فلسطين بين الضمير العربي والأوربي

كتب المحرر السياسي للمستقل

في خطوات غير مسبوقة أعلنت كل من بريطانيا وفرنسا وكندا عزمهم على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وربما سيكون هذا الاعتراف من نيويورك في مؤتمر ترعاه المملكة العربية السعودية  في النصف الثاني من الشهر القادم، هذا الإعلان الذي ازعج نتنياهو و اعتبره خطوة تدعم الأرهاب على حد قوله ، متناسياً ان ما يقوم به هو وجيشه  من فعل ، ترفضه كل القوانين الدولية والانسانية ليس تطهيراً عرقياً وعملاً عنصرياً !!! ، وان الحرب التي تجاوزت الانتقام هي التي دفعت أوربا إلى اليقظة .

فقد ارتفعت اصوات إلسويد ، والنرويج وهولندا  وبلجيكا  وسلوفينيا بالمطالبة بإدانة إسرائيل والوقوف بوجه حرب الإبادة  والتطهير العرقي ، والتجويع الوحشي.

فيما أعلنت كل من النرويج وإيرلندا وإسبانيا. الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، الخطوة التي  اعتبرت نقطة تحول في العلاقات الاوربية الاسرائيلية ، و بمثابة التكفير عن الذنب  .

لقد اصبحت اوربا اليوم في مواجهةٍ مع قيمها وشعاراتها التي تبجحت بها لسنين طوال.

  ويبدو انها حسمت الأمر لصالح الحق الفلسطيني ، فكل  ما دار ويدور في غزة كان بمثابة وخزة ضمير ، فقد خرج الالاف في الشوارع الاوربية يطالبون بايقاف المجازر في غزة ، كما تظاهرات الجامعات ، واصدرت  المحكمة الجنائية الدولية حكما قطعياً باعتبار نتيناهو وبن غفير ، مجرمي حرب ، وأصدرت بحقهم مذكرة القاء قبض ، وعلقت المفاوضات  التجارية بين بريطانيا وإسرائيل ، واوربا تعتزم مراجعة اتفاقية الشراكة التجارية بينها وبين تل ابيب .

فأخذت بوصلة العلاقات مع  الكيان  تتجه نحو صوب آخر .

يقطة الضمير الأوربي هذه، قابلها موت الضمير العربي.

فرغم ما تقوم به إسرائيل من مجازر وتدمير في غزة ، ورغم القرب الجغرافي، وصلة الرحم وشراكة الدم ، نرى ان العرب وكأنهم يشاهدون فيلماً  في سينما ، لقضاء وقتاً ممتعاً للترفيه.

باستثناء ما يقوم به اليمنيون ،  والموقف العراقي. العلني ، فقد عجز العرب ان يوصلوا رغيف واحد لغزة ناهيك عن القيام بخطوات سياسية كطرد السفراء وقطع العلاقات التجارية وغيرها  .

لقد بدأ العالم العربي غارقا فى الصمت والتبلد والخذلان  واللامبالاة بالدم المسفوح .

  هنا تبدو المفارقة كبيرة وغير مفهومة، لماذا يتحرك الاوربيون ويصمت العرب والمسلمون ، لماذا يسعى العرب بكل ما لديهم من تأثير ومن قوة لرفع العقوبات عن سوريا ، وهي خطوة مهمة لرفع المعاناة عن الشعب السوري  ، ولا يضغطون او يقومون بخطوات فعالة، باتجاه وقف المجازر الصهيونية تجاه اهالي غزة ، نعم هناك محاولات ولكنها خجولة وغير مؤثرة .

لقد امتنعوا عن المشاركة اللائقة في قمة بغداد، لان مخرجاتها تدين اسرائيل وتدعو لوقف آلة القتل الاسرائيلية ، وهم  يخشون الاحراج الذي يتعرضون له جراء المشاركة . بل الأكثر إيلاماً ما قاله صاحب القضية الاول الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو يدين حماس ويستنكر افعال الفلسطينيين في غزة .

فرق كبير بين الموت والحياة ، وفرق كبير بين العزة والكرامة وبين الذل الخنوع .

لقد فهم الاوربيون ان استعادة الحق الفلسطيني والاعتراف بدولة فلسطينية هو الكفيل بصناعة السلام والاستقرار ، ليس في الشرق الاوسط فحسب ، بل في عموم العالم . لذا بادروا إلى الاعتراف بفلسطين.

وقد قالها وزير الخارجية البريطاني “ديفيد لامي”  ان الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحل الدولتين يعود بالفائدة على الطرفين .

وكذلك ما قالة وزير الخارجية الهولندي”فلدكامب ” بوجوب توجيه الضغوط على إسرائيل من اجل حل المشكلة في الشرق الاوسط . وهذا هو موقف فنلندا كذلك وبقية الدول .

لقد تحرك الضمير الأوربي من اجل مصلحته على اقل تقدير ولم يتحرك الضمير العربي من إخوَّته ودمه .

الخارجية البريطانية استدعت السفيرة الاسرائيلية في لندن و وبختها وسلمته رسالة انزعاج من تصرفات حكومتها.

كندا تستدعي السفير الإسرائيلي وتسلمه رسالة ادانة واحتجاج.

وهكذا تتوالى الادانات والاحتجاجات ، ويبقى العرب في سباتهم يعمهون .

عشرون شهراً من حرب الإبادة كانت كافية لايقاظ الضمير العالمي ، و 76 عاما لم تكن كافية لإيقاظ الضمير العربي ليتحسس وجع العرب .

  

  


مشاركة المقال :