كتب المحرر السياسي للمستقل :
وسط اجواء الترقب، وبعد الجولة الاولى من المفاوضات الايرانية الأمريكية التي وصفت بانها ايجابية ، ينتظر العالم ما ستتمخض عنه الجولة الثانية، التي ستعقد في العاصمة الإيطالية روما.
تنعقد هذه الجولات في ظل حركة دبلوماسية نشيطة ، وزير الخارجية الإيراني يصل موسكو. حاملا رسالة من المرشد الإيراني ، يتزامن ذلك مع وصول أمير قطر الشيخ تميم آل ثاني إلى موسكو هو الاخر ، ثم يصل وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان في وقت استثنائي ، وهو ارفع مسؤول سعودي يصل طهران منذ العام 1999 ، وهنا تكمن اهمية الزيارة واهمية الرسالة ، ليلتقي على وجه السرعة بالمرشد الأعلى السيد الخامنئي، مخترقاً البرتوكول ، وهذا يشي بأمر هام، يحمله الوزير السعودي ، إذا لم يجتمع بوزير الدفاع الإيراني، وليس من اجل بحث العلاقات الثنائية بين البلدين كما اشارة وكالات الأنباء التي نقلت الخبر ، فالعلاقات بين بلدين عادةً ما تبحث عن طريق وزراء الخارجية ، وليس الدفاع ، ولا حاجة للقاء المرشد , فليس من مهام المرشد بحث هكذا قضايا ، وهذا يعني ان هناك رسالة خاصة جداً ارادت المملكة ايصالها بيد نجل الملك سلمان وشقيق ولي العهد السعودي القوي.
ربما يتعلق الأمر بـ ” الحوثيين ” التي تريد المملكة ان تغلق هذا الملف ، وهي رغبة تتوافق مع الرغبة الأمريكية في إغلاق هذا الملف ، ويمكن ان يكون الأمر يخص المفاوضات ، وكانت هناك رسالة ذات اهمية قصوى رغبت واشنطن ايصالها عبر الرياض لم يفصح الجانبان عن ماهية الزيارة ، وتحدثوا عن عموميات فقط، لكنها بلا شك كان الأمر يختص بمآلات منطقة الخليج ، وخطورة الوضع ، ومكانة إيران المستقبلية في النظام الاقليمي الجديد، ولعل ما قالته الصحفية الأمريكية ” لارا روزن ” هو اقرب للصحة ، فقد سربت خبر اً يقول : ان ” وزير الدفاع السعودي حمل مقترحاً حول لقاء بين الرئيس الأمريكي. والرئيس الإيراني في الرياض ، وذلك تمهيداً للقاء ترامب بـ الخامنئي ” .
أما الرسالة التي حملها وزير الخارجية الإيراني ” عباس عراقچي” أوضحت بان روسيا شريك استراتيجي لطهران كما صرح من موسكو ، وان إيران تعتمد بشكل كبير على موسكو .
لم يعلن عن فحوى الرسالة ، ولكن يعتقد انها كانت بمثابة جس نبض الروس حول موقفهم ، فيما إذا تعثرت المفاوضات، لكن الاحتمال الأقرب هو مصير اليورانيوم الذي تمتلكه ايران ، والتي تطالب امريكا بالتخلص منه ، فالإيرانيون راغبون في التوصل لاتفاق مع الرئيس ترامب ، ولكنهم في الوقت ذاته لا يريدون التخلص من اليورانيوم بالطريقة التي تريدها امريكا ، كما لا يريدون الحديث عن التخصيب ضمن الرؤية الأمريكية. فالايرانيون لديهم شكوك في مصداقية الأمريكان رغم جديَّة المفاوضات ، معضلتان رئيسيتان لابد من حلهما مع روسيا .
وهذا ما أكده عراقجي، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو قال : «رغم أنلدينا شكوكاً جدية بشأن نيات الجانب الأميركي ودوافعه، سنشارك في المفاوضات على أي حال». وأشارعراقجي: «نحن مستعدون تماماً للتوصل إلى حلّ سلمي للبرنامج النووي السلمي الإيراني».
وقال مسؤول إيراني كبير، الجمعة الماضية ، إن بلاده أبلغت الولايات المتحدة، خلال محادثات السبتالماضي، باستعدادها لقبول بعض القيود على تخصيب اليورانيوم، لكنها تحتاج إلى ضمانات قوية بأنالرئيس دونالد ترمب لن ينسحب مجدداً من اتفاق نووي جديد، وفقاً لـ«رويترز».
يشاع ان صقور البيت الأبيض ، يريدون تطبيق النموذج الليبي في تفكيك البرنامج النووي الإيراني، فهل يرضخ الإيرانيون لهذه الارادة ؟
الإيرانيون عازمون على إتمام الصفقة وتقديم بعض التنازلات ، بالرغم من وجود ازمة ثقة بينهم وبين الرئيس ترامب، فهم يعلمون تماماً ان المعادلة قد تغيرت وان الشرق الاوسط مقبل على خارطة جديدة.
لقد تناسوا الإيرانيون اغتيال سليماني وعضوا على جراحهم ، من اجل مصلحة بلدهم ، ومن اجل ان لا يمنحوا اعدائهم الفرصة لتدمير ايران، كما أشار المرشد الخامنئي في لقائة الامير خالد بن سلمان وزير الدفاع .
ايران تعتبر ان توقيت المفاوضات توقيت جيد وجاء في الوقت الصح ، وربما لن يحصلوا من واشنطن على امتيازات اكبر، لو كانت في غير هذا التوقيت.
امريكا توجه كل سهامها للصين وتستعد ” للمنازلة الكبرى ” فهذا سيجعلها تتنازل بعض الشيء لايران ، كما ستردع اسرائيل عن مهاجمة ايران وان روسيا ستساعدها في ذلك .
فقد صرح الرئيس ترامب انه يريد ان يرى اتفاقاً مع ايران بنهاية الشهر السادس ” حزيران ” القادم ، كما يري يريد ان يثبت للعالم ان وعوده الانتخابية قد تحققت بتوقيع اتفاقية مع ايران حول برنامجها النووي.
ربما ما نراه مشهداً متعدد الجبهات ومعقداً ، بالرغم من التصريحات الايجابية، لكنه يحتاج إلى تفكيك ، كما يحتاج إلى مقاربات في اكثر من جهة ، ليُفهم اكثر ، لكن نتائجه ربما تكون محسومة .