كتب المحرر السياسي للمستقل :
الصراع الطافي على السطح بين المالكي وبعض اطراف الأطار من جهة والسودانيين جهة اخرى ليس لصالح احد منهم ، وسيضعف الطرفين ، فيما سيضطر كل منهما إلى تقديم مزيد من التنازلات للأطراف الأخرى من اجل الانتصار على خصمه، والمستفيد من هذا الصراع سيكون الطرف الواقف على التل وينظر ، هذه الخصومة تذكرنا بخصومة التيار الصدري مع المالكي في 2010 عندما اضطر المالكي للتوقيع مع البارزاني او ما عُرف آنذاك بوثيقة الـ 14 نقطة التي منحت البارزاني و الكورد امتيازات على حساب حقوق الأكثرية .
يدور الزمن دورته وتعود الكرة مرة اخرى بنفس الطريقة ، خصومة إبناء المكون الأكبر ستجعل منهم المكون الأضعف، وربما ينطبق عليهم الحديث المشهور ” أفمن قلة ٍ يومئذٍ ، قال : لا ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل “
والغريب بالأمر ان كل من يتسلم منصب رئيس الوزراء يدخل وحيداً ، ويخرج بكتله انشطارية ، تحاول ان تبتلع المشهد السياسي ، وتتضخم الحالة، وترتفع لديه مناسيب النرجسية .
حينما نجح المالكي في الدورة الاولى لتسنمه منصب رئيس الوزراء ، كان مدعوماً من كل الكتل في مكونه ، ولكن في دورته الثانية بدأ الامر يتغير،والضغوط تتزايد ، والتنازلات التي قدمها لخصومه السياسيين ، أربكت المشهد واضعفت القرارات ، وبالتالي انسحب وزراء التيار الصدري، وانعكس ذلك على الاداء الحكومي ، لذلك قيل ان الولاية الثانية حملت معها اخطاء كبيرة ، الحقيقة هي ان “الاخوة الاعداء ” هم من ساهموا في إضعاف المالكي ، وهم من ضغطوا باتجاه افشال الكثير من الخطوات مثل قانون البنى التحتية ، والمبادرة الزراعية ، و اكمال بناء المستشفيات. وغيرها ، كما قالها يوماً باقر جبر صولاغ وبهاء الاعرجي ، نحن من أفشلنا مشاريع المالكي ، وقال: صولاغ انها مؤامرة دبرت بليل ” .
هذا الكلام ليس دفاعاً عن المالكي ، بل لتوضيح صورة أصول الضعف في المشهد السياسي للمكون الأكبر ، وان السبب الرئيسي في الضعف هو حالة النرجسية التي تتولد لدى كتلهم .
ان حالة التداعي في المشهد السياسي الشيعي هو عدم وجود ضابطة سياسية ، أو مرجعية موحدة، او جماعة لديها أهداف ثابته ، ربما يختلفون على كل شيء لكنهم يتفقون على عدم التفريط بحقهم كأكثرية وطنية ، فهم ليسوا حزباً واحداً وليسوا تحالفاً بالمعنى الحقيقي للتحالف ، بل هم مجاميع تتجمع من اجل غاية معينة وينفرط عقدها حينما تنتهي الغائية لديهم ، وكل يغني على ليلاه ، و ” تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى “
في انتخابات العام 2021 اشتدّ صراع الزعامات ، بين الأطار والتيار ، و بقي المشهد السياسي بين الشد والجذب بين الاثنين ، وحدث ما حدث وسالت الدماء وقتل من قتل، وأصيب من أصيب ، والنتيجة خسارة كبيرة خرج على إثرها التيار الصدري من المشهد السياسي، مما أدى إلى ضعف الحالة العامة للفاعل الشيعي .
واليوم يقاطع التيار الانتخابات، وهو اكبر تيار وطني مؤثر في الشارع وله جمهور عريض ، وبالتأكيد سترتد هذه المقاطعة بالسلب على المكون الأكبر .
فالمكون الذي يمتلك لوحده اكثر من 180 مقعد في مجلس النواب ، ويسمح له دستوريا بتشكيل الحكومة، وتعيين الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ، راح يستجدي موافقات شركائه، بحجة التوافق السياسي .
وسبب ذلك خصومات الزعامات وتفرقهم عن حقهم العام لحساب حقهم الشخصي ،
ان خصومة الزعامات اثرت بشكل كبير على ثقة الشارع بالعملية السياسية ، وكذلك انعكست على تدني الخدمات وتحقيق المطالب ، فعلى سبيل المثال الاموال التي تنفق في استمالة الاخرين والدعاية الانتخابية لكل طرف ، لو انها تجمعت وتوحدت لتمكنوا من إنجاز أعمال مهمة وكبيرة ، و لقدموا مشاريع ومنجزات مهمة تغنيهم عن التبريرات التي يطلقونها او يتعللون بها.
ان خصومة الزعامات هي التي أوصدت باب المرجعية أمامهم ، وهي التي شجعت الآخرين على إطلاق مقولة ” الشيعة للطم او مو مال حكم “.
الاختلاف سنة طبيعية بين البشر ، ولكن يجب ان تكون هناك سقوف للاختلاف ، بحيث لا تضر بالقواعد الشعبية ، ولا تتجاوز الخطوط الحمراء .
ان ما نشهده اليوم في الساحة السياسة من خصومة كادت تكون علنية بين السوداني. وشركائه، ستُلجأ الجميع إلى التنازلات ، وستكون الولاية الثانية للسوداني ان حصلت ضعيفة وغير قادرة على الإنجاز كما هي في ولايته الاولى .
ان الانجازات التي تحققت في الولاية الاولى هي انجازات الحكومة برمتها ، وهي نتيجة هذا التماسك ، والدعم من قبل كل الكتل المنظوية تحت مظلة الاطار .
وقد قيل ” يد الله مع الجماعة، وكذلك ذكر الله في القران ” ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”
. فهل من مذكر .
