كتب رياض الفرطوسي
مثلما تعرضت الكثير من الانساق الاجتماعية والسياسية‘
الى التغيير والهدم والتفكيك والتخريب‘
خلال الحقب الزمنية المتراكمة منذ تأسيس الدولة العراقية ولحد الان.
بسبب الانقلابات العسكرية والحروب والعواصف
وصراعات الاحزاب والمصالح والنفط.
(مما قاد الى هجرة جماعية غير منظمة لفقراء الجنوب
الى العاصمة بغداد في زمن عبد الكريم قاسم
ومثلها هجرة اخرى من بدو العراق في زمن صدام الى مركز العاصمة بغداد).
كل هذه التغييرات ساهمت في ولادة انماط اجتماعية وثقافية جديدة.
اثرت على واقع حياة الناس بشكل عام والمثقف بشكل خاص.
خاصة عندما سيطرة عقلية الصحراء والاجرام والبداوة والانتقام على السياسة.
تحولت هذه العقلية والذهنية الى نمط حياة ولغة وطريقة تفكير.
فنقل النظام السياسي كل اشكالياته التربوية والاخلاقية الى النظام الاجتماعي‘
في جميع تكويناته الصغيرة سواء كانت الاسرة او المدرسة او نظام التعليم او القوانين.
حتى تفشت ظواهر سلوكية مشوهة من قبيل‘
التربص والتشفي والوشاية والثأر والشقاوة والاحتراب والخصومة والتشهير‘
والخفة العقلية والوصاية والالغاء والتلقين والسطحية والتكرار
والقلوب الغليظة الممتلئة بالاحقاد والكراهية ( ومن يتكلم اطره بيدي اربع وصل).
وبسبب هذه الكوارث المستمرة تعرض المثقف ايضا للتهديد والتهجير‘
والمضايقات والعزل والاقصاء والسجن والنبذ والتشويه.
كل النظم الدكتاتورية تقوم اولا بمهمة الاخصاء العقلي‘
للمجتمع وللمثقفين.
وغياب الحريات والعقل النقدي والعدالة.
هذا الغياب المقصود تاريخيا‘
ادى الى غياب التوقع والتحسب والكشف وقراءة المستقبل.
في المقابل تفشت ظاهرة الحذلقة والانشاء اللغوي‘
والخطابات الفارغة من اي محتوى حقيقي.
ولغة المقاهي والحانات على حساب‘
لغة الثقافة والادب والفن.
مع غياب الدور الحقيقي للمثقف على مستوى السياسة والفكر.
وتفريغ المؤسسات من الكفاءات الثقافية والابداعية.
ساهم في طمس ملامح الهوية الثقافية سابقا ولاحقا.
ورغم كل هذه التحديات كان ولازال المثقف الشجاع‘
يحاول رغم الخراب والجحيم ان يسّطر وعيا ثقافيا شجاعا‘
ونظيفا وقيما داخلية رصينة وقاية ومقاومة ضد‘
الانحلال والتفسخ والانهيار.
المثقف، بين شجاعة الموقف والتراجع الثقافي
(Visited 3 times, 1 visits today)