د. خديجة حسن علي القصير
لايخفى علينا ان عالمنا مليء بالازمات التي تواجه المجتمعات المختلفة، وقد تكون هذهالازمات تحدث بصفة دورية او بصفة عشوائية، ومهما كانت طبيعة هذه الازمات فهيتسبب خسائر واضرار كثيرة للفرد والمجتمع سواء من الناحية الاجتماعية او السياسيةاو الاقتصادية او الادارية بحسب الازمة وتأثيراتها، وقد تؤدي الى خسائر مادية واحيانابشرية تصيب مختلف المنشأت والممتلكات والثروات البشرية والطبيعية وهذه تؤثربدورها في مسار التنمية بصورة مباشرة وغير مباشرة على الثروة البشرية للمجتمعوماتمثلة من ركيزة اساسية من ركائز الحركة التنموية.
ودائما ماتعبر الازمات عن موقف وحالة وعملية وقضية يواجهها متخذ القرار في أحدالكيانات الإدارية (دولة، مؤسسة، مشروع، اسرة) تتلاحق فيها الأحداث بالحوادثوتتداخل وتتشابك معها الاسباب بالنتائج، وتختلط الأمور وتتعقد ويفقد معها متخذالقرار قدرته على الرؤية والتبصر.
يبرز البحث دور الاعلام الهادف في مواجهة الازمات التي تواجة العالم اليوم حيث يمثلخط الصد الاول والوسيلة التي تزيد من وعي الفرد وتنبه على ما يدور حوله من مظاهرمختلفة وتم في بحثنا هذا اختيار نموذج للاعلام الهادف تمثل في مجلة رياض الزهراءعليها السلام وكيف كان لها الدور الواضح والمؤثر في مواجهة الازمات والنكبات التيتواجة مجتمعنا وماقدمته للاسرة والفرد في هذا المجال
تعد الأزمة (Crisis) مفهوما” قديما” اصطلاحا” واستخداما وتعني في اللغة العربية: الشدة والقحط ، وأزم عن الشئ أي أمسك عنه ، والأزمة الحمية ، والمأزم هو المضيق(الرازي ، 1979،15)، وهي مشتقة من الكلمة اليونانية (Krisis) والتي تعني لحظة القرار،كما تشير الى معنى التغيير المفاجئ وفي الغالب نحو الاسوأ. وفي الحضارة الإغريقيةالقديمة فان الازمات هي مواقف تحتاج الى صناعة القرار، والازمات تشكل نقط تحولتاريخية حيث تكون الخيارات والقرارات الانسانية قادرة على احداث تغييرات اساسيةوجوهرية في المستقبل.
(البعلبكي،1980،105)
أما تأريخيا فيرتبط مصطلح الأزمة بالطب لكونها لحظة تحول مصيرية بين الحياةوالموت تحمل تغييرا جوهريا ومفاجئا وتستدعي قرارا حاسما يؤثر في مجرى الأحداث ،ويكون عنصر الوقت أساسيا في فاعلية القرار. لذا تسبب الأمراض التي تؤثر في القلبأزمة قلبية ، في حين لا يطلق مصطلح أزمة على أمراض اشد خطورة.
أما إصطلاحاً فتعرف بعدة تعاريف نورد منها:لحظة حرجة وحاسمة تتعلق بمصيرالكيان الاداري الذي يصاب بها، ومشكلة تمثل صعوبة حادة امام متخذ القرار تجعله فيحيرة بالغة فيصبح اي قرار يتخذ داخل دائرة من عدم التأكد وقصور المعرفة واختلاطالاسباب بالنتائج والتداعي المتلاحق الذي يزيد درجة المجهول في تطورات ماقد ينجم عنالازمة (جاد الله، 2010، 6)، في حين يعرفها (Mitroff & Pauchant 1992) بأنها: حالة تمزقتؤثر على النظام كله وتهدد افتراضاته الأساسية ومعتقداته الداخلية وجوهر وجوده. وأخيراً عرفت منى شريف (1998) الأزمة بأنها: موقف ينتج عن تغيرات بيئية مولدةللأزمات ويخرج عن إطار العمل المعتاد
ويتضمن قدرا من الخطورة والتهديد وضيق الوقت والمفاجأه إن لم يكن فى الحدوث فهوفى التوقيت ، ويتطلب استخدام أساليب إدارية مبتكرة وسرعة ودقه من رد الفعل ويفرزآثارا مستقبلية تحمل فى طياتها فرصا للتحسين والتعلم (رفاعي، جبريل، 20)
أما إداريا فتعرف الأزمة بأنها: موقف يواجه متخذ القرار يفقد فيه القدرة على السيطرةعليه أوعلى اتجاهاته المستقبلية ، تتلاحق فيه الأحداث وتتشابك الأسباب بالنتائج” (الخضيري ، 1993، 53) .
تصنف الازمات وفق اراء الباحثين كالاتي:
1. ازمات سطحية وتحدث الازمات السطحية بشكل فجائي لا تشكل خطورة وتنتهي منخلال التعامل مع اسبابها العميقة، وقد تكون الازمات عميقة الاثر ذات طبيعة شديدةالقسوة وبناء على مقدار التغلغل وعمق الازمة سيكون تأثيرها كبيراً على المنظمة التيتحدث فيها الازمة. وقد تتحول الازمة السطحية الى ازمة عميقة اذ لم يتم التعامل معهابشكل سليم.
2. ازمات مفاجئة تحدث بشكل عنيف وفجائي وتخرج المسببات المؤدية لها عن الطابعالمألوف او المعتاد.
3. الازمة الزاحفة وهي ازمة تنمو ببطئ ولكنها محسوسة ولايستطيع متخذ القرار وقفزحفها نحو قمة الازمة وانفجارها، يصاحب هذه الازمة تهديدا يتحسسه الافراد العاملونبموقع الازمة ولعدم وجود قواسم مشتركة بين العاملين والادارة تحدث الازمة.
4. الازمة المتراكمة، وهي الازمة التي يمكن توقع حدوثها، وان عملية تشكيلها وتفاعلاسبابها تأخذ وقت طويل قبل ان تنفجر وتنمو وتتطور مع الزمن ومن
ثم تكون هناك فرص كثيرة لدى الادارة لمنع حدوث الازمة والتقليل من اثارها قبل ان تصلالى مرحلة واسعة. ولا توجد حلول جذرية لمثل هذه الازمات (اللامي ، ص1).
5. ازمة يمكن التنبؤ بها، تحدث نتيجة اسباب داخلية اذ تكون المنظمة من خلال انظمتهاالرقابية مهيئة او قادرة على التعامل مع الازمة، ويمكن التخلص منها بوجود البديلالمناسب.
6. الازمة التي لايمكن التنبؤ بها، تحدث بسبب التغييرات المفاجئة للبيئة الخارجية وانسبب حصول هذا النوع من الازمات ضعف المنظمة على مراقبة وتفحص البيئة الخارجيةوبشكل فاعل.
7. الازمات الروتينية، تحدث بشكل دوري، وازمات ناتجة عن تعديل القوانين والانظمةوكذلك الخسائر الدورية.
8. الازمة الاستراتيجية، التدهور والتآكل في قدرة وامكانيات المنظمة ويتضح هذا التدهوراو التهديد عندما تكون المنظمة غير قادرة على احتواء مايحدث من متغيرات في البيئةالمحيطة وتتخذ اجراءات لمعرفة الاسباب ومعرفة مواردها(اللامي ، ص1).
نستنتج مما تقدم:-
– تتمثل الازمات بكونها مواقف غير اعتيادية وغير متوقعة شديدة الخطورة والسرعة ذاتأحداث متلاحقة، تتداعى فيه النتائج وتختلط أسبابها، وتهدد قدرة الفرد أو المنظمة أوالمجتمع على البقاء. وتمثل محنة ووقتا” عصيبا” لصعوبة اتخاذ قرار غير مألوف في ظلحالة من غياب المعلومات وعدم التأكد والمستقبل الغامض وهذا مايثير ريبة الفرد وقلقه .
– لاتعد الازمات تهديد بمفهومه العام اذا ما وجدت فرصة لإستيعابها والحد منها
– الاعلام كان ولازال وسيلة هادفة بل هو اسلوب الصد لااول لمواجهة العديد من المواقفوالازمات التي تصيب المجتمعات ان كان هدفه السعي لكشف تلك الاحداث وتنبيهالمجتمعات لها ونقل الخبر الصحيح وعرض الوسائل والادوات التي تساعده للحد من تلكالازمات والكوارث وصدها.
المصادر:
1- محمود جاد الله، دار الازمات، دار اسامة للنشر والتوزيع، 2010.
2- ممدوح رفاعي، ماجدة جبريل، ادارة الازمات، مراجعة محمد درويش،جامعة عينشمس، القاهرة.
3- أحمد هادي طالب، الأُسس النظرية العامة لإدارة الأزمات، كلية الإدارة والاقتصاد/ جامعة بابل
4- غسان قاسم داود اللامي، خالد عبدالله إبراهيم العيساوي، إدارة الأزمات، بلا.ت، بحثمنشور عبر الشبكة العنكبوتية.
5- الرازي ، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر، مختار الصحاح، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، 1979.
6- البعلبكي ، منير المورد القريب، دار العلم للملايين، لبنان،1980.
7- الخضيري ، محسن أحمد، ادارة الأزمات : منهج اقتصادي اداري لحل الأزمات علىمستوى الأقتصاد القومي والوحدة الأقتصادية، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1993 .