كانت انظار العراقيين تتطلع لمرحلة جديدة من البناء تواكب التطور وتقفز بالبلد سنوات طويلة من التقدم ويشمل ذلك بالطبع القطاع الصحي الذي يتعلق بحياة الناس.
بعد خمسة عشر عاماً انفق فيها العراقيين عشرات المليارات من الدولارات، على قطاع الصحة وتعيين مئات الالاف من الموظفين، ومئات الدوجات الخاصة وتأسيس الشركات ذات النفع العام، وكثير من القوانين والقرارات والمسؤولين كانت النتائج كما يراها العالم الان:
إنحسار المؤسسات الصحية وتهالك الابنية وعدم افتتحاح أي منشأ جديد الا بعض المستشفيات في بعض المحافظات وبمواصفات لا ترقى الى مستوى العالمية.
تفاقم الامراض والأوبئة وزيادة عدد الوفيات خاصة بين الاطفال والفقراء الذين لا يمتلكون اثمان العلاجات باهضةالثمن.
انتشار كبير للمستشفيات والمراكز الصحية الخاصة وغالباً ما يملكها المتنفذون من اعضاء مجالس المحافظات والمدراء العامون.
نمو قطاع بيع الادوية الخاص وضعف الرقابة والفساد مما حولها الى مهنة جشعة تعتاش على معاناة الناس.
انعدام مراكز البحث العلمي الخاص بالقطاع الصحي وتجريف كافة المؤسسات ذات العلاقة.
تفعيل وترويج عمليات العلاج خارج البلاد خاصة الهند وايران والاردن.

ولو اكتفينا بوضع امكانات الدولة المالية والبشرية في ذمة شركة تأمين صحي مرموقة كتلك التي تعمل في الولايات المتحدة او المانيا لانتجت لنا وضعاً صحياً مختلفاً الان، لكن الحكومات المتعاقبة لا تملك رؤية بناء ولا خطط لانشاء واقع مختلف ينقذ المواطنين من عشرات الاسباب الصحية القاتلة في مجتمع تسوده نسبة جهل صحي واسع وغير مسؤول.
لم تنفع تقارير منظمات الصحة الدولية والمحلية في حث الحكومات للمباشرة في بناء مستشفيات صحية ومراكز متطورة للعلاج في بغداد والمحافظات.
ولم تنفع ايضاً رغبات المتمكنين في انشاء معامل لصنع الادوية، اذ يحتكر ذلك مجموعة من الاقتصاديات التابعة لمكوّن محدد من ابناء الشعب العراقي تعمل لصالحها الفئوي الضيق، وتمنع التوسيع في هذا القطاع، بل وتعمل على تقويض مساحة عمل الرقابة الصحية والفحص العلمي، ولا شيء يقف امام رغبات الساسة ولا يخضع لأي تقويم سوى ما يرغب به زعماء المجالس السياسية والاقتصادية المتنفذون ووكلائهم المنشرون في جميع مؤسسات الدولة ولا يمكن تخطيهم أو تجاوز قراراتهم القاطعة الناهية رغم تباكيهم على مظلومية ابناء الشعب العراقي على شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي.

(Visited 5 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *