(مفاوضات عُمان بين التعاون و الصراع)

محمد عبدالنبي التميمي

على الرغم من ذهاب البعض الى ان موضوعة الجلوس إلى مائدة المفاوضات مع أمريكا و الموصوفةبالشيطان الأكبر تشكل مازقا للمؤمنين بالمبادئ و للعقيدة و لكنك و بنظرة فاحصة للمجريات تجد انهالا تختلف كثيرا عن قضية التحكيم في صفين و بالتالي فهي ليست مازقا بقدر ما تمثل منحىً أخلاقياً فيمواجهة العولمة التي رفعت شعار (موت الايديولوجيا) في بواكير هجومها ، فالعولمة اليوم تتقهقرخصوصا بعد ما اعلن الرئيس الاميركي (دونالد ترامب) خصومته لدعوات و نهج الحركات المثلية والنسوية ، و اذا ما أضفنا في حساباتنا ان المجريات و باعتبار مصالح الدول ليست إلا مدخلا لحقيقة اكبرمفادها التغيير و التحول من متطلبات الصراع إلى ادبيات التعاون ؛ و هو فوز للثورةو بما هي ثورةمابعده فوز ، فانك تجد ان أمريكا تطوي في جلوسها على طاولة المفاوضات صفحة نظرية الصداملهاتنغتون و التي تسببت في حروب كبرى كان اولها في الصرب و ثانيها في أفغانستان و ثالثها في العراق ؛يؤكد ذلك ما طرحه الرئيس الاصلاحي (السيد محمد خاتمي) في بداية تسعينات القرن الماضي من ان ما  يمضي و يتم امضاؤه هو (حوار الحضارات) و ليس (صراع الحضارات) ، و بصدد ذلك علينا ان لا ننسى ماتحدثت به الانباء عن تفويض المرشد الاعلى الإيراني لرئيس الجمهورية (بزيشكيان) الاصلاحي كونهاتمثل امتدادا لرؤية واحدة .

و اذا علمنا بان الاتفاقيات و المعاهدات الكبرى عبر التاريخ ما هي إلا نتاج لتفاعلات واقعية يدور مدارهاالتاريخ و الحضارة بغض النظر عن الجهة المنتصرة و عن كتابتها للتاريخ كما هو مشاع ذلك أن حقيقةالمجريات و عمرها يبقى ماثلا في وعي المجتمعات اكثر من بقاء و عمر ما يكتبه المنتصر ، بالتالي فانالتذبذب الذي حصل برفض الإدارة الأميركية لاتفاق ٢٠١٥ لم يكن إلا محاولة من محاولات القوة للاستقواءعلى العهود و المواثيق أخذاً بزمام الأمور و فرضا للهيمنة بسبيل تأكيد منهجية الصراع مقابل الحوار ، وقد يذهب البعض الى اعتبار التفاوض من التأجيل لا الحلول في محاولة لتأكيد القوة و فرض منهجيةالصراع مجددا ؛ فإنه لا يصح إلا الصحيح و بغض النظر عن نهج المغالبة كونه لا يتعدى الوسيلة فضلاعن ايماننا بأن الله غالبٌ على أمره ، غاية الامر ان العقلاء يميزون أنفسهم ليكونوا مع الخير دون الشرذاتيا و على أقل التقادير ، كما و ان الحديث عن حاجة الدول في المستقبل لتعريفات جديدة لا مشكلةفيه إذ ان ولادة ركن الاعتراف بالدولة لوجودها بعد ان كان مرهونا بالاركان الثلاثة (شعب ، إقليم ، تنظيمسياسي) يعتبر في الفقه الغربي حديثا و لكن مصاديقه و باعتباره ركنا اجرائيا لمن يراجع موضوع (البيعة) في تاريخنا الإسلامي كثيرة ؛ بالتالي فنحن الاقدر على اعادة صياغة التعريفات في ظل تحول مفهومالدولة غربيا إلى ما تراه و تريده الشركات متعددة الجنسيات وفقا للمجريات الحالية ..

ختاما نقول إنها ليست مفاوضات نووية فحسب و إنما هي حوار اكثر من ان تكون معركة و لسردياتليس لنا ان نجعلها بين حضارتين بقدر ما هي بين حضارة و قوة محفوفة بتقنيات و تجليات حضارة اليوم؛ و هي تريد أن تضفي على نفسها سمة الحضارة دون شركائها ، و هو امر فيه ما فيه إلا اننا لسنا بصدده.

باختصار شديد ؛ اننا امام خَيارٍ يتارجح بين الذهاب إلى ارادة التعاون و العمل بادبياته التي تتطلبالسجود لادم (ع) – الإقرار بالحقو بين البقاء في وحل الصراع ..


مشاركة المقال :


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *