حيدر الموسوي
مدير مركز القرار السياسي
في العقد السبعيني والثمانيني وحتى التسعيني كانت هناك مجموعة ضوابط واعراف وتقاليد تحكم المجتمع
وبعيدا عن الانظمة الحكومية وسلبياتها وايجابياتها
كانت الاجيال الصغيرة محاطة منذ نشأتها بمجموعة ردع من الذين يقومون بدور المربي فالاب والام لم يكونا كما هو الان مجرد مصرف لاغداق الاموال والانفاق حيال الطعام والملابس والامور الاخرى وكانت الاسرة لا تقتصر على دور الابوين في التربية بل الجد والجدة والاعمام والاخوال والعمات والخالات وكبار العمر من ابناء العم بل ان خرج الفرد الى الشارع فهو محكوم ايضا بضابطة اخرى وهي الحار ليس مثل جار اليوم المغلق ابوابه
كانت الابواب كلها مفتوحة والجار يكون حاكم ومربي ومراقب وله الحق التدخل في شؤون جيرانه في المناسبات الاعراس ومجالس العزاء وتوجيه النصيحة ومحاسبة اي فرد جديد خاصة فئة الاطفال والمراهقين بحكم تلك العلاقة المتينة حينما يرى سلوكا او تصرف خاطئ
اما على مستوى المدرسة فحدث ولا حرج فكان اسمها التربية والتعليم وليس فقط التعليم بمعنى اخر كان المعلم او المدرس هو المربي الاخر الذي ياخذ دور كبير في تقويم واصلاح التلاميذ والطلاب المشاغبين وله الحق استخدام اقسى العقوبات ايمانا انه احد ابنائه ، وصولا الى الجامعة واساتذتها
المنظومة الحكومية ومؤسساتها هي الاخرى ايضا جهة رقابية حينما ترى ثمة اعوجاج وانحراف مجتمعي تتدخل بمجموعة من القرارات الصارمة والقاسية وتقوم بتنفيذ حتى الاساليب القمعية من اجل دفع هذا الخطر
فعلى سبيل الذكر لا الحصر حينما ظهرت المني جوب التنورة القصيرة جدا كموديل للفتيات قام رئيس الوزراء حينها طاهر يحيى بصبغ ارجل تلك الفتيات بحملة كبيرة في الشارع للحد من تلك الظاهرة والدخيلة على المجتمع
كذلك النظام السابق ورغم دكتاتوريته فقد اوكل في ثمانينيات القرن الماضي مهام ضبط ايقاع المجتمع الى شخصية معينة اعتقادا بقدرته سمير الشيخلي وقتها الذي كان يقوم بقص شعر المراهقين والشباب في الشارع
وقام بحملات مماثلة في سلك التعليم ايضا
هكذا الافراد كانوا محاطين بمجموعة من الضوابط تمنعه من الانزلاق الخطير والوصول الى ما وصل اليه اجيالنا اليوم الذين نرى الانحرافات الخطيرة في سلوكياتهم وتصرفاتهم جيل العالم الرقمي والافتراضي الذي تأثر وفق مبدا العقل الجمعي بشكل كبير بهذه المنصات وبدأت تنتشر حالة من التمرد بين صفوف هذه الفئة متجاوزين كل الاحكام العرفية والاخلاقية اعتقادا انها الحداثة والتقدم وان الزمن الماضي قديم ومختلف ويجب القفز على كل هذه الافكار وتجاوزها
والاسرة صارت فاقدة للسيطرة تماما على ابنائها بل اصبحت متماهية مع كل ما يقوم به الابناء خوفا من ردات الفعل
العالم الافتراضي يسيطر على ذهنية مجتمعنا فالزوجة تجد من الطبيعي المحادثة مع شخص اخر وتشرح مشكلاتها الخاصة والشاب من الطبيعي ان يقوم بذلك
المراهقين خرجوا عن المألوف ولا يعيروا اي اهمية الى من يكبرهم في السن قريب ام بعيد
الدولة ومؤسساتها فاقدة لكل الاستراتيجيات وان وجدت فهي غير قابلة للتنفيذ لانها تخشى ايضا من ردود الافعال
وتخشى منصات التواصل وتسقيطها هي الاخرى بفعل وجود جيوش الكترونية قادرة على ان تعصف في البلد وتجعله محرقة
اننا وفي هذه الفترة الحرجة وفي ظل التفكك المجتمعي والاسري والقبول بالنظر الى كل ممارسة غير مباحة
وعدم التصدي لها فاننا بعد عقد من الان قد نرى كل شيء يحدث طبيعي والمعارضة له تصل الى غض البصر وانتقادها فقط مع من يتفق معنا من المتبقي على الافكار السابقة فقط في جلسات خاصة لا اكثر