عبد الحميد الصائح
يتذكر الأصدقاء والمتابعون مشكلة اصداري بيانين مختلفين قبيل الانتخابات الماضية،سببا زعلاً واعتراضاً من قبل الكثير منهم بل توقع البعض اني وقعت في تناقض حين دعوت لمقاطعة الانتخابات ، ثم استدركتُ دعوتي فكتبت مقالا بعنوان (قاطعوا /لاتقاطعوا) قلت فيه :
ان العراقي عادة مايوضع في مشكلة عويصة .. يجعلونه في مواجهة ثنائيات لاثوالث لها ، ثنائيات مرة على الجانبين ، اما الديكتاورية أو الاحتلال ، اما التقسيم أو الطائفية اما القبول بالفساد والفاسدين أو الحرب الاهلية ، اما غياب الامن أو غياب الحريات، اما الموت أو الهجرة ، اما واما وكلا المكسبين مُهين ومجهول ولارادّ له سوى القبول بالمقسوم.
وهو فعلا قدر يجعلك تتخلى عن الموضوع العراقي برمته وتقف موقف المتفرج عن بعد . والتفرج عن بعد دون تدخل اعتبره في عالم اليوم موهبة وسعة صبر ، موهبة لا امتلكها بصراحة وصبر لا أسستطيعه ، فانا اصر ان لا اترك ساحة الراي المباشر والتدخل بالتفاصيل مهما بلغت خسائري الشخصية .
بعد نشر مقال ( اجتماع عاجل مع نفسي) الذي دعوت فيه الى المقاطعة ..ومع سيل من الأسف والتذمر جاءني من المستقلين والضعفاء (تمويلا وتسليحا) ودعاة المدنية الذين قالوا لو تم تبليغنا بمقاطعتكم لما رشحنا !! لان العراقيين منقسمون الى اتباع احزاب ومرتشين ، ومقاطعين ، ولن يلوحنا من هؤلاء جميعا صوت واحد. ولذلك فالمقاطعة تعني ضرب المدنيين والمستقلين وتوفير فرصة سهلة لفوز الفاسدين .
ماهذا ؟!! اي قدر يتكرر كل مرة ومع كل موقف لتضاف هذه الثنائية الى الثنائيات العجيبة الخاسرة في الحالتين ( المشاركة والمقاطعة ) والاثنتان غير مشرفتين .
مالذي يفعل المواطن ؟ يقاطع أم يشارك؟ يبقى أم يهرب؟ يتظاهر أم يعود الى البيت ذليلا؟ ..مالذي يفعل؟ وقد اصبح العراقي المستقل فريسة لضباع السياسة الذين يحتالون في كل شيء ليصلوا الى السلطة ، وكانهم جميعاً على مبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة ) الذي لايقبله دينٌ ولا ضمير .
وعودة الى مقالي الذي يمكن الرجوع اليه ( قاطعوا /لاتقاطعوا) وجدت نفسي في حالة تشبه الصيد باليد المجردة ..اقاطع الانتخابات أحرم مواطناً مستقلا شجاعا جديدا يريد أن يواجه الفاسدين بنفسه داخل قبة البرلمان! ، اشارك في الانتخابات أكن شاهدَ زورٍ على عملية مزورة من أصلها مشكلة عويصة فعلا. لماذ عويصة؟ عويصة على المواطن المستقل فقط ، لان هناك من يرى بعين عقيدته وميوله ويحسم أمره. وهناك من يسهل هوانه ويتخلى عن شرفه ويقبض رشوة ويعرف من ينتخب حسب الاتفاق..
خلاصة الأمر أن الاطراف المستفيدة من الحال العراقية القائمة ، ضبطّت الامور بحيث يصب كل فعل في صالحها ، اذا تظاهرتَ واذا استسلمتَ واذا شاركتَ واذا قاطعتَ واذا بقيتَ ساكتا واذا هاجرتَ اذا انفعلتَ وتوترتَ او اذا تجاهلتَ الامور وغلست عنها ، اذا صرتَ تابعا تحت اجنحتهم او اذا صرت معارضاً شرسا ضدهم .. كل الحالات تصب في صالحهم! ، فاي نظام هذا الذي نعيشه اليوم ، أي نظام هجين خليط تتواطأ فيه جميع النقائض مع بعضها لانتاج بلد مسخ، يمكن أن يشبه أي شيء الا العراق ..العراق الحقيقي.