” الدولة المقتدرة : هوامش في خطاب السيادة والفكر السياسي”  رياض الفرطوسي

” الدولة المقتدرة : هوامش في خطاب السيادة والفكر السياسي” رياض الفرطوسي

  1. كتب رياض الفرطوسي

قطعا لا يمكن ان تحكم بلدا دون ان تعرف

التحديات التي تواجه الدولة والنظام السياسي.

لذلك جاءت مبادرة ملتقى بحر العلوم مع رئيس الجمهورية

لتسلط الضوء على الاختلالات التي تعرضت لها التجربة السياسية

بعد 2003 من منظور سياسي وسيادي.

لم تكن هذه المبادرة وليدة الساعة بل مرت بمخاضات

فكرية ونقاشية وحوارية مختلفة وعلى مراحل.

تمثلت بالتفاعل مع الفواعل الاجتماعية من جامعات

ومراكز ابحاث وتفكير ونخب شبابية واعدة.

فضلا عن الاتحادات والنقابات المختلفة.

افضت الى وثيقة وطنية وهي ( ازمة العراق سياديا ).

مما اتاح بفتح حوار مع السلطة السياسية ممثلة برئيس الجمهورية

والشخصيات البارزة في الدولة من وزراء ومفكرين ومثقفين.

لتضع ازمة العراق سياديا على طاولة البحث والتفكير والمناقشة.

ناقش الحوار مبادىء السيادة من منظور نقدي.

منها ضعف النظام السياسي والتوافقية

والمحاصصة وانتهاك السيادة وغياب المعارضة

ومكامن الخلل في بنوية المنظومة الحالية

على اسس من الحيادية والاستقلالية والامانة العلمية.

الا ان القراءة السائدة في معظم الحوارات واللقاءات

يكاد يغلب عليها التحليل السياسي.

بمعنى تحليل السياسي بما هو سياسي وليس بما هو اجتماعي او ثقافي.

يفترض ان يكون السياسي هو ترجمة واقعية لنتائج اجتماعية وليس العكس.

وقد دخلنا منذ سنوات في مشاكل مختلفة وتحولت هذه المشاكل

الى ازمات مغلقة من بينها ازمة السيادة.

وحسب علم ادارة الازمات يتفق معظم الخبراء

على مراحل كل ازمة🙁 بيئتهاولادتهاحجمهاانكماشها).

الامر يتوقف على من وراء هذه الازمة

سواء كانت عوامل داخلية او خارجية.

وقد تعرض رئيس الجمهورية في حواره المفتوح  مع ملتقى بحر العلوم

عن مبدأ التماسك الاجتماعي واسقاطاته المباشرة

على مفهوم السيادة اجتماعيا وشعبيا.

حينما اشار الى فتوى المرجعية وتأثيرها على تحرير مدينة الموصل.

نحن متفقون ان اي حوار يجب ان يكون في اجواء هادئة

لتكون نتائجه مثمرة ومؤثرة ومباشرة.

خاصة عندما يكون هذا الحوار ليس حوار كسب او جدل

بل هو تراكم معرفي وفكري وبحثي مع جمهور متخصص

والحال اننا في زمن علمي وثقافي مفتوح للمعرفة

وهناك مصادر كبيرة وكثيرة يمكن الوصول لها ولا تختصر الفكرة

على كاتب او مؤسسة بعينها.

من الصعوبة ان نتحاور ونحن في اجواء من الهيجان

والشد والجذب والخلافات والنزاعات والانفعالات

وغياب العقلية النقدية.

لذلك سيكون مهم جدا ونحن نقرأ ازمة العراق سياديا

ان نراجع ونحلل جذور هذه القضية اجتماعيا.

لأن العنصر الاجتماعي يعتبر واحد من اهم عناصر التغيير

على مستوى سياسي واقتصادي وثقافي وسيادي.

فكيف يمكن معالجة سياسية سيادية وانت مخترق اجتماعيا وثقافيا.

مخترق في ضعف القانون وفي العدالة وفي الثروة وفي صناعة المستقبل

وفي التعليم وفي الصحة وفي غياب الادارة الناجحة وفي الفساد.

من دون حصانة فكرية وثقافية وامنية

ومن دون انصاف الانسان وتحريره من الخوف والازمات

وتحويله الى كائن مذعور ومطارد بالفاقة والفقر والمرض

سيكون من الصعوبة بمكان ان نحقق اي مبدا يتعلق بالدولة المقتدرة

او بالسيادة او بالاستقلالية الوطنية.

لذلك نحن نواجه مشكلة في الوعي الاجتماعي

فمسؤولية السيادة مسؤولية جماعية اجتماعية اولا

تنطلق من مسؤولية المواطن بكل التفاصيل اليومية والحياتية.

القضية مرتبطة بالتربية والمناخ الاجتماعي والاحساس بالمسؤولية الوطنية

التي يجب ان تكون منهجا تعليميا وتدريجيا يبدا من المراحل الاولى للتعليم.

ثم تتصاعد تدريجيا لتصبح السيادة منهج حياة.

عندما يتم تحويل النفايات الى مواد جديدة هذا يعتبر مبدا من مبادىء قوة السيادة

وليس العكس بأن يتم تحويل الانسان الى ركام ( كائن يعيش البؤس والاحباط كما هوحاصل اليوم).

عندما تشاهد ان المدرسة نموذجية والطلاب يجلسون على مقاعد نظيفة

والمعلم يحترم مسؤوليته العلمية والتعلمية.

عندما ترى شرطي المرور محترم في الشارع ولا يتم الاعتداء عليه.

عندما لا تشاهد بيوت صفيح وتجاوزات على اراض الدولة

او اطفال يجوبون الشوارع لتنظيف زجاج السيارات.

عندما يكون المجتمع متماسك وموحد.

عندما يمر مسؤول كبير بموكبه من امام المارة

والحمايات لا ينظرون للناس بعين الريبة والتوجس.

من هنا تنبع مقومات الدولة المقتدرة ذات السيادة الوطنية.

نحتاج الى مجهود كبير وتربية اجتماعية.

لأن مبدأ التغيير لن يكون ناجحا من دون رحم وحاضنة وبيئة

اجتماعية نظيفة تساهم في خلق ثقافة وطنية عصرية.

عناصرها العلم والمعرفة  والفن والفكر المتنور

(Visited 42 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *