صائب غازي
ينتاب الأوساط الفنية بمختلف تخصصاتها قلق ممزوج بشئ من الاستغراب مفاده أنهكيف اصبح لدينا هذا العدد من كليات ومعاهد الفنون الجميلة في العراق؟ هل فعلا هناكحاجة حقيقية لها؟ هل امتلكنا سوق عمل فني كبير يطلب هذا العدد من حملة الشهاداتفي تخصصات الفنون ؟ أم هي أفتتحت وتعددت وانشطرت لأسباب أخرى أهمها الجانبالتجاري ربما ذلك من أجل جباية رسوم انتساب تمول الكلية وتدفع الرواتب للأساتذةوالموظفين ولو أفترضنا أن هذا هو السبب الرئيس في الكليات الأهلية والدراسات المسائيةفماذا عن الكليات الحكومية المجانية ؟ لن أذهب الى الإغراق في تفاصيل الجانب الإداريوالمالي فالمهم هنا هو الجانب الفني والمهني والنقطة الجوهرية هي أن معظم خريجوكليات ومعاهد الفنون اليوم لا يعملون في مجال الفن والفرص ليست كثيرة فالمسارح فيالعراق ليست مزدهرة والمسرحيات شحيحة جدا والمعارض التشكيلية كذلك والإنتاجالسينمائي شبه معدوم إلا من بعض النتاجات البسيطة والتي أصلا لا تُنتَج بتقنياتسينمائية بل تلفزيونية كما أن القنوات التلفزيونية في العراق على كثرتها فالأكاديمينالعاملين فيها عددهم محدود ، إذن مالغرض من وجود خمسة عشر كلية ومعهد للفنون فيالعراق ولماذا هذا الازدياد بأعداد الكليات في السنوات الأخيرة فقط والتي تمنح وفرة منالشهادات الأولية والعليا على حد سواء بمقابل سوق عمل فني شحيح يتأرجح بعضهبين الردئ والضعيف والدخيل ، وحقا ينتابنا شعور بالصدمة والخيبة ونحن نرى عددكبير من خريجي الفنون لا يعرفون كيف يتذوقون الفن أو كيف يتعاملون مع اللقطةواللوحة لا يجيدون فلسفة الصورة ولا يستطيعون صناعة جملة فنية فكرية أو فلسفيةواحدة وذلك مؤشر خطير يثبت واحدة من اثنتين إما لم يتم إعدادهم جيدا أو هم غيرموهوبين في الأساس وفي الحالتين تتحمل الكليات والمعاهد المسؤولية المطلقة في هذافأولى شروط قبول طلبة الفنون هي الموهبة وأن قبول طلبة غير موهوبين حتما سوفيحولهم فيما بعد الى مجرد حمل ثقيل مضاف غير منتج ويصبحوا عالة كبيرة على الفنالعراقي وعلى المجتمع كله ، في عام 1989 كنت قد نشرت مقالا في جريدة الجمهوريةتحدثت فيه عن (واقعية طلبة السينما) وناقشت فيه كيف يمكن للطالب السينمائي انيتجه نحو الإحباط بسبب ضعف التقنيات السينمائية المتاحة انذاك فلم يكن اهتمامالدولة مثالي بكلية الفنون الجميلة فهي ليست من أولوياتها ومع النقص الكبير فيالجانب العملي والميداني بشكل واضح لكن الطالب كان يتخرج وهو محمل بكم معرفيفني وثقافي وفلسفي كبير يؤهله أن يضع خطواته على سكة الفن الصحيحة ويبقىالأمر فيما بعد متوقف على قدرته في بذل مجهود شخصي استثنائي في الدخول الىالمؤسسات المهنية التي كانت تضع ضوابط صارمة أمام منح فرصة الانضمام اليهافياترى كيف الحال مع خريجي الفنون اليوم وكيف هي ضوابط حصولهم على فرصةالعمل؟ اعتقد أن على كليات ومعاهد الفنون أن ترفع من مستوى الضوابط في قبولالطلبة وأن تقلل بشكل ملحوظ من أعداد المقبولين وأن لا ترضى بأقل من الموهبة الواعدةلأن خريج الفنون سوف يحمل الرسالة الحقيقية ويكون الأداة الفاعلة على المستوىالمهني مستقبلا فقبول أعداد كبيرة من الطلبة بلا منفعة ولا منجز حقيقي لهم اثناء فترةدراستهم أو حتى بعد تخرجهم يعد مضيعة لمستقبلهم قبل كل اعتبار آخر كما يجب وضعضوابط صارمة أيضا للحد من قبول الأعداد المتزايدة في الدراسات العليا فالمؤسساتالمهنية دائما ما تكون بحاجة الى طبقة مهنية وسيطة من حملة الشهادات الأولية فيالدبلوم والبكالوريوس أكثر من حاجتها الى الشهادات العليا في الفنون ، كنا نمتلكاربعة غرف مونتاج سينمائي في قسم الفنون السمعية والمرئية بكلية الفنون الجميلة فيمرحلة الثمانينات وكان عدد الطلبة قليل جدا فكنا ندخل ثلاثة طلاب في غرفة المونتاجالواحدة وهكذا ايضا في بقية الورش السينمائية الأخرى هذا العدد الضئيل يزيد منفرص التعلم والمعرفة والابتكار فعندما تمتلك كلية الفنون طلبة موهوبين باعداد قليلةواساتذة كفوئين حتما يكون المنجز شئ مبهر ، ان الإسراف غير المنطقي بمنح الشهاداتالأولية والعليا في التخصصات الفنية في كليات ومعاهد الفنون الجميلة في العراق هوليس بالأمر الإيجابي بل يبعث على القلق لأنه يأتي على حساب المستوى المعرفيوالعلمي الى جانب العجز باستيعاب هذا الكم من حملة الشهادات في المؤسسات المهنيةوالتعليمية بعد التخرج فتتجرد الشهادة من قيمتها بسبب غياب التخطيط وتقع في فخالبطالة المتفاقمة وتلك خسارة باهضة الثمن ، نحن اليوم بحاجة الى إعادة النظر بشكلدقيق بكل التفاصيل المتعلقة بالأمر وفقا لنظرية العرض والطلب وحاجة سوق العمل فيتخصصات دقيقة ومهمة مثل الفنون ولنا ان نشاهد ونلمس كيف أن التراجع الأكاديميينعكس على مستوى المؤسسات الإعلامية والفنية العراقية ، دراسة الفنون الجميلة لمتكن يوما مسألة مزاجية أو تكميلية وانما تفرضها التطورات والتحولات التي يمر بهاالمجتمع العراقي الذي يعيش حركات تغيير ونمو مستمر على المستوى السياسيوالفكري والعلمي والاقتصادي والفني كذلك يصاحبه ارادة في التغيير نحو الأفضل عبرقوى بشرية تمتلك حسا فنيا وجماليا ابداعيا يجعلون للفن العراقي موقعا أكاديمياومهنيا فالفنون واحدة من وسائط التعبير الفاعلة داخل المجتمعات والمؤثرة فيه بعمقلذلك يحتاج العراق الى فنانين مهنيين حقيقين وليس حملة شهادات فقط .
مراثي الحطاب الكبيرة
صدرت للشاعر العراقي جواد الحطاب مجموعة شعرية جديدة بعنوان المراثي الكبيرةضمت عددا من آخر قصائد الشاعر وكتب لها المقدمة الناقد العراقي الدكتور صالحهويدي .. جاء في مقدمة الدكتور هويدي :
ثمّة سمات فنية مشتركة غلبت على مراثي الحطاب، منبثقة من واقع موضوعتهوطبيعتها الوجدانية، تقوم على تقنية (المونولوج)، لما تحتاج إليه هذه الموضوعةالعاطفية من نجوى داخلية، تتطلبها المزاوجة بين (المونولوج) والوصف السردي لوقائعالأحداث، من خلال لغة بصرية متفرّدة.
• أما السمة الفنّية البارزة الأخرى، فهي إشاعة التساؤلات؛ بالانتقال من (المونولوج) إلىالسؤال تارة، أو من وصف المشاهد البصرية إلى السؤال تارة أخرى، لتظلّ الأسئلةالأسلوب الأكثر تعبيراً عن هول ما يحدث، وقسوته وغموضه، جاء ذلك من خلال توظيفالشاعر بياض الورقة، للإيحاء بما لا يمكن للفظ استيعابه أو تحديد المسكوت عنه. ..
…
• شاعر استجاب لنداء نفسه، ولمتطلبات الواقع التاريخي وما حل بالعراق، فوجد نفسهمنخرطاً في استذكار فجائعه، ليقدم لنا مرثياته بروح الحداثة ووعيها، مجدّداً فيها،ومعيداً الاعتبار لهذا الغرض الذي تحوّل معه إلى همّ حداثي تجاوز كل نمطي ومألوف.
تحقيق ثقافي
هل الكتاب وحده يصنع الثقافة؟
قحطان جاسم جواد
ما بات الكتاب وحده صانعا للثقافة، بعد التطور الكبير في وسائل السوشيال ميدياوتطورات الاتصالات الحديثة وبروز الكتاب الالكتروني وغيرها. فاصبح الكثير من الناسيعتمد في تنمية ثقافته من خلال الوسائل الاخرى غير الكتاب.لكن على مايبدو ان الكتابسيبقى هو المصدر الاساس في ثقافة الانسان مهما تطورت الوسائل الاخرى لاسبابيتمتع بها الكتاب نفسه.وبعد سنجد اجوبة كثيرة عن تساؤلنا (هل الكتاب وحده يصنعالثقافة)؟ فتعال عزيزي القاريء لنقرا سوية اجابات الادباء:-
الثقافة لايمكن اختصارها بقراءة كتاب
القاص ابراهيم سبتي اجاب بقوله:-
هل الكتاب وحده يصنع ثقافة ؟ قد يكون السؤال صعبا ولكن الجواب اصعب حتما .. فالكتاب جزء مهم من منظومة الثقافة الانسانية ولكنه يحتاج لكثير من المفاصل الاخرىللاكتمال .. والثقافة الانسانية بمفهومها العام لايمكن ان نختصرها بقراءة كتاب ,فمهماتعددت القراءات وكثرت , فانها لم تبلغ حاجة الانسان للتثقيف وصنع مثقف . ويعتقدالبعض بان قراءة الكتب , كافية لصنع اديب او ناقد او باحث , فمهما امتلكت تلك القراءاتمن عمق وثراء , فانها تبقى ناقصة طالما يظل الهم الانساني هو المسيطر على التفكيرالعام فمن غير الممكن ازاحة الهموم والانتكاسات والانكسارات والمسرات التي تحوم حولنا, من المشهد واعتبارها غائبة في تقييم الذائقة الثقافية . فهي حاضرة دوما وتلعب دورامهما في تحديد المفاهيم الاساسية لبناء ثقافة شخصية يتمنى كل انسان ان ينالها لانالثقافة تصنع انسانا اخر تماما .. منذ صغرنا ونحن نطمح للقراءة وبعد ان تحققتالرغبة صار علينا متابعة الطقس الادبي اليومي الشهي بشيء من الفخر لاننا صرنانختلف عن اقراننا , وبعد ان عاصرنا كتب الادب بمختلف انتماءاتها وتوجهاتها , وجبعلينا ان نديم صبرنا ونديم قراءاتنا لكي نستمر بأفضليتنا على اقراننا الذين توزعوا فيمفاصل الحياة غير آبهين بما نفعله . وصرنا ندمن حياة جديدة قاهرة في ظل العوزوالتمني وضيق الافق ونظر الينا الاقارب والأباعد بإشفاق وعطف وحزن لأننا بنظرهم قدهدرنا مستقبلنا واقتربنا من الضياع والتسكع و الموت المبكر. لكن ارادة الانسان هي منتتحكم في ميولة احيانا , فصارت القضية اكبر والمصيبة اعظم , فكلما امعن الزمن فيناثقافة اقترب منا الخراب والعوز وانسداد الافق , لكن الرغبة وعشق الالم العذب للثقافةجعلنا نخوض هوس التجربة مهما كلف الامر. هو تحدٍ اذن , اما ان نغادر عالما مؤلمابروح تغيب عنها جراحات الزمن او ان نكون جزءا من مصير امة مثقفة تحاول جاهدةالوقوف ثانية رغم كل شيء ، تحية للكتاب الذي صنع ثقافة متميزة لكل من ادمن عليه.
الكتاب درس ثقافي معرفي
وقال الروائي والسيناريست شوقي كريم حسن:-
الغيوم حتى الان، واعتقدها ستظل لزمن طويل، تجلل بعض ما نردده في حياتنا، ومنهاتلك الكلمة المصطلح، التي بات يرددها كل من استمع اليها، حتى اصبحت باهتة الوجود،مالثقافة حقاً، يتوجب اولاً معرفة صيرورتها، وكيفيات التعامل معها، والكشف عن طبقاتحضورها الابداعي والاجتماعي معاً، كل المثقف هو المنتج للعلوم والمعارف والادابوالفنون، والذي يضيف للحياة الانسانية ما يؤهلها الى الاستمرار، ام هو ذاك الذي يقالانه يعرف شيئا بسيطا عن كل شيء؟ ام هو المتعلم الذي تدرج في تعليمه ضمن مبداالطريق الذي يجب ان يسلك، تلك مسألة متداخله، واراى الخوض في جوانياتها لا يفيدبشيء البتة، وان كنت اقف مع التوصيف الاول الذي اراه الاقرب الى حقيقة السؤالواحابته، نعم وبكل اصرار، الكتاب هو المصدر الاساس لوجود مثقف فاعل عضوي،الكتاب الذي يرسخ مفاهيم السلام والجمال لا تلك الكتب الصفراء التي تدفع الى الحقدوالكراهية، كنت اتأمل القول الذي شاع من ان خير جليس في الزمان كتاب، واحاول شقرسوخه، الكتاب ليس جليساً قد يكون بسيطاً او حتى تافهاً، الكتاب درس ثقافي معرفي،يعطيك مالم يعطك غيره، متعة تعلم، كشف عن حيوات واسئلة ما كنت لتعرفها لولاه، وقدتحصل من خلال الكتاب عن اجابات ظلت تدور حائرة في اعماقك المضطربة، والباحثة عناسرار وجودها، الذي صار محيرا حقا؟ الكتاب ثقافة، ويعلم الثقافة، ويدفع بالمتلقي الىان يكون مثقفا فاعلا ومنتجاً جمالياً، مع توافر بعض الاشتراطات الاخرى التي تجعل منهمنتحاُ للكتاب مثلما كان متلقيا.
د
واقع التلقي الثقافي اختلف كثيرا
وقال الروائي والكاتب اسعد الهلالي:-
واقع التلقي الثقافي اختلف كثيرا هذه الفترة واظنه سيزداد اختلافا في المستقبل.سابقا
كان الكتاب هو المهيمن، لكن الآن ربما تراجع كثيرا بعد أن اصبحت وسائل الاتصالالجماهيري المختلفة هي المهيمنة. ربما رضي الكتاب لنفسه أن يكون مرجعا لحواراتثقافية تديرها وسائل الاتصال.لكن أن يكون هدفا أو وسيلة للتثوير الثقافي، أعتقد انه لميعد قادرا على لعب هذا الدور .من جانب آخر اعتقد انه في افضل حالات انتشاره هذهالفترة، لكن ليس بصفته التقليدية، أي الكتاب الورقي المحتفظ بطقوس القراءة التقليدية،بل من خلال منصات التواصل الاجتماعي ايضا عبر صيغة الكتب الالكترونية أو الكتبالمسموعة. وهي دفاعات أراها مناسبة كي يواصل الكتاب لعب دوره الفاعل في أيامناهذه وفي المستقبل. وربما يعمد إلى وسائل اخرى يحاول أن يحتفظ فيها بوجوده.. فيمجال الرواية مثلا صرنا نرى روايات مرسومة بطريقة الكوميك.. كما في مجلات الاطفالالتي تقدم قصصا مرسومة.
ينبغي ان يدرك المثقف ان مصادر الثقافة متعددة
ويقول القاص كاظم حسوني
لا يكفي ان يكون الكتاب المصدر الوحيد للثقافة، رغم انه خير جليس..احسب ان الحياةالتي نعيشها والأنغمار بالواقع والتعاطي مع مجرياته ،الى جانب التبصر بالأحداث.والتحولات. امر ينطوي على اهمية كبيرة. للتثقف والانفتاح والوعي..كل هذا في تصورييشكل مصدر غاية في الأهمية.. اذ ما المعنى ان يكتفى المرء بقراءة الكتب وهو يحيامنعزلا و بعيدا في صومعته يجهل ما يجري من حوله. او لا يأبه بما يفزره الواقع منحيثيات ووقائع وانكسارات او كوراث وشتى التطورات التي تمس جوهر الحياة. وتحيق بالمجتمع.. فيما عاشق الكتاب في عزلته لايعلم بشيء منشغلا وغارقا بخيالاته واحلامهواوهامه وشفغه.، من هنا تتضح صورة هذا المثقف بجلاء بوصفه. عنصرا سلبيا وعاطلاومتطفلا لا يعي دوره ووظيفته وواجباته. كانسان ومثقف.. من هنا تبرز لنا ضرورة انيدرك القارىء او عاشق الكتب ان منابع الثقافة متعددة.. لعل اهمها التفاعل الحيوالايجابي المثمر في مجتمعه وأسرته ومحيطه.. فضلا عن الاهتمام بحدود ما. بالفنونالاخرى المتمثلة مثلا في المسرح والتشكيل والموسيقى او السينما ..والرقص والنشاطاتالمتخلفة التي من شأنها خلق الوعي والذائقة وفتح الآفاق.. اضافة الى اهمية السفر. والتعرف على ثقافة الشعوب وجمال المدن وسحر الطبيعة وزيارة المتاحف والآثار،والوقوف على روائع الابداع الانساني بمختلف الحقب والازمان.. هذه كلها تؤكد انالكتاب ليس هو المصدر الوحيد للثقافة.
