الكنة والحماة …. ناديه الكتبي

ناديه الكتبي 

من أجمل وأطرف العلاقات الشائكة التي لا تنتهي، قضية الكنة والحماة. علما أن هناك حالات كثيرة من الحب والــود والاحترام بين هاتين السيدتين. يقول المثل الشــعبي يقول: “لو دورنا بقصور الجنة ما كنا لقينا حمى بتحب كنة”، فما هو التحليل المنطقي لهذه العلاقة وكيف على كلا الطرفين تفادي المشاكل التي تؤثر سلباَ على الزوج – الضحية الأكبر- وعلى البيت كله. وما هو دور هذا الرجل في هذه القضية المعقدة.

تحاول أم كل شاب أن تجد أفضل وأجمل عروس لابنها، وهي الطريقة الكلاسيكية للزواج التقليدي. كما تسعد الأم العصرية جدًا عندما ترى الفتاة التي اختارها ابنها وتحتضنها كإبنة لها. ولكن الويل الويل عندما تشعر الأم أن ابنها سُحِب منها وصار عقله وروحه وانشغاله مع أنثى أخرى. فتبدأ المعارك الطاحنة ما بين الاثنتين ويقع المسكين (الزوج) في فخ الاختيار: أمك أم زوجتك؟

في هذه الحالة، فإن أي تصرف أو كلمة تصدر من الشاب، ستكون ضربةَ قاضيةَ أو حلاً دبلوماسياً. مما يسمح بوجود هدنة حرب بين الطرفين، بعد أن يعمل الزوج على تضميد الجراح، ويقوم بالاسعافات الأولية للطرفين المحاربين. فيساهم علاج الزوج في حل العُــقد والأزمة الراهنة. فإن كان الزوج محنكاً وحكيماً بكلامه وتصرفه مع الأم ومع الزوجة، فهو قادرٌ على أن يُطفئ فتيل الحرب هذه. فأضحى قائداً ذا سلطة قوية، يمنع أي شجاراتٍ في المستقبل. ولكن الطامة الكبرى إن لم يُعطِ كلتيهما حقها، فسوف يُنصب له فخٌ من جديد، ليقع فيه، ولربما يخسر الاثنتين معاَ، فلا يحظى على رضا والدته ولا تبقى زوجته معه.

هذا لا ينفي مسؤولية الزوجة من تجنب المشاكل مع أم زوجها. فالفتاة المؤدبة والذكية عليها أن تعتبر أم زوجها أُماَ لها. وهذا يعني أن أيّ تصرفٍ منها سيكون في خانة الأمومة، وعلى الكنة أن تتقبله وأن تسامح أم الزوج تماما كما تسامح أمها. هذا هو أساس نجاح علاقة الزوجة الناجحة مع زوجها وعائلته. هذا المبدأ سيسهل عليها الالتفات إلى مواضيع تتعلق بواقعها ومستقبلها كزوجة وأم. على الزوجة الذكية أيضا استخدام الكلام المعسول مع أم زوجها في كل وقت، فهذه الأم التي أنجبت وربّـت وتعبت حتى رأت ابنها شاباَ وسيماَ أمام عينيها، من حقها أن تشعر بالدلال والمديح والاطراء. من هنا على الزوجة أن تعِّوض الحماة عن ابتعاد ابنها عنها، المنهمك بانشغالاته ببيته وعائلته الجديدة. وبما أن الكنة هي في وجه المدفع، فعليها أن تحرص كل الحرص على ترضية أم زوجها والاهتمام بها. هذا السلوك لا يعد انتقاصا من شخص الزوجة، بل على العكس تماما، فهو يدل على حُسن تربية البنت وأخلاق ومبادئ أهلها الأصيلة. على الكنة أن تتذكر دائما، أنها ستحظى بنفس معاملتها اللطيفة هذه عندما تصبح حماة في المستقبل.

أما الزوج و الابن، فعلى عاتقه المسؤولية الأكبر بفرض شخصيته، مع اعطاء كلا من أمه وزوجته حقوقهما. فبحكمته يستطيع أن يبقي أمه ملكته الأزلية على عرش كينونته. فهي التي أنجبته وضحّت لأجله وتعبت بالسهر على تربيته. لذا على الابن أن يقبــل يديها ويطلب رضاها في كل وقت وحين، ولا يهملها بعد زواجه. وعليه تمضية المتسع من الوقت ليسمع اّهاتها ويُرضيها، محاولا اسعاد فؤادها. وعليه ألا ينسى بأن يُقضي كل حوائجها من طبابة وتسوق، وأن يجلب لها كل ما يتمناه قلبها فهي التي كانت تفعل أكثر من ذلك ليكبر وتراه قوياَ ورجلاَ فعالاَ بالمجتمع.

في الوقت نفسه، على الزوج مراعاة زوجته وشريكة حياته، وأن يُشعرها بأنها أميرته الحسناء التي لا مثيل لها في الوجود وأداء كل حقوقه كزوج. والنقطة المهمة هنا، أن يوضح لزوجته منذ البداية أن أمه هي أصل كيانه، ولا يمكن وضعه في مكان للمقارنة في حبه لكلتيهما. فالأم لها مكانتها، والزوجة شريكة روحه وفلذة فؤاده.

هي تفاصيل قد تبدو بسيطة، ولكنها تغير الكثير من المعاني والتصرفات والقرارات وتبني بيوتا من المحبة والاحترام، وتمنع في المقابل تهديم صرح العائلة المقدس. هي الكلمات اللطيفة والدبلوماسية التي ترمم العلاقات وتبني عائلات سعيدة. والعلاقة الناجحة في بيوتنا مقدمة لنجاح مجتمعاتنا، فيما العلاقات السامة أو غير الصحية في البيت تساهم بتهديم العالم.


مشاركة المقال :