القحطاني أشهر من أدعى انه المهدي المنتظر/   *عارف العضيلة

القحطاني أشهر من أدعى انه المهدي المنتظر/ *عارف العضيلة

**شمال شرق

عارف العضيلة

تجمع الأمه الإسلامية على حقيقة المهدي المنتظر وخروجه في آخر الزمان ليملئ الأرضعدلاً بعد أن ملئت جوراً.

وفي حديث رواه الترمذي وغيره. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المهدي منيأجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً يملك سبعسنين.).

مع الإيمان بهذه الحقيقة المطلقة إلا إن العصور قديمها وحديثها لم تخلوا من ظهورأشخاص يدعون أنهم هو (المهدي المنتظر). وتزخر كتب التاريخ بذكر عدداً من الحوادثوالقصص في هذا الشأن.

وفي السنوات الأخيرة صرنا نسمع بشكل ليس بالقليل مثل هذه الظواهر. حيث يظهرالشخص أمام الملاء ويعلن انه هو المهدي. لكن هذه الإدعاءات في الغالب لا تطول حيثفي غالب الحالات لا يصدقه أحد ثم يتم التصرف معه من قبل الجهات الأمنية وفقمقتضيات الحال .. ثم تحفظ القضية وينتهي الموضوع. وينسى تماماً.

وغالبية من يحملون هذا الإدعاء إما هم من طالبي الأضواء والشهرة. أو مرضى نفسيونيعانون الفصام العقلي حيث يؤدي هذا المرض بالمريض لإظهار ما بداخله من أوهاموأفكار إلى العالم الخارجي. ومن واقع ثقافتهم أو ما يسمعون بوسائل الإعلام وبالمجالسعن قوة المهدي وكراماتهم. يظهر لديهم أعتقاد نفسي داخلي أنه هو المهدي ومن ثم يتجرأليكشف ذلك أمام الملاء.

ورغم تعدد الشخصيات التي أدعت هذا وتعدد جنسياتها وإختلاف مواقعها الجغرافيةوالزمانية إلا أن شخصية السعودي محمد بن عبدالله القحطاني تبقى هي الشخصيةالأشهر التي أدعت أنها المهدي المنتظر. وما تزال قصته هي الوحيدة التي ملئت الدنياوأقامتها ولم تقعدها.

ولد القحطاني تقريباً في عام 1935م في أحد قرى جنوب المملكة العربية السعودية ودرسعلى يد الشيخ عبدالعزيز بن باز مفتي الديار السعودية. وأنضم إلى الجماعة السلفيةالمحتسبة. أشتهر عنه بحسب الروايات الشفهية المتواترة ألتزامه الديني وخلقه العالي. ولا يعرف عن سيرته إلا الندر اليسير. وخاصة انه قتل قبل أن يقبض عليه ويتم استجوابهوهذا يأكد وجود أسرار كثيرة لديه بقيت مدفونة معه في قبره.

حظى القحطاني بالشهرة الواسعة بين أقرانه الذين أدعو أنهم هم المهدي حيث تمتمبايعته في أطهر الأماكن وأكثرها قدسية (الحرم المكي الشريف) وإضافة إلى خصوصيةظرف المكان أيضاً كان ظرف الزمان حيث كانت المبايعة فجر أول أيام القرن الهجريالخامس عشر. وكذلك أن مبايعته صاحبها واحداً من اهم أحداث العصر الحديث وهيحادثة إحتلال الحرم المكي الشريف عام 1979م. ذلك الحدث الذي يصنف بأنه أحد أهمالأحداث في القرن العشرين.

لكن أختلف القحطاني عن نضرائه السابقون واللاحقون أنه لم يسعى يوماً ولم يفكر أنيكون المهدي المنتظر وكان بكامل قواه العقلية. والأرجح أنه تم إقناعه بأنه المهدي عنطريق الإيحاء النفسي المتكرر. حيث أستغل زعيم الجماعة جهيمان العتيبي تشابهه أسمالقحطاني بأسم النبي صلى الله عليه وسلم وببعض الصفات الخلقية التي وردت عنالرسول أثناء وصفه للمهدي. أيضاً توالت على القحطاني عدداً من القصص التي كانيسردها جهيمان عليه وعلى الجماعة والتي يدعي انه شاهدها في الرؤية

تم التأثير على القحطاني بواسطة زعيم الجماعة السلفية المحتسبة جهيمان العتيبيبحسب ما ذكره ناصر الحزيمي بكتاب أيام مع جهيمان .. حيث

قال: (حينما كثر الحديث في مجالس الجماعة السلفية المحتسبى عن تواتر الرؤى وانالفترة التي هم فيها هي أخر الزمان وتم تدعيم ذلك الإفتراض للأخبار اليومية التي كانيتم التصعيد من خلالها لسيناريو مفترض ينتهي لخروج المهدي) ويضيف الحزيميقائلاً:

(أنتقلت الفكرة للجانب التنفيذي بطرح مساله تحديد المهدي المنتظر، ووقع الأختيار عليصهر جهيمان وهو محمد بن عبد الله القحطاني) ويذكر الحزيمي مفاجأة بان القحطانيلم يكن علي إقتناع بانه المهدي المنتظر، ولكنه بعد أن أعتزل الجماعة صلي صلاهالإستخارة أكثر من مره، وفي أحدى الليالي أنشرح صدره لذلك، أما قبل ذلك فكان يعتبرالأمر مزحه لم يأخذها محمل الجد.

غادرت الجماعة وبتنظيم عسكري وبمؤن وإمدادات غذائية وتسليحية إلى الحرم المكيالشريف واتخذت قيادات الجماعة مواقعها العسكرية أواخر أيام عام 1399هـ.

وبعد أن تم أداء صلاة فجر أو أيام العام 1400هـ. قام جهيمان العتيبي على المنبر وسردأمام المصلين وعبر مكبرات الصوت التي يسمعها حتى من هم خارج الحرم الأحاديثالشريفة التي تذكر المهدي المنتظر ثم أعلن أن صهره (محمد بن عبدالله القحطاني هوالمهدي المنتظر). مطالباً الجميع بمبايعته ووقف القحطاني يتلقى المبايعات من الجماعةومن بعض الحضور الذين لم يتمكنوا من الهرب.

وبعد هذا أنطلقت أول عملية إرهابية منظمة تشهدها المملكة العربية السعودية. حيثنجحت الأجهزة الأمنية بالتعامل مع الموقف بشكل سليم وناجح وطهرت الحرم من هذهالجماعة بعد إحتلال دام أسبوعين.

وحدثت مفاجأة لغالبية أعضاء الجماعة ممن غرر بهم حين وجدوا القحطاني في رابعأيام القرن الهجري الخامس عشر مقتولاً مما أشعرهم بالندم والخيبة. مكتشفين خطأهموخطأ مبايعتهم للقحطاني.

وبالتالي انخفضت المعنويات القتالية لدى أعضاء الجماعة المسلحة.

محمد القحطاني ساعدته الظروف ليحقق مالم يحققه نظرائه ليعتلي مكان الصدارة بينكل المدعيين أنهم هم المهدي المنتظر. ومع تقدم الزمان سيظهر حتما المزيد ممن يدعون انهمالمهدي. لكن الغريب أن مدعي هذا الإدعاء متعدي الثقافات فمنهم العامل البسيط ومنهمطالب العلم الشرعي ومنهم الطبيب والأكاديمي.

كاتب سعوديرئيس دار مصادر للدراسات والأبحاث الإعلامية

(Visited 447 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *