القمة مواقف ونتائج / جاسم مراد

القمة مواقف ونتائج / جاسم مراد

جاسم مراد

عندما تلتقي مواقف العرب والمسلمين ، حول قضية واحدة ، وهي وقف الحرب الإسرائيلية على سكان غزة وايصال المساعدات الطبية والغذائية والمياه لأبناء مدينة غزة ، فأن مثل هذه القضية تحتاج لأليات ضغط في التوقيت وفي التنفيذ ، سيما وأن المجتمعين الذي زاد عددهم عن الخمسين ، يمثلون قوة عالمية وإقليمية واسيوية وافريقية وازنة بشرياً واقتصادياً وجغرافياً وثقافياً في الخارطة السياسية العالمية ، ولكن بعد مضي عدة أيام على هذه القمة ، لا الولايات المتحدة الامريكية غيرت من مواقف الدعم العسكري والسياسي والإعلامي لإسرائيل ولا الغرب اتخذ مواقف تؤثر على النهج العدواني الفاشي الإسرائيلي ولا إسرائيل استجابت لخطباء القمة بل زادت من قتل الأطفال والنساء وتدمير المستشفيات وقتل الأبرياء والجرحى ولا تم الاستجابة لفتح معبر رفح الذي هو بالأساس معبر مصري مئة بالمئة .

                                         اجتماعات بدون مواقف

وفي ظل كل ذلك ، ماذا كانت النتائج لتلك المواقف غير الخطابات التي اتسمت بالتصعيد تارة وبالمناشدة تارة أخرى ، وان عدم الاستجابة الامريكية والاسرئيلية لايؤثر قطعا بموقف الشعب الفلسطيني ولا بالمقاومة المسلحة ولا بالنتائج التي افرزتها ولا زالت مستمرة لمعركة طوفان الأقصى ، نعم لم يؤثر لكون الشعب الفلسطيني والمقاومة المسلحة خبروا مواقف وسياسات أمريكا وممارسات إسرائيل العنصرية الفاشية وهم يتعاملون على وفق صراع الاضداد حتى التحرير ، ولكن عدم الاستجابة الامريكية وقبول إسرائيل بحلول القمة في فتح المعابر للقضايا الإنسانية ، ينعكس سلباً على كل الأنظمة ويضعف قدرها وقيمتها وتأثيرها على المستوى العالمي شعوباً ودولاً .

وهنا يبرز السؤال التالي وهو ما لفائدة من الصداقات مع أمريكا وهي التي لم تستجيب لقضية عادلة طالب بها الصديق وهي وقف إبادة الأطفال وايصال الماء والدواء لشعب غزة المحاصر ، ثم ماهي قيمة العلاقة مع الدول الغربية التي تحصد من العرب والمسلمين المليارات دون ان توقف توريد اخطر الأسلحة لإسرائيل التي تقتل بها أطفال ونساء غزة ، وهي تعلم بذلك علم اليقين .

إن العرب والمسلمين يتوجب عليهم أمام شعوبهم وشعوب العالم التي انتصرت لفلسطين بنسبة 95% حسبما اعترفت بذلك التقارير الأمنية الإسرائيلية ، أن يتخذوا ما يحفظ دورهم وحضورهم وسمعتهم ، وإلا فأن لهذه الدول سيكون لتجمعاتهم مجرد ارقام ، ولا يستبعد على وفق الصراع القائم وبسبب شهية إسرائيل المنفتحة أن تتعرض احدى تلك الدول لما تتعرض له غزة.

                                         فلسطين محور المواقف

إن الاجتماع العربي الإسلامي الذي وصف بالطارئ ، الذي عقد بعد شهر من التدمير الشامل لغزة يشكل واحداً من الاجتماعات التي عقدت وانتهت دون شعور المواطن بتأثيراتها ، ومثل تلك النتائج تمثل بالضرورة هشاشة هذه الدول في خارطة التاثير العالمي ، وبالتالي حتما ستبرز قوة جديدة في سياق الصراع القائم مثلما حدث في العديد من الاحداث الكبرى ، وكان محورها فلسطين .

فلسطين الان التي اريد لها أن تذوب على وفق الخطط الامريكية الإسرائيلية ، أصبحت الان وبعد طوفان الأقصى وماسبقه من تراكمات نضالية وتضحيات كبرى في عموم فلسطين ، أصبحت هي الرقم الأول في المنطقة العربية والعالم ، وأي طرف عربي أو إسلامي يتخلى عن مسؤولياته فأنه يقينا ستتجاوزه حركة النضال التحرري الفلسطيني العربي . وأن أي قراءة لنتائج حرب السابع من أكتوبر حرب طوفان الأقصى الذي قادته حركة حماس المقاتلة واشتركت معها كل الفصائل الفلسطينية المقاتلة هو انتصارعظيم على إسرائيل وكل القوى الدولية الغربية الساندة له ومن يضعف أو يتخلف عن المشاركة حتى في إيصال الماء فأنه بالتأكيد سيكون ضمن حساب التاريخ . فقد كان بيان القمة يوحي بأنه سيتبعه إجراءات إلزامية على الأقل بكسر الحصار الظالم عن شعب غزة ، ولكن مع الأسف الشديد لم يتبعه أي جراء وتحول هذا البيان اشبه بالمناشدات وبالتالي لم تلزم احداً سيما وأن الولايات المتحدة الامريكية دخلت منذ اليوم الأول للحرب طرفاً فيها دون اعتبار للحقوق الفلسطينية واستباحة المستشفيات وقتل الأطفال ، وبالتالي هي لم تعتبر أي موقف عربي واسلامي ، وبالتالي كان لابد لدول بيان الرياض أن يكون لهم موقفا اكثر حزما على الأقل ما يتعلق بفتح معبر رفح وايصال المساعدات الإنسانية .

ولابد هنا من الإشارة الى إن فرز القطبية العالمية ليس في أوكرانيا وإنما في فلسطين لما تحمله من حضور جيوسياسي  واقتصادي وجغرافي ، وبالتالي لابد من الصين وروسيا الاتحادية أن يكون لهما موقفا غير هذا الموقف لكي تتحدد اتجاهات الفرز الحقيقي ، ففلسطين جوهر فرز الأوراق ومن فلسطين تتحدد اتجاهات المواقف وتبرز عالمية القطبية المتعددة ، أما الإبقاء على سياسة المراوحة والانتظار فأن ذلك لاينتصر للشعوب المظلومة ولا يحدد اتجاهات الفرز العالمي ، بل إن ذلك سيزيد من طغيان القطب الواحد وانتقال الوحشية من بلد الى أخر .

 

 

 

(Visited 26 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *