حسين الصدر
-1-
ليس عدلاً أنْ يقال :
إنَّ الشعراء هاموا بمن يعشقون وما يرتجون وأطلقوا العنان لِقَوافيهم في المضمارالوجداني والعاطفي، حيث أنَّ الكثير من الشعراء استخدموا الشعر وسيلة للايقاظ منالغفلة، وتغنوا بالقيم والمُثل ، داعين الى التمسك بأهدابها .
-2-
وفي هذه المقالة الوجيزة نستعرض بعض النصوص الشعرية التي تقمص فيها الشعراءثوب الوعظ والارشاد والنصيحة .
قال محمد بن عبد العزيز ( ت 873 )
كنْ راحماً لِلخَلِقْ كي تَسْلَما
فَحَقَّ للراحمِ أنْ يُرحَما
أرحمْ عبيدَ الله في أرضِهِ
تُرحمْ مِنَ الرحمنِ ربِ السَما
أرايتم كيف تبنى الشاعر الدعوة الى الرحمة في التعامل مع الناس .
وفي ظلال الرحمة يكون السلام والوئام، بعيداً عن كل ألوان الايذاء والفتك والكيدبالآخرين .
وهذه الدعوة الى الرحمة هي دعوة الى الصفاء والنقاء والتعاون والتكامل ، وكل ذلكيقود المجتمع الى مرافئ الاستقرار والطمأنينة .
اننا للاسف الالشديد أصبحنا نسمع بأخبار الأم تُلقي ولدها في النهر ،
وأخبار الولد الشقي يقتل أباه وأخاه ،
وأخبار الأب يقتل ابنه بالرصاص
ولن تجترح هذه الجرائم الاّ حين تغيب الرحمة .
-2-
وتناول شاعر آخر التنبيه على أهمية الارتباط بالعناصر الصالحة دون غيرها
فالصالح العفيف من الأصدقاء والاصحاب هو بمثابة العملة الصحيحة فيما يمثلالمنحرفون عن الاستقامة العملة المزيفة ..!!
اسمعه يقول :
اصحبْ خيارَ الناسِ حيثُ لقيتَهُم
خيرُ الصحابة مَنْ يكونُ عفيفا
والناس مِثْلُ دراهمٍ مَيّزتُها
فوجدتُ منها فضةً وزُيُوفا
-3 –
وينهى شاعر آخر عن الانزلاق وراء الشهوات ، ويحذر من الآثار الوخيمة للانسياق نحوما تزينه النفس من ألوان العصيان الباطل
أسمعه يقول :
اذا المرء أعطى نَفْسَه كلَّ ما اشتهتْ
ولم يَنهَها تاقتْ الى كُلِّ باطلِ
وساقتْ اليه الاثمَ والعار بالذي
دَعَتْه اليه من حلاوةِ عاجلِ
لن يفلح الذين تغريهم حلاوة العاجل فيندفعون نحو المعاصي ناسين ما ينتظرهم فيالآجل من شديد العقاب .
-4-
ويُذّكر ( ابو القاسم المطرز ت 439 هـ ) بعملية الاحصاء الالهي لكل الاعمال والاقوال ،وبيوم الحساب والوقوف بين يدي الله ،
ومتى ما تذكر الانسان تلك الذنوب والمعاصي التي اقترفها سارع الى الاستغفار
يا عبدُ كم لك من ذنب ومعصيةٍ
انْ كنتَ ناسَيها فاللهُ أحصاها
لابُدَّ يا عبدُ مِنْ يومٍ تقوم له
ووقفةٍ لك يُدمي القلبَ ذكراها
اذا عرضتُ على قلبي تذكرها
قد ساء ظني فقلتُ استغفر اللهَ
-5-
ان طاعة النفس الأمارة بالسوء يُورد المزالق والمهالك، وقد حذّر من ذلك أحد الشعراء بقوله:
اذا ما أطعتَ النفسَ في كل لذةٍ
نُسبتَ الى غيرِ الحِجى والتكرمِ
اذا ما أجبتَ النفس في كل دعوةٍ
دَعَتْكَ الى الأمرِ القبيحِ المحرّمِ
وهكذا يدق الشاعر جرس الانذار من ركوب تلك الأخطار .
-6-
وقال ابو الحسن البصري المعروف بالنعيمي المتوفى سنة 423 هـ
اذا أظمأتكَ أَكُفُ اللئامِ
كَفَتْكَ القناعةُ شبعاً وَرِيّا
فكن رجلاً رِجْلُه في الثرى
وهامةُ همتهِ في الثريا
أَبِيّاً لنائلِ ذي ثروة
تراهُ بما يديهِ أبيّا
فانَّ إراقةَ ماء الحياة
دُونَ إراقةِ ماء المُحَيّا
انّ القناعة تصونُ المرء من أنْ يذل نفسه، وتجعله عزيزاً لا يتسكع على أبواب ذوي الثروة .
والرجل الشريف لا يريق ماء وجهه من أجل عَرَض دنيوي زائل ، بل يفضل الموت علىالحياة إنْ كانت تجعله مهانا ذليلا .
وأروع المناهج منهج أبيّ الضيم الامام الحسين (ع) حين هتف :
( هيهات منا الذلة )
حسين الصدر
Husseinalsadr2011@yahoo.com