غانم السراي
في كل صباح، ومع أول فنجان قهوة، كان الإعلامي العراقي يحمل على عاتقه أكثر من مجرد خبر يحمل مسؤولية نقل الحقيقة لكن اليوم، يبدو أن هذا العبء أصبح ثقيلاً لدرجة أنه يهدد بالانهيار ،لم يعد الأمر يتعلق فقط بالبحث عن معلومة، بل بمغامرة محفوفة بالمخاطر في عالم مليء بالضغوط والخوف !
للأسف، تحولت “السلطة الرابعة” إلى ظل باهت كنا نؤمن بأن الصحافة هي حارس الشارع وعين المواطن، لكنها أصبحت في كثير من الأحيان مجرد أداة في يد من يملك القوة.
لقد رأيت بأم عيني كيف أن صحفياً شجاعاً كشف عن ملف فساد ضخم، فلم يُكافأ على مهنيته، بل طُورد قضائياً، وكأن الحقيقة جريمة لا تُغتفر ! هذا الواقع المرير يجعلنا نتساءل: كيف يمكن لصحفي أن يعمل بضمير وهو يخشى على مستقبله وعائلته؟
لا يمكننا أن نلوم الصحفيين وحدهم فالحكومات المتعاقبة لم تكن داعمة لهذا القطاع، بل فضّلت السيطرة عليه وتوجيهه بما يخدم مصالحها السياسية، وتجاهلت أن الإعلام الحر هو الأساس لأي ديمقراطية حقيقية. لكن دعونا لا نغفل أيضاً عن بعض من باعوا مبادئهم من الداخل، وتحولوا من مدافعين عن الحقيقة إلى مروجين للباطل، مقابل منصب أو امتياز.
ورغم كل هذا، ما زال هناك بصيص من الأمل .. شباب يحملون في قلوبهم شغف الحقيقة، وأقلامهم ما زالت تبحث عن الكلمة الصادقة. هؤلاء الشجعان يحتاجون منا أكثر من مجرد إعجاب؛ يحتاجون إلى دعم حقيقي، إلى قوانين تحميهم، وإلى مؤسسات مستقلة تمنحهم الحرية والأمان إن إنقاذ الإعلام في العراق ليس مهمة فردية، بل هو مسؤولية مجتمع كامل يؤمن بأن الشفافية هي الطريق الوحيد نحو مستقبل أفضل.
في النهاية، هل نترك الإعلام يغرق في بحر الفوضى، أم نمد له يد العون ليعود سلطة رابعة حقيقية، قادرة على حمل صوت الناس دون خوف؟
