تحقيق : مخدرات تحاصر الوطن من جميع الجهات / علي غني

تحقيق : مخدرات تحاصر الوطن من جميع الجهات / علي غني

خاص للمستقل

 

بغداد / المستقل : علي غني

 

هل العراق صار مستهلكا للمخدرات بعد ان كان ممرا في السابق؟
هل الحكومة قادرة على امتصاص تاثيرات المخدرات؟

أحذر نفسي ،كما أحذر أبناء وطني،اذا لم نتعاون سنغرق جميعا!! ،المخدرات تزحف علينا من جميع الجهات!!تحاصر العائلة،لتفتك بالوطن بأكمله،اذا نحن مقبلون على انتحار جماعي،فمن يوقف هذا الانتحار،ومن يوقف مآسيه،ومن حول العراق من ممر الى مسكن!،وهل امكانية الحكومة أكبر من المتعاطين والمروجين؟ولماذا هذا الاستهداف الممنهج للشباب؟

حقائق احصائية
بلغت نسبة المروجين للمخدرات في جانب الرصافة 30٪؜ وفي جانب الكرخ 40٪؜ بحسب الاحصائية التي اجراها مدير مركز اليقين للدراسات الاستراتيجية الباحث الحقوقي أبو يقين الموسوي،الذي كشف لنا عن معلومات غاية في الاهمية،اذ تحول العراق من ممرا للمخدرات الى بلد مستهلك لها،وهذا بفضل العولمة! ومؤامرات دول الجوار في تهديم العراق.
العراق ممر دولي للمخدرات باتفاقيات دولية
ربما يتساءل أحدا ما( والكلام لأبي يقين)،كان العراق في عهد النظام السابق شديدا مع  من يتعامل مع المخدرات،لكننا نقول له ،ان النظام السابق كان ممرا للمخدرات باتفاقيات دولية،وقعت أحداهما سنة ١٩٦١ في نيويورك،ومصدقا عليها دوليا،لذلك تكاد لاتذكر تجارة اسمها(المخدرات) في العراق.

 

عملاء أو وكلاء

أقول لك حقيقة،لايوجد تجار محليون ،اقصد(مافيا) عالمية،ولكن يوجد عملاء،او وكلاء لترويج المخدرات يرتبطون في المافيات العالمية، وفي مقدمتها اسرائيل وامريكا سواء بنحو مباشر أو غير مباشر،وهؤلاء ينشرون هذه المواد القاتلة ،عن طريق ادواتهم المحلية والاقليمية.
وتابع ابو يقين:بما ان الحدود مفتوحة مع جميع دول الجوار،فقد اصبحنا مستهلكين وناقلين للمخدرات،ولاسباب ،منها زيادة الجريمة والانحلال والفساد،وهنا اقصد الفساد لدى بعض الاجهزة الامنية(مع تقديري العالي للابطال منهم)،فقد اصبحت تتفنن في الافراج عن المعتقلين  من المروجين المحليين،فيما يعود السبب الاخر لانتشارها الى نظرية الحرب الناعمة،التي تتمثل بالغزو الفكري والعقائدي،لم يمتلك العراق من ارث عقائدي واجتماعي مؤثر جدا بالمنطقة،لذلك يراد تهديم هذا الفكر وزعزعة التقاليد والاعراف.

أضبط اعصابك

ارجوك(أضبط اعصابك ،ولاتتعرض للصدمة)،واسمع من عندي هذه المعلومات،التي اكتشفتها من خلال البحث،فالنجف تحمل الرقم واحد في اعلى نسبة في انتشار المخدرات،لان طابعها ديني ويغلب عليها الطابع العشائري والمحافظ،ثم تأتي البصرة،ثم ميسان،والمدهش تماما،ان المناطق التي يسيطر عليها داعش،التي تفتقر الى اجهزة أمنية،تنتشر فيها المخدرات بنسبة ٢ بالمائة،وهو أمر ملفت للانتباه.

بدون علم الزبون
زودني أحد الاشخاص بمعلومة خطيرة جدا،ففي بعض مقاهي (الكوفي شوب) وهي مقاه تقدم فيها(الاراكيل) ويضعون للزبون الذي يدخل لاول مرة المادة المخدرة مع التتن الخاص بها ويقدمونها له بسعر مغرٍ جدا، وعندما( يتولع )بها ،يفرضون عليه السعر الذي يريدونه،وبذلك يقاد للادمان دون ان يشعر بذلك.

ضعف الرقابة

اعتقد جازما ان ضعف الرقابة ،وضعف الاجراءات على الحدود البرية بين العراق ودول الجوار،أدت الى دخول انواع متعددة من المخدرات امرا يسيرا،هذا ماقاله الدكتور (محمد نعمان الداودي) رئيس اتحاد الحقوقيين العراقيين،والامين العام المساعد لاتحاد الحقوقيين العرب،مضيفا:ان التفكك الاسري والعامل الاقتصادي وغيرها من العوامل ادت بالشباب العراقي الى الانحدار الى مستنقع الادمان حتى بات ظاهرة تهدد امن المجتمع وسلامته.
لذلك (والكلام للداودي)،ان هناك حاجة حقيقية للتدخل لحل مشكلة المخدرات،تشترك فيه مجموعة من الجهات، ولعل اهمها(الحكومة الاتحادية،والحكومات المحلية،والاجهزة الامنية،والقضائية،والدينية والاعلامية،ومنظمات المجتمع المدني،والعشائر،والمجتمعات المحلية،والمختصين في مجال علم النفس والاجتماع التربية،وغيرها من التخصصات.

حالات الانتحار

وأعود للباحث(السيد ابو يقين الموسوي)،ان جميع حالات الانتحار هي بسبب المواد المخدرة سواء أكانت كريستال او الحبوب ،وبدات تتطور الى زرق الابر. للكريستال،الدور الاكبر في ارتفاع
معدلات حالات الانتحار،لكون  متعاطي هذه المادة لايستطيع تركها،وخذ مني هذه المعلومة الصادمة( كما يشيرابو يقين)،بانه تم توريط الكثير من الشخصيات التي تنتمي لعوائل لديها  تقاليد وعادات رصينة،واغلب افرادها يمتلكون شهادات علمية كبيرة،انها الكارثة!
مخططات مشبوهة

الذي يلاحظ من خارطة انتشار المخدرات في العراق، وهو استنتاج من البحث،بحسب يعرف  بأن هناك مخططات مشبوهة،فالمناطق الشعبية التي تصدى افرادها (لداعش)،بحسب فتوى الجهاد الكفائي المباركة، تحتل المراتب الاولى،وهنا تكمن المشكلة الكبرى،كما يقول الباحث(ابو يقين)،فالعراق معرض لعمليات استهداف كبرى،تريد تهديم الاخلاق.
عقوبات جرائم المخدرات
وانا اغادر مركز اليقين للدراسات الاستراتيجية،وانا مصاب بصدمة كبيرة،لما سمعت من حقائق مذهلة ،قلت مع نفسي بدأنا المعركة الاكبر من الارهاب المباشر،فهنا عدوك متخف ،ويستهدف المناطق الحساسة من البشر،الا وهي الاخلاق،والمبادىء والقيم،فكنت راغبا ان اعرف،ما العقوبات المترتبة على جرائم المخدرات،وكيف تتعامل الحكومة مع المتاجرين والمتعاطين،وما خططها لمعالجة هذه الآفة القاتلة.
وضع المشرع العراقي  عقوبات على جريمة تعاطي المخدرات ، فنصت المادة ٣٢ من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم٥٠ لسنة ٢٠١٧،يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن سنة واحدة،ولاتزيد على ثلاث سنوات، او بغرامة،لاتقل عن ٥ ملايين دينار لمن يتعاطى المخدرات،فيما نصت المادة٢٧ من القانون يعاقب بالاعدام او السجن المؤبد،كل من ارتكب احد الافعال الاتية،استيراد او جلب او اصدار مواد مخدرة او مؤثرات عقلية او سلائف كيميائية بقصد المتاجرة فيها بغير الاحوال التي اجاز بها القانون،فيما اشارت المادة ٢٨ من القانون ذاته يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت وبغرامة لاتقل عن عشرة ملايين دينار ولاتزيد عن عن ٣٠ مليون دينار كل من  حاز او اشترى وباع  أو امتلك مواد مخدرة او مؤثرات عقلية او سلائف كيمياوية المدرجة ضمن جدول رقم واحد من هذا القانون
حملة كبرى
وأعود للباحث (أبو يقين)،وهو يقول:اذا اردنا ان نقضي على الظاهرة الخطيرة جدا،علينا استحداث مراكز فحص في جميع دوائر ومؤسسات الدولة العسكرية والمدنية تقوم بفحص المنتسبين كل شهر،وعلى الحكومة توفير المستلزمات،كما يجب تنفيذ حكم الاعدام الصادرة بحق المروجين للمخدرات سواء من العراقيين او الاجانب،يرافق كل ذلك برامج توعوية من خلال الفضائيات العراقية،التي تفتقر الى برامج توعية من مخاطر المخدرات.

مركز تخصصي


المعالج والباحث النفسي أحمد محمد/ماجستير علم نفس/ يعمل في مستشفى ابن الرشد التعليمي قال: بح صوتي ،من مناشدة الجهات المختصة بانشاء مركز تخصصي بعلاج الادمان غير مرتبط بالمستشفيات النفسية،لكنني اجابه دائما باعذار عديدة منها،الميزانية لاتكفي ،أو لدينا ظروف طارئة
وتابع: توجد في المستشفى ثلاثة عشر سريرا،ومتوسط بقاء المريض بالمستشفى عشرة أيام،اي نستقبل سنويا(٥٠٠) مريض،وهي أعلى سعة سريرية موجودة في بغداد والمحافظات عدا البصرةوأقليم كردستان،والاعداد في تزايد.
اقول حقيقة ان الدخول هنا طوعيا، ولايترتب عليه اجراءات  قانونية،والعلاج مجانيا مع خدمات ترفيهية وفندقية وادوية، ومراجعين من شتى مناطق بغداد الفقيرة والغنية،يدفعهم طلب المساعدة لانهم لايتمكنون من اداء واجباتهم اليومية.
لدينا مشكلة(يواصل الباحث احمد كلامه) ،فالبرنامج العلاجي التأهيلي لايقتصر على الرقود في المستشفى،انما يتضمن المراجعة لمدة لاتقل ثلاثة اشهر،واحيانا تستمر لمدة سنة كاملة،اما المشكلة فاغلب المرضى لايلتزمون بالبرنامج العلاجي بعد خروجه من المستشفى،مما يؤدي الى انتكاستهم مرة اخرى، وان اكثر المواد هي الكريستال والخمور.
نحن نحتاج الى مراكز تخصصية حديثة تعتمد بروتوكولات ملائمة وبرامج تأهيلية متطورة،وتقدر حاجتنا الى اربع مراكز موزعة على الوسط والجنوب والشمال،لذلك نحن نؤكد على البرامج التثقيفية والتوعوية.
نراقب كل شىء

العقيد الدكتور زياد القيسي مدير اعلام المديرية العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية،كان معنا صريحا للغاية فأشار:-قبل  الخوض معكم با لحديث ،لابد لي ان أعرفكم بعمل المديرية ،فأول شىء نقوم به هو جمع المعلومات الاستخبارية عن التجار والمروجين والناقلين والمتعاطين من خلال مفارزنا المنتشرة في المحافظات ،ومنها بغداد،وقمنا بتخصيص الخط الساخن المجاني(١٧٨)،لتلقي البلاغات من المواطنين المتصلين والذين يدلون بمعلومات عن المتاجرين والمروجين والمتعاطين، وبسرية تامة،ونقوم بمقاطعة المعلومات التي تردنا عبر الخط الساخن.
وتابع القيسي ،وهو يقول: على افراد المجتمع كافة مراقبة كل شىء ،يخص ابناؤهم وبناتهم بدءا من مواقع التواصل الاجتماعي، الاصدقاء،الجيران ،سمعة المنطقة،المقاهي ،ليصل الامر حتى الى مصروف الشاب سواء اكان ولدا ام بنتا، علينا ان لانغفل ولو دقيقة واحدة،نحن في حرب دائمية،لان(المخدرات والارهاب وجهان لعملة واحدة)،وانا اعتز بهذه المقولة التي قلتها يوما ،وصدرت من أعماقي.

الحلول المناسبة

 

توجدمشاكل عديدة لغرض معالجة انتشار المخدرات ،منها قلة مراكز التاهيل، وقلة الوعي. والجهل والبطالة وغيرها من الاسباب التي ادت لانتشار المخدرات وهنا يجب ان نضع حلولاً مناسبة للحد من هذه الظاهرة منها تخصيص مبالغ مالية ، للذين يسهمون في القاء القبض على المتاجرين بالمخدرات مثلما ينص عليها القانون، ويرغب بالمزيد ،نريد ان نشجع كل من يسهم في محاربة هذه الآفة.
اياد خفية
وكشف(القيسي) عن معلومات مهمة،ومثيرة بوجود اياد خفية  وخبيثة  تقوم بنشر المخدرات ،لكن ،كل المعلومات تشير الى ان اليد الطولى بنشر المخدرات،تعود الى قوى الارهاب التي تسعى الى تخريب البنية الاجتماعية للمجتمع العراقي.
ولاأخفي عليك الحقيقة(والكلام للدكتور زياد)،بان السيد وزير الداخلية عثمان الغانمي،وبأشراف مباشر لوكيل الوزارة لشؤون الشرطة الفريق عماد محمد محمود ،ان المديرية العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية،وبالتعاون مع الاجهزة الامنية،ووجهاء العشائر ورجال الدين ومنظمات المجتمع المدني،ووسائل الاعلام تعمل بكل طاقاتها لغرض الحد من مخاطر انتشار المخدرات والمؤثرات العقلية.
واذهب معك بعيدا،حين اقول لك من دون مبالغة،فان اللواء مازن كامل منصور مدير عام المديرية العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية،يعمل على مدار اليوم،ويتابع العمل ميدانيا ،وكذلك عبر الجهاز اللاسلكي،وهو على دراية بكل شىء عبر الخط الساخن،وما ترفع له من قضايا تخص العمل من خلال قسم الاعلام والعلاقات،ومن بينها المناشدات التي تنشر على صفحة المديرية على التواصل الاجتماعي،وضمن هذا العمل الجماعي ستتوحد جميع الجهود للقضاء على أفة المخدرات
طريقة غريبة للتهريب؟
بعد ورود معلومات استخبارية للمديرية العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية  بوجود شخص يقوم بتهريب المواد المخدرة بطريقة غريبة وهي وضع المواد المخدرة(في فتحة الشرج) تم نصب كمينا محكم وتم القاء القبض على المتهم ، وارساله للمستشفى ليتم فحصه بواسطة جهاز الاشعة (السونار) وقد وضحت الاشعة بوجود جسمين غريبين جدا  بالقرب من فتحة الشرج للمتهم ،وعلى اثر ذلك تم احالة المتهم للطبيب المختص في مستشفى البصرة العام ، وبعد اعطائه العلاج من قبل الطبيب  تم خروج كيسين ازرقين مع البراز والفضلات من فتحة الشرج للمتهم ، وبعد فتح الكيسين اتضح بداخلهما مواد مخدرة، وتم توقيفه!
اعترافات متعاطي مخدرات؟
الطالب (ميم ) ، تخرج توا من احد الكليات الانسانية،ولايملك نقودا تجعله يتزوج،رافق صديقا  تعرف عليه في احدى المقاهي في بغداد،من النوع المغامر،فاستطاع جذبه لشقته ،وهناك بدأ يتعاطى مادة الكريستال،في البداية والكلام (لميم)كنت اشعر بنشوة ،ولكن باستمرار التعاطي،بدأت علي اعراض كثيرة دفعت اسرتي واصدقائي للانتباه على تصرفاتي الغريبة ،اقول لك حقيقة مؤلمة ان اصدقاء السوء والفراغ الذي يعيشه الشباب،والتنافس غير الشريف في امور الحياة والتقليد الاعمى،كل هذه العوامل دفعتني للتعاطي،ولكن ارادة الله انقذتني ،بعد ان تم علاجي في أحد المستشفيات ،اذ تكفل علاجي اصحاب الخير والشيمة.
احصائيات؟
تشير الاحصائيات التي اعدتها مفوضية حقوق الانسان في العراق،ان أعداد الموقوفين والمحكومين في قضايا تجارة المخدرات وتعاطيها لعام ٢٠١٨ بلغت ٩٣٢٨ شخصا ،اما عام ٢٠١٩ فقد بلغت ٦٤٠٧ شخصا،ولم تتوفر احصائيات لعامي ٢٠٢٠، ٢٠٢١، وهذه الاحصائيات لاتشمل اقليم كردستان العراق.

مازلنا في البداية
من خلال جولاتي الميدانية،تبين لي ان هناك حقائق عديدة مفقودة،اذ لاتتوفر احصائات دقيقة من حيث الاعداد التي تتاجر او تتعاطى المخدرات ،عند جميع المؤسسات،وان جهود الدراسات الخاصة تتميز بالوضوح اكثر من المؤسسات الحكومية،لذا نحتاج الى اعادة النظر بجميع الاجراءات الخاصة بالمخدرات ،وحصرها بجهة واحدة توفر الاحتياجات  الخاصة للمتعاطين عن طريق تأسيس مراكز تأهيلية تغطي العراق،واختصار الاجراءات القانونية،وزيادة الدعم لمنتسبي مكافحة المخدرات،ورفع مؤسستهم الى جهاز شأنه شأن مكافحة الارهاب،وعلى وزارة الصحة ان تستحدث فحصا شبيه بكورنا لمعرفة الاشخاص المتعاطين،مثلما يقع على وزارة الثقافة والوزارات الاخرى جانب التوعية الدائمية بهذه الافة الخطيرة جدا.

(Visited 19 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *