علاء الخطيب
الفساد يكمن في داخل النفوس ، ما ان وجد له متنفساً حتى يطل برأسه، ليس له دين أو هوية ، او بقعةجغرافية محددة ، فهو من شيم النفوس فان تجد ذا عفةٍ فلعلةٍ لا يفسد.
الفضيحة التي كشفتها شرطة بروكسل بعد القاء القبض على المتهمين الخمسة بتلقي رشاوي من دولة قطر و تفتيش اماكن سكناهم و مصادرة الاموال التي وجدت بحوزتهم وهي ما يقارب الـ 600 الف يورو واجهزةكمبيوتر وهواتف نقاله.
برهنت ان لا احد فوق التهمة والشبهات ، مادام الامر متعلق بالمال .
كما أثبت ان الفساد يمارسه الجميع ، اذا ما اتيحت لهم الفرصة .
فالنفس امارةٌ بالسوء اينما وجدت ، فالعرق ولون العيون والشعر الاصفر او الاحمر والاسود هي علاماتفارقة ظاهرية للاشخاص ، اما الباطن هو الباطن ، وما تُكنَه الصدور .
في عرين الاتحاد الاوربي بلجيكا ومن داخل البرلمان الاوربي ، استحوذ الفساد على ارواح اربعة نواب ،والخامسة نائبة رئيسة البرلمان الاوربي ” ايفا كايلي“، وسال لعابهم للمال القطري
النواب الاربعة المتهمون بتلقي رشى من دولة قطر, من كبار السياسيين الاوربيين وينتمون لاحزاب اوربيةعريقة ترفع شعارات الشفافية والنزاهة ، لكنهم وقعوا في الفخ وذاب الثلج وبان المرج كما يقول المثلالسوري .
المحققون الاوربيون وجهوا تهم بالفساد وغسيل الاموال عبر الدولة الخليجية التي تنظم كأس العالم حالياً، إلا ان قطر رفضت التهمة تماماً .
و مما يُضحك في الامر ان امولاً وجدت في بيت نائبة رئيس البرلمان الاوربي ، إلا انها انكرت علمها بهذهالاموال ، مستنجدةً بنظرية المؤامرة، اذ قالت ان هناك من يكيد لها و يبغضها ، ودبر لها هذا الامر بالنهاروليس بالليل كما يقول العرب ” انرٌ دبر ليل .
ولم تغادر عقلية المؤامرة رئيسة البرلمان الاوربي روبوتا ميتسولا فقالت : ” ان هذه الحادثة هي هجوم علىالديمقراطية من قبل اطراف ذوي دوافع مغرضة مرتبطين ببلدان ثالثة استبدادية” ، مشيرة الى دول الشرقالاوسط .
ياله من تبرير ساذج للفضيحة ، فانطبق عليها المثل العراقي القائل ” رادت تكحلها عمتها“ ومعناه ارادتان تلقي باللائمة على طرف اخر فوقعت في فخ الكراهية والعنصرية والنظرة الفوقية .
الكبرياء الاوربي ، لم يسمح لنفسه القول ان هناك فاسدين في البرلمان وان المسؤولين الخمسة لا يختلفونعن نطرائهم في الشرق الاوسط. بل هم من عجينة واحدة .
فاستحدثوا نظرية استهداف الديمقراطية الغربية من قبل دول العالم الثالث .
وبعد انكشاف الزيف ورفض قطر للتهمة، و تفاقم الازمة واستقالة وطرد الاعضاء الى حين انتهاء التحقيق ، ولتلافي تصريح ميتسولا قالت: أورسولا فون ديرلاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، إن تلك الاتهامات “خطيرةجدا“، مطالبة بتأسيس جهاز للرقابة على الأخلاقيات لضمان الالتزام بها في منطقة اليورو.
السيدة دير لاين تنبهت مؤخراً ان هناك ضرورة لسن قانون وجهاز رقابي للاخلاق في اوربا . ولم تلتفتحينما افرزت ازمة اوكرانيا كماً من العنصرية في التعامل مع اللاجئين على اساس عروقهم وامنياتهم ، ولمتنظر الى قيء الكراهية الاوربي الذي شهده العالم جراء تصريحات المسؤولين و بعض الاعلاميين عن الشعرالاصفر والعيون الزرقاء .
تغافلت رئيسة البرلمان الاوربي ميتسولا و رئيسة المفوضية الاوربية فون ديرلاين ان استطلاعاً صدر عنالاتحاد الاوربي يتحدث عن الفساد في اوربا ويذكر “ أن ثلاثة أرباع الأوروبيين يعتقدون أن الفساد ظاهرةواسعة الانتشار، وأكثر من النصف يرون أن مستواه ارتفع في أوطانهم خلال السنوات الثلاث الماضية. وقدذكر واحد من بين 12 أوروبياً أنه كان شاهداً أو شارك في عملية فساد في العام السابق.
وأظهر تقرير المفوضية أن المشتريات الحكومية عرضة بشكل خاص للفساد ” يعني ان هناك رشاوي تقدمللمسؤولين عن المشتريات ، كما أن بعض القطاعات بما في ذلك التنمية الحضرية والبناء والرعاية الصحيةوإدارة الضرائب تبدو أيضا عرضة للفساد.
أصبح الفساد في اوربا أمرًا روتينيًّا، ففي إيطاليا، هناك محاكمات في قضايا فساد بحق رئيس الوزراءالسابق «سيلفيو برلسكوني»، وفي إسبانيا، تورطت العائلة الملكية في تحويل عدة ملايين يورو من الأموالالعامة، ويلاحَق في تلك القضية «إينياكي أودنغارين»، زوج ابنة الملك الصغرى «كريستينا»، التي استدعيت شخصباً للمثول أمام القضاء.
أما في اليونان، تجري ممارسة التهريب الضريبي على نطاق واسع عبر شركات «أوف شور»، وتورطت ثلاثحكومات في «لائحة لاغارد»، التي تضم ألفي اسم ليونانيين لديهم حسابات مصرفية في فرع سويسري منبنك «HSBC».
وفي بلجيكا، أنشأت الملكة «فابلولا» (84 عامًا) مؤسسة خاصة في نهاية 2012 لتفادي دفع حقوق الإرث. وفي بريطانيا هناك فضائح تتعلق بنفقات النواب ، والاحتيال على المعاشات التقاعدية في النرويج،والمحسوبية في التشيك ورومانيا، وتضارب المصالح في بلغاريا وفنلندا وسلوفينيا.
اذاً الفساد لايخص دول العالم الثالث بل هو ظاهرة عالمية ، تنامت في السنوات الاخيرة بشكل اوسع ، وذلكلتلاشي القيم والمبادئ. الانسانية التي ضمنت الحد الادنى من الاخلاق . فتولدت ازمة اخلاق عالمية
نعم هناك ازمة اخلاق عالمية ، وازمة قيم ومباديء يمر بها العالم بأسره ، ويجب ان نعيد تحديث المفاهيمالانسانية ، بعيداً عن العرق واللون والجغرافيا . الفساد الاوربي الذي اظهره نواب ونائبة رئيس الاتحادالاوربي ليس فساداً عادياً بل هو ظاهرة خلقت معادلة، ربما كانت غائبة وهي ان الانسان هو الانسان بغضالنظر كل المسميات .