البقاء للأقوى … علاء الخطيب

علاء الخطيب

عندما طرح “تشارلز  دارون” نظريته عن علم الأحياء  عام 1864 ، انتشر مصطلح ” البقاء للأقوى ” ، فجاء الفيلسوف الألماني فردريك نيتشه  ، فطرح في كتابه ” هكذا تكلم زرادشت” هذا المصطلح  بقوة  وأعتمد عليه في نظريته الفلسفية ، وكان يقول :   ” حفنة من القوة ولا كيس من الحق “. فهو يتصور العالم كـ غابة فيها مجموعة من الوحوش ، من يتغلب بالقوة فهو السيد .

آمن نيتشه ان القوة هي من تصنع  التاريخ ، وان الحياة لا يمكن ان تحترم الضعيف ، و من يريد ان يكون زعيماً فعليه ان يكون قوياً متوحشاً .

وليس بعيدا عن ” نيتشه “  ففي الفكر السياسي  الاسلامي  فكرة ٌ تقول : « بشرعية الحكم القائم علىالقوة والغلبة، بمعنى أن من استولى على السلطة بالقوة والسلاح ، واستولى على البلاد وسلّم له الناس ،فهو إمام شرعي تجب طاعته ولا تجوز معصيته ولا الخروج عليه».

وقد آمن الكثير بهذه النظرية ، واعتبروها مصداقاً واقعياً في الحياة ، وقد رسخت من خلال الادبيات التي يتداولها المجتمع ، فقد قال ابو تمام :

السيف أصدق أَنباءً من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب .

والمتنبي يقول :

حتى رجعت وأقلامي قوائل ُ لي  المجد للسيف ليس المجد للقلم .

وهنا تأكيد على تفضيل التوحش على الإنسانية .

ان فكرة البقاء للأقوى  تنسف كل افكار التعايش السلمي ،  والديمقراطية ، “وامرهم شورى بينهم ”   وكل الأفكار العقلانية ، فلا مكان للعقل إذا ما كان الحل بالعضلة والقوة .

ويبدو ان عالم اليوم يرجع القهقري بانسانيته ، ويعود للتوحش، فيجعل القوة هي مقياس لحق الحياة ، فمن يستحق ان يعيش هو القوي المتوحش . ومانراه في عالمنا هو نكوص كبير في مفهوم الانسانية .

من يحكم العالم اليوم هي القوة والجبروت. ومن

يمتلك السلاح هو من يستحق الحياة.

الرئيس ترامب يهدد العالم بالقوة ، ويريد ان يفرض ارادته بالسلاح ، فهو يعتبر ان الحياة للأقوى وليس للأجدر والأصلح .

تنقلب كل المعادلات في فلسفة القوة ،وتنعدم فكرة الجدارة ، فالأجدر والأصلح فكرة فنطازية يمكن ان تطبق في عالم الفن والرومانسية ، أما عالم السياسية فلا يؤمن بغير البندقية .


مشاركة المقال :