علاء الخطيب/ رئيس التحرير
حادثتان شغلتا الصحافة واعطتنا دورساً في الاخلاق ومعايير النزاهة.
الاولى الحكم على لي ميونغ باك،
والثانية تهمة الشاب الذي صفع الرئيس الفرنسي ..
الاولى :
كثير منا لا يعرف من هو لي ميونغ باك ،ولم يسمع به ، انه المواطن الكوري الجنوبي الذي كان رئيساً لكوريا الجنوبية بين العامين 2008 -2013 ،حكم عليه بالسجن 17 عاماً بتهمة فساد « التربح من المنصب» .
لم تشفع له مناصبه العديدة التي تقلدها ولا تاريخه السياسي بتخفيف الحكم عنه .
لي ميونغ مهندس النهضة الكورية ورئيس شركة هيونداي العملاقة لمدة ثلاثين عاماً .
اقتيد من منزله ليحاكم ، لم تخرج لاعتقاله افواج الناعقين ولم تحاصر المقار الحكومية بالمسلحين ، ولم يهتف له :« علي وياك علي »،
لم يلتفت الى النجاحات التي حققها الرجل، لأن المقياس لم يكن عمله فقط، بل نزاهته وعدم الإعتداء على المال العام ، كان الدرس واضحاً وبليغاً ، بأن مقياس نجاح الامم والشعوب يقاس في محاربة الفساد وتعرية الفاسدين .
لم يخرج احد من اعضاء حزب لي ميونغ ليبرر له او يدافع عنه ، بل شعر الجميع بالخجل من هذه التهمة ، حينما يكون الخطأ والفساد والسرقة عاراً على مقترفها ، حينها سندخل التاريخ كشعوب حيه.
الثانية :
كانت التهمة التي وجهت لـ (داميان تاريل) الرجل العاطل عن العمل الذي صفع الرئيس الفرنسي ماكرون هي «الاعتداء على موظف عام »
اكرر
« الاعتداء على موظف عام »
حكم عليه بالسجن لمدة 18 شهراً،منها 14 شهراً مع وقف التنفيذ .
دميان عبّر عن استيائه من الرئيس وتصرف كأي مواطن غاضب لم يتمكن من العيش بصوره صحيحة، معتقداً ان الرئيس هو المسؤول عن افراد المجتمع ، وهو المقصر بنفس الوقت .
لم تلصق بداميان تهمة الخيانة ، ولم يتهم بأنه مدفوع من قبل جهة اجنبية ، ولم يطلق عليه لقب جوكر او ذيل ، ولم يكن ابناً لسفارة اجنبية ، وانما اعتبر مواطناً غاضباً من سوء الاحوال المعيشية في وطنه ، وتصرف طبقاً لحالته النفسية .
الدرس الذي نستفيده من هاتين الحادثتين، ان معايير القانون مقدسة لدى الشعوب ، وان الحكام زائلون والوطن باقٍ ، والمراهنة ليست على الاشخاص بل على العدالة .
لي ميونغ باك انحرف عن النزاهة و وقع في الفساد، لذا يجب ان يحاسب ، مثلما كوفيء على انجازاته ، يجب ان يحاسب على فساده ، فالحسنة لا تدرأ السيئة في القانون .
لم يستنكر احد حكم الرئيس او اقتياده للسجن ، بل استنكروا فعلته التي مسخت تاريخ انجازاته الكبيرة،
وكذا الحال مع الرئيس الفرنسي ، فهو مواطن والرجل الذي صفعه مواطن ايضاً ، هو لم يصفع ماكرون الشخص ، بل صفع ماكرون الرئيس المسؤول عنه ، الذي لم يقدم له ما يحفظ به حياته الكريمة ، هكذا يعتقد ، لذا لا يمكن ان يتهم بغير الجرم الذي اقترفه ، ولا يمكن ان يُنتقم منه لأنه صفع الرئيس.
انها معايير القانون والدول التي تحترم نفسها.