الكتاب هو الاهم لمدى غير معلوم
وقال القاص عبدالامير المجر:-
الثقافة مفهوم واسع .. لكنها تبقى مجموع المعارف المتحصلة في رحلة الانسان والامم .. اما كيفية تحصيلها فهذه مسألة اخرى .. في اعتقادي ان الكتاب كان الاهم والابرز فيكيفية ايصال الثقافة بوصفها نتاج عقول المتأملين والمتسائلين في هذه الحياة التيترفدنا بالجديد كل يوم، بل كل ساعة ودقيقة .. وبما ان وسائل ايصال (الثقافة) تعددتوتنوعت في زمننا هذا، فان الكتاب بات أحد اهم مصادر الثقافة وليس الوحيد، لكنهالوحيد الذي يعطي القارئ ثقافة عمودية اي انه يتعمق في ايضاح موضوعته ليفيهاحقها من البحث والتحليل، من الناحية المبدئية، فالذي يشاهد برنامجا ثقافيا يتحدث عنامر ما يتحصل على ثقافة معينة، لكنها تبقى مختزلة وغير مشبعة لمن يريد الاستزادةوالتعمق، وهذا يوفره الكتاب الذي يوفر مساحة كافية لإغناء الموضوعة التي يريد الكاتبشرحها .. وعليه فإن الكتاب سيبقى الأهم لأمد لا ادري كم سيطول .. لكنه لم يعد الوحيدبسبب تنوع المصادر…
من مفكرتي الفنية
اطراف حديث مجيد السامرائي
قحطان جاسم جواد
في عمود سابق تناولت برنامج ضي الكمر الذي عرض في رمضان الماضي وحللت الكثيرمن مناطق الضعف والقوة سواء في الاعداد او التقديم. وقد حصد العمود بعد ان نشرتههنا في جريدة المستقل ومن ثم على صفحتي في الفيسبوك الكثير من الاهتماموالتعليقات معظمها ايدت ماذهبت اليه من اراء.اليوم اتناول برنامج اخر اكثر اهميةوعمرا هو برنامج الدكتور مجيد السامرائي(اطراف الحديث).وهو من البرامج المعمرةقياسا للبرامج الحديثة في الفضائيات العراقية.البرنامج من اعداد وتقديم الزميلالسامرائي .وهو نموذج للحواريات العفوية غير المتكلفة ويسودها الاسترسال وخلقالكثير من الاستفسارات والاسرار التي تأتي عفوية وبدون تخطيط، بل بمجرد استفزازبسيط من المقدم وليس انتظار الضيف ليبوح باسرارربما ينتظرهاالمشاهد الكريم للتعرفعلى تلك الخفايا. اعتقد ان مجيدا افلح كثيرا بادارة واعداد اطراف الحديث ولو انه احيانايحاول استعراض معلوماته وثقافته على حساب وقت الضيف وهو غير مطلوب منه ذلك.
وهو غير عجول في طرح الاسئلة ولا يقاطع ضيفه كثيرا ، وهي صفة المحاورين اليوم فيمعظم الفضائيات. كذلك يتميز بالهدوء وهي صفة مهمة للمحاور حتى ان انتقده الضيفاو تقاطع معه.لاننا شاهدنا بعض البرنامج حيت تحصل تقاطعات او يعلو الصوتوتتشنج الاعصاب ويزعل الضيف ويرمي السماعة من اذنه ويغادر البرنامج بسببضعف الحجة.او يفتح الضيف النار على محاوره ويتهمه بالكثير من الصفات النابية.وقدحدث الكثير من هذه المواقف في برامج عدة الا في اطراف الحديث حيث الهدوءوامتصاص غضب الضيف او تغيير كفة الحديث للسيطرة على الموقف وهو مايتمتع بهالمحاور.كذلك يحتاج البرنامج الى الخروج خارج الاستديو في موقع الحديث مثل المصهراذا كان الضيف فنانا تشكيليا لنرى كيف يصنع اعماله وهكذا للبقية.
لكن هناك عتبا من الكثير من الضيوف الذين يستحقون ان يكونوا ضيوفا في البرنامجلكننا لانجدهم فيه ربما لموقف شخصي من المحاوراوالقناة.في حين ان البرنامججماهيري ويحق للجميع ان يظهر فيه بلا حساسيات سياسية او خاصة.
عموما اطراف الحديث استثمر نجاحه وقام بطبع مجموعة كبيرة من حلقاته في كتاب هوالجزء الاول وستعقبه اجزاء اخرى، وهي خطوة ذكية ليدخل البرنامج مجال التوثيقالمكتوب اضافة لوجوده كتوثيق فيديوي.وهي خطوة ستزيد من انتشار جماهيريةالبرنامج وتوثق حياة وافكار ضيوفه التي قيلت في حلقاته المتتابعة.تهنئة حارة للزميلالسامرائي على حواراته المتواصلة عبر اطراف الحديث.