لاتسأل ياولدي  …… د. عبد الحميد الصائح

لاتسأل ياولدي …… د. عبد الحميد الصائح

 

د. عبد الحميد الصائح
اذا اردت ان تكون علاقتك طبيعية مع الوطن بلا مشاكل ، عليك ان لاتسأل أي سؤال إجابته محرجة او تُفسر على أنها كفر بالسياسة والتاريخ والحكومات .

مثلما هي الاسئلة التي يحضرها الدين مثلا ، حيث لايحق لك السؤال في قضايا تجعلك مشركا شكوكا ،ولايحق لك ان تطلب تفسيرا منطقيا لقصة ولادة سيدتنا مريم العذراء لسيدنا المسيح عليهما السلام على سبيل المثال ، او معجزة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ، او معجزة الرسول الكريم في الاسراء والمعراج . وكثير من عقائدنا ومعتقداتنا، فعقلك (المحدود) لايجعله متوازنا الا الايمانُ بالغيب. ايمانك بالغيب وحده وتصديقك بما أنزل على انبيائك من ربك، يجعلك تؤمن بان ذلك امر طبيعي وانه من اعجاز الخالق واسرار الخلق وكفى.

في العراق اليوم الشيء نفسه ، دون تشبيه ، عليك ان تتقبل كل مايحصل في بلادك ولك ولشعبك دون احتجاج او سؤال .حيث لااجابات منطقية مباشرة على اية أسئلة تتعلق بالحاضر والمستقبل، بازدواجية المعايير، بشكل النظام ، ديني؟، علماني ؟مدني ؟عسكري؟ جمهوري ؟ (عوائلي) ؟ بالسؤال عن اقتصاد الدولة ، او سوء الادارة ، عن التدخل الخارجي او صمت القضاء والفساد والتقصير دون محاكمات، ودون مساءلة عن أموال او دماء أو مصائر الناس في هذي البلاد ، فلن يجيبك أحد حتى لو صرخت أو كتبت أو شتمت ، أو تظاهرت و طالبت بتفسير لأسباب تراجع البلاد وعدم تطبيق الدستور وعدم تعديل الدستور،. أو أسباب ترؤس بعض الوجوه للمسؤوليات دون حق او تخصص في عملية تدوير مثيرة للأحزاب والوجوه والمناصب من اجل البقاء في المشهد السياسي بأية صورة كانت.

بناء على ذلك فانت امام خيارين ، اما أن تترك السؤال عن اي شيء في العراق ، لتُريَح وتستريح ، وتنسجم مع الوطن الجميل الذي لامشاكل فيه، والمسؤولين الأجمل الذين لايخطئون البتة !، واما ان تكون منطقيا حريصا تفتش عن المواقف والحالات والمسؤوليات والدوائر وتنبس ببنت شفه عن الحريات والحقوق وتاريخ الاشخاص وأدائهم ، فيبدو لك مالا يَسرّك ، لينطبق عليك ما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى من تحذير للمؤمنين من بعض السؤال بقوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) صدق الله العظيم.
.
عليك إذا ان تصمت كي تكون مواطنا صالحا ، وان تستسلم لفكرة ان مايحدث لبلدك اليوم لاتفسير له ، لاتقل لماذا بقي الدولار مرتفعا رغم انتهاء اسباب ارتفاعه ! ولاتقل من قتل المتظاهرين واطلق النار امام شاشات التلفزيون على النشطاء والصحفيين! ولاتقل لماذا يترشح للانتخابات ثانية من اعترف علنا بالفشل! ولاتقل من المسؤول عن احتلال الموصل ولماذا لم يحاكم احد؟! لاتسأل عن النفط والصناعة والزراعة والكهرباء ومافيا الجامعات الاهلية والرواتب والافساد والإلحاد والفقر والتنمية ! لاتسأل فان الاجابات ياولدي في عالم الغيب ، وان السياسي العراقي الذي لن يعترف بخطأ ولن يتنحى عن مسؤولية، انما هو وحده علاّمُ الغيوب .

(Visited 6 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *