نعيم عبد مهلهل / فرانكفورت
من يشم رائحة الطين سيكتشف أن أول فعل لعطر الطين هو تخيل صورة وجوه الدمى.
ولهذا فإن الدمية التي أرى أطفال المعدان يصنعوها باحتراف بدائي لتبدو وجوه الإناثفيها مثل أسماك طائرة في الهواء أو عصافير عابسة فأعود إلى شكل المانيكان الذيشاهدته لأول مرة في واجهات محلات شارع النهر والكرادة في بغداد، ومن ثم بدت أكثردهشة وإغراء حين رأيتها في واجهات محلات عروض الأزياء قي شارع الشانزليزيه فيباريس، فأعود بذاكرة هذا الكائن الصامت الذي يصنعه أطفال قريتنا من الطين فيماتصنعه المصانع الأوروبية من البلاستك والخشب ويغطي رأسه الشعر المستعار فأعودإلى تاريخ هذه الدمية الصامتة والتي ترتدي الأثواب قبل أن ترتديها الإناث الحقيقياتعندما ظهر المانيكان لأول مرة في المحلات التجارية الكبرى عام 1860 وكانت من دونوجوه. وتطورت على يد المهندس البلجيكي (ستوكعن) عام 1869 عندما أضاف إليها وجهوشعر طبيعي، وقد أحدث عرضها الإعجاب والدهشة لدى الناس.
أتخيل المانيكان التي برع بصناعته التلميذ (صيهود نذر غالي) حيث كان يعرض دماهفي الشمس وعندما تيبس يعطيها لمعلم الفنية ليلون على أجسادها أثواباً وتنوراتويعود إلى عرضهن في فناء المدرسة حيث يصبغ الخجل والضحكة فتيات القرية حينيشاهدن دمى صيهود، وقد ألبسهن الميني جوب وتنانير المدرسة وأحياناً يتمادى المعلمقي شهية الأثواب ويجعل صدورها بحمالة الصدر فقط، وقتها تمتنع الفتيات الذاهباتمع جواميسهن إلى مراعي القصب من الاقتراب من الدمى وبعضهن يحاولن رمي نظرةبعيدة مع اشتياق غريب للاقتراب منها.
يسأله أحد المعلمين بضرورة ستر أجساد الدمى.؟
فيرد: إنها طين والخجل والشهوة لن تسري في عروقه، دعها هكذا فالشمس تحب أن ترىصور آلهة الأرض القديمة تعود ثانية على شكل مانيكان.
قال: ولكن مانيكانك هذه غيرت سير مشهد أحب أن أراه يومياً.
قال: ما هو؟
قال: صبيات القرية وهن يقدن قطعان جواميسهن إلى الماء.
الآن أتجول في الشارع الباريسي أتذكّر أطفال المعدان ودمى المانيكان، فتسكنني رغبةاستعادة كل تلك الذكريات التي تحمل عطر الطين وذلك الزمن الذي تصبغه أقلام معلمالرسم، ونظرة الحنين في وجه التلميذ صيهود لحظة انتهائه من إكمال واحدة من دماهالتي تقترب أشكالها من وجوه معدان القرية وشيوخها حتى يصل به الأمر إلى تسميتهاحتى لو كانت وجوه نساء، وجه شغاتي وطهيمز وناشي وفخرية وحالوبة وهنده.
هنده تلك كانت أجمل بنات القرية وكان وجهها أبيض مثل القمر، وحين أخبرها ابن عمهاأن صيهود وضع اسمها تحت قاعدة واحدة من دماه جاء أبوها غاضباً إلى المدرسة ورفسالدمية وكسرها.
ذلك اليوم شاهدت أول منيكان يكسر بغضب ذكوري، فيما الرجال الآن في شارعالشانزليزيه يكسرون المانيكان بنظرات غزل وشهوة كما يتعاملون مع إناث بدم ولحم.
هذا الصباح أنا في مكتبة متحف بومبيدو للفن الحديث أبحث عن مصدر لإحدى البحوثففوجئت بمعلومة أصلها من الشرق تتحدث عن تاريخ المانيكان.
ضحكت ورحت أقرأها بشغف وأنا أتخيّل وجه صيهود لحظة صناعته دماه:
التشكيل قديم قدم البشرية وكان أول ما قام به آدم وحواء عليهما السلام عندما غطياسوءتيهما كما في الآية الكريمة: (فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَاوَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْلَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ).
بدأت عملية التشكيل منذ أن خلق الله الإنسان على الأرض، وكان بشكل بسيط عندمااستخدم مجموعة من أوراق الشجر لتوضع مع بعضها فتشكل غطاء يستر به عورته
___.
حكايات متسلسلة للروائي والشاعر نعيم عبد مهلهل تنشرها المستقل تباعا .
برج الحمل
”فينوس” و“الشمس” معاكسان وعليك ألا تبالغ في العناد على كل الأصعدة، و طوالالأسبوع يجب أن تعمل في صمت ولا تغامر في توقيع الأوراق
برج الثور
”فينوس” و“الشمس” داعمان بمنزل العلاقات، ويدفعانك للتوسع في علاقاتك وأعمالك،ويعدانك باكتشاف أساليب جديدة لزيادة مواردك المالية. ومن الإثنين للأربعاء: يجب أنتراجع حساباتك وأن تضاعف تركيزك وابتعد عن العصبية.