عبدالسادة البصري
في رواية ( سفر التكوين ) للكاتب ( ادواردو غاليانو ) نقرأ مثلاً يفتتحها به يقول :ــ إنّ العشبَ الجاف سيحرقُ العشب الرطب !! ما يجعلنا نتساءل :ــ إذا الأعشاب تفعل بنفسها هكذا فكيف البشر ؟!
العشب الجاف خالٍ من كل ما يشير إلى وجود الحياة ، أما الرطب فمكتنز بشتى تفاصيلها المثمرة !! وهذا ينطبق على الجنس البشري ، فالمعبّأ بالحقد والكراهية والأنانية والحسد والفساد ، يختلف كليا عن الممتلئ بالطيبة والمحبة والتسامح ونكران الذات والنزاهة والإخلاص والحب !!
ونتساءل :ــ مَنْ المملوء حياةً وبناءً وازدهاراً واخضراراً وسعادة وفرح ؟! ومَنْ ينزّ موتاً واصفراراً وبؤسا وخرابا ؟!
الحياة الحقيقية يعيشها الممتلئون بها ، وبكل ما يبعث فيها التجدد والنمو ، وهم المتسامحون ، المحبّون ، العاملون بالعدل والخير والنزاهة ونكران الذات !!
وهذا عشناه و ما نزال نعيشه منذ ما يقارب النصف قرن ، حيث ساد البلاد أناسٌ لا يمتلكون من هذه المشاعر أبدا ، أشاعوا الكراهية والحقد والأنانية والحسد والغَيرة والرعب والفساد ، حكوماتٌ مهووسة بالدم وأخرى بالفساد ، نظام فاشيٌّ حكم البلاد بالنار والحديد، فانتشرت رائحة البارود والخوف والموت ، وصرنا نبحث عن كوّة نستنشق منها استقرارا وفرحا ، عسكرَ البلادَ والعباد والتراب والشجر فاصطبغت أيامنا بلون الحروب ، وبقينا تحت مطرقته نتلهف لشروق شمس حانية ذات يوم ، وجاءت لحظة الشروق بسقوطه المريع ، فتنفسنا الصعداء ورقصت قلوبنا فرحاً بزواله ، لكن حريتنا وفرحتنا لم يدوما طويلاً ، حيث سُرِقت الفرحة منّا ، وصرنا نتلمس دروبنا بين دهاليز مرعبة ، إذ ساد البلاد أناسٌ كالعشب الجاف ، أشاعوا الكراهية وأسّسوا لها ، وفتحوا أبواب الطائفية مشرعة ، فظلّوا يصبّون الزيت فوق النار لحاجات في نفوسهم المريضة ،وكأنهم قد تشرّبوا بمبدأ ( فرّق تَسُد ) الذي قرأنا عنه ، وعرفنا أن الاستعمار كان يشيع ثقافته بين الشعوب للسيطرة عليها واستغلالها ثم نهب ثرواتها وخيرات أوطانها ، وهذا ما حصل بعد ما دبّت الطائفية والمحاصصة المقيتة التي شرعنت الفساد بكل أشكاله ، فعمّ الخراب ، وماتت الضمائر وتعفّنت النفوس وضاعت البلاد ، وصرنا نخوض في وحل الخراب والتدهور ومن سيّءٍ إلى أسوأ !!
لهذا علينا أن نتوقف قليلا ونتأمل أنفسنا :ــ هل بنينا أو سنبني وطناً ؟!!
إذا أردنا أن نبني وطناً حقّاً ، علينا أن نشيع ثقافة التسامح والمحبة ونقضي بالعدل بين الناس لنشعرهم أنهم أخوة يعيشون في وطن واحد وتحت سماء واحدة ويشربون من نهرين عظيمين !!
الأدلّة على بناء الأوطان كثيرة ، ما علينا إلاّ أن نملأ قلوبنا وقلوب الناس تسامحا ومحبة وإيماناً بالوطن بشكل حقيقي ، لا شعارات وكلام فارغ !!!!!
والذكريات صدى السنينَ الحاكي..في العام 1973،وأنا في الصف الثالث المتوسط،(متوسطة سومر للبنين في الناصرية)،وهو العام الأخير لنا في مدينة مسقط الرأس،حيث هاجرنا الى العاصمة بغداد في العام ذاته،وكنت وقتها في السنة السادسة عشرة من العمر،حين كنا ـ أنا وأخي الفنان التشكيلي والشاعر الراحل أحمد الجاسم،الذي يكبرني بخمس سنين، ـ نرتاد جمعية رعاية الفنون والآداب،التي كانت تشغل شقة مكتبية متواضعة،في شارعٍ ضيِّقٍ مقابل سينما البطحاء الشتوي سابقاً، مبنى مستشفى الأمل حالياً،طلب مني الفنان المسرحي الراحل مهدي السماوي،أن أُصَمِّمَ له غلافاً لكتاب مسرحيته الجديدة الثالثة ( جاؤوا في العام الخامس عشر بعد النصف الأول من هذا القرن)،في إشارة الى العام1965الذي تأسست فيه منظمة التحرير الفلسطينية،وطبع الكتاب فعلاً في مطبعة النعمان في النجف الأشرف،في العام التالي1974.شكري وتقديري واحترامي للدكتور الفنان ياسر البرّاك لإهدائي هذه النسخة من الكتاب الثمين،في حفل توقيع مجموعتي الشعرية الثانية (أغطية الكلمات) في الناصرية. ورُبَّ قَوْل..أنفذُ مِنْ صَوْل…(محمد الجاسم)
حور الجبوري : اليتيوب علمني الرسم
حور فتاة عراقية ذات الاربعة عشر ربيعاً، فنانة موهوبة ، متمكنة من ادواتها الفنية ، وصفت بالتشكيلية الواعدة ، شغلت منصات التواصل الاجتماعي واصبحت حديث الاعلام ، تسابقت الفضائيات على استضافتها ، تملك قدر كبير من الاحساس في مزج الألوان. تمتاز بحرفية عالية، فهي ترسم بسرعة ملفتة للنظر، فما تكاد أن تنهي حديثك معها حتى تفاجئك بانجاز لوحة غاية في الدقة والجمال لوحة متكاملة ، ينتابك شعور بمصداقية الرسمة وانت تحاكي الواقع وتقارن بينه وبين ما خطت ريشتها الموهوبة.
التقتها المستقل للحديث معها حول اكتشاف موهبتها و طموحاتها المستقبلية في عالم الفن .
حور الجبوري فتاة في بداية طريقها في هذا العالم الساحر ولدت في النجف عام 2005 ، طالبة ثانوية في مرحلتها الرابعة، وتسكن مع عائلتها ، تقول:
“كنت في مراحل الدراسة الابتدادية امارس الرسم بشكل مميز فنصحني أهلي وبعض المقربين ان اصقل هذه الموهبة بشيء من المتابعة والتعليم فلم اجد أمامي سوى اليوتيوب لسبب عدم اهتمام البيئة التي نعيش فيها بهذا الجانب خصوصاً للفتيات.
وتتابع حور : نوع الرسم الذي أمارسه (بوب آرت) وبألوان من نوع الأكريليك ويبدو إنها احدى الطرق الصعبة لانواع الرسم وتعتمد على ذاكرة حادة ونشطة للرسام.
إشتركت حور في عدة معارض للرسوم والفن التشكيلي محلية ومعرض النجف الدولي الذي أقيم في المحافظة ومعارض مدرسية كثيرة حصدت فيها العديد من جوائز (دروع كما هو معتاد في العراق) مع شهادات مشاركة.
تضيف حور إنها تطمح أن تكون إسماً مهماً في عالم الفن التشكيلي بالعراق وهي مسرورة جداً لما لاقته من إهتمام إعلامي خلال هذه الفترة حيث ظهرت في كثير من برامج الشاشات الفضائية ولاقت إستحساناً لا بأس به من المتابعين.
لا أخفيكم سراً انا أيضاً لاقيت صعوبات في الحوار مع الرسامة كونها لا زالت صغيرة العمر ومحدودة الاطلاع والمعرفة، فهي بحاجة الى صقل موهبتها ومتابعتها من قبل مختصين ورواد في مجال الفن التشكيلي.