“العدو ليس في “شرقنا حسين فوزي

“العدو ليس في “شرقنا حسين فوزي

ضرورة قيام نواة اتحاد شرقي متعايش

حسين فوزي

استسهل بعض الحكام العرب وكثر من السياسيين، من ادعياء العروبة، ركوب موجة حماية الوطن العربيوحماية بوابته الشرقية من قبل العراق، وتم تصعيد هذه الموجة، وصولاً إلى بدء الحرب العراقية معإيران، وانتهاء بالتطبيع مع إسرائيل، كونهاليست الخطر المهدد للوجود العربيبرغم أنهازرعتفيارض عربية وهجر ملايين المواطنين العرب الفلسطينيين، تنفيذاً لمخطط التوسع الاستيطاني الصهيوني.

وكان من فرسان هذه الموجة، الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وحزب البعث، الذي حوله والعراقالرئيس القائد الضرورةإلى ضيعة واتباع مطيعين، فصار العراق مملكة لم تتوج فيها عائلته رسمياً.

وما يثير الحاجة لمناقشةأين هو العدو؟ومن أين نبدأ في مواجهته، حفزني الاتصال الذي اجراهالرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي لتهنئة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمناسبة تجديد انتخابه لولايةثانية، لمناقشة الموضوع بعيداً عن نغمةالفرس المجوس، برغم أن القرآن الكريم وصف المجوسبالكتابيين لمن يقرأ ويحفظ القران ويدرك مضمونه: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰوَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ .)، مع أن منيحكمون في طهران اليوم هم مسلمون وليس مجوساً.

ولابد هنا من استرجاع لحقائق مهمة في تاريخ العلاقات العربية الإيرانية، التي قال بشأنها الكاتبالمصري القومي الناصري محمد حسