كتب المحرر السياسي للمستقل
المساعدات الأمريكية للدول ما هي إلا خدعة كبيرة تمارسها واشنطن ، فهي ليست لدعم الدول بل لإذلالها وشراء قرارها السياسي، او ما أطلق عليه جون بيركنز بـ ” الإغتيال الاقتصادي للدول ”
وعندما تدفع امريكا شركاتها للاستثمار في الدول التي تسميها “حليفة” تحت ذريعة تطوير بنياتها التحتيةوجلب التقدم والمنفعة مقابل منح الشركات والبنوك الأمريكية كافة الامتيازات في جميع المناقصاتوالعقود، لكن الحقيقة، هي إغراق هذه الدول في مستنقع الديون، وتكبيلها ، لتتحكم بها و بثرواتها، و لتبقى على التبعية متواصلة لها ،
فهي لا تسمح للدول المكبلة بالديون والمساعدات باختيار حكوماتها بارادة شعبية ، كما لا تسمح باي قرار مستقل يصب في مصلحة تلك الدول، وهذا ما فعلته بغواتيمالا التي نجحت في خمسينيات القرن الماضيفي انتخاب رئيسها “أربنز” بحرية لأول مرة، ليعلن بعدها الرئيس عن برنامج للإصلاح الزراعي من شأنهتهديد النفوذ الأميركي لشركة “يونايتد فروت” العريقة، المسيطرة على أميركا الوسطى، وهو ما تسبَّب فيشن حملة إعلامية داخل أميركا تصف “أربنز” بأنه متآمر سوفيتي على أبناء العم سام، ليتطوَّر الأمر سريعابتنظيم “CIA” لانقلاب سريع على الرجل، واستبداله بديكتاتور يميني مُتطرِّف هو الكولونيل “كارلوسأرماس” الذي أوقف الإصلاح الزراعي وألغى الضرائب على الاستثمار الأجنبي ونظام الاقتراع السري فيالانتخابات من الأساس.
وكذلك ما حصل في ايران لرئيس الوزراء الايراني الاسبق ” محمد مصدق ” حينما اراد ان يعظم ايرادات ايران من موارد النفط، ويأمم النفط لصالح بلده ، فسارعت لإسقاطه وإعادة الشاه للحكم .
وكذلك ما حدث بالأمس القريب في جارتها الباكستان حينما رفض رئيس الوزراء الباكستاني المنتخب ” عمران خان ” الخضوع للإرادة الأمريكية في محاصرة روسيا ،،،فعمدت على ازالته ، بتقديم رشا إلى اعضاء البرلمان ،وهددت بقطع المساعدات عن باكستان .
وليست بعيداً عن غواتيمالا ، فهذه ” بنما” فبعد نصف قرن من الحكم الوراثي لعائلات تربطها بواشنطنصِلات قوية، أتى “عمر توريخوس” عبر الصندوق الانتخابي إلى سدة الحكم، لينازع الأميركان سلطتهمعلى قناة “بنما” الملاحية وينتهي به الأمر كما انتهى بنظيره “رولدوس“
وكذلك فعلت في فنزويلا والإكوادور الذي فرض رئيسها سيادة بلاده على موارد النفط بها، فكان مصيره قتيلا بحادث طائرة مدبر من قبل الـ ( CIA) .
وما حدث للملك فيصل بن عبد العزيز ، حينما قدم الرئيس الأمريكي أيزنهاور ، مساعدات مالية لإسرائيل بقيمة 2.2 مليار دولار في حرب اكتوبر 1973 فاعترضت السعودية ، وقام الملك فيصل وبعض دول أوبك بايقاف تصدير النفط لأمريكا ودول اوربا الداعمة للكيان ، فاغتيل الملك في داخل الديوان الملكي .
واليوم تشهر امريكا سلاحها بوجه مصر والأردن والسعودية ، وتريد منهم تنفيذ اجندتها الابتزازية ،،في تهجير الفلسطينين من ارضهم وترغم الدول التي من المفترض انها حليفة على إسكانهم ، وهذه بداية لتقسيم الشرق الأوسط وتفتيته وإحداث تغيير ديموغرافي جغرافي لاحقاً .
ولتأكيد هذه الخطة وتهيئة الأرضية لها، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في عددها الصادر السبت 28-9- 2013 ” ارجو التركيز على التاريخ ” خارطة التقسيم الجديدة لخمس بلدان عربية هي سوريا والعراق والسعودية واليمن وليبيا لتصبح 14 عشر بلداً ، ولتأتي بحكام بمقاسات أمريكية بحته.
وركز التقسيم الذي قدمته روبين رويت، المحللة بالصحيفة قائلةً ، أن ” الحرب المدمرة في سوريا ،تشكل نقطة تحول مهمة ” في مستقبل الشرق الأوسط ، لذا عمدت على تقسيم سوريا إلى 3 دويلاتوهي الدولة العلوية التي تتكون من أقلية سيطرت على سوريا لعقود وتسيطر على الممر الساحلي.
وأشارت «نيويورك تايمز»، إلى أن “الدويلة الثانية هي كردستان السورية التي بإمكانها الانفصالوالاندماج مع أكراد العراق في نهاية المطاف، أما الثالثة فهي الدولة السنية التي بإمكانها الانفصال ومنثم الاتحاد مع المحافظات في العراق“.
وسلطت الصحيفة الأمريكية، الضوء على المملكة العربية السعودية، كثاني الدول التي يمكن تقسمها إلى5 دويلات وتضم: السعودية الشمالية، والشرقية، والغربية، والجنوبية، والدولة الوهابية.
ومن ثم العراق إلى ثلاث دول واليمن إلى ثلاث دول ايضاً .
وبالتأكيد لا تتم عملية التقسيم والانفصال بالسلام والتراضي ، بل بالإجبار والقوة ، وانهيار الدول واستنزاف طاقاتها المادية والبسرية.
وبهذا يتم التغيير الجغرافي وترسم حدود جديدة وتتولد مشاكل، لتكون قنابل موقوته تفجرها بالوقت التي تريد .
وستعمد امريكا ومن ورائها اللوبي اليهودي على دعم هذه الدويلات الحديثة، تحت عنوان حرية الشعوب، وتقرير المصير ، وستغرقها بالمساعدات والديون ، وتزويدها بالأسلحة ، وبالتالي ستتحول إلى قواعد وأسواق واوراق ضغط على محيطها الاقليمي والدولي. وستكون دول منزوعة القرار والسيادة ، لكنها مرفة اقتصادياً ، وسيتحدث سكانها عن تسلسل جوازات السفر ، والحرية المثلية، وقوة العملة النقدية، وقياس جودة الحياة ، دون اي اعتبار للناحية الإنسانية ، كما حدث في غزة، ولبنان ، كان الفلسطينيون واللبنانين يقتلون وتهدم دورهم وبناهم التحتية والعالم صامت صمت الموتى ، واليوم يراد تهجير شعب كامل واقتلاعه من أرضه ، والبعض يتحدث عن قطع المساعدات . نعم انها التبعية المتواصلة المرتبطة بالتجويع و التي لا فرار منها .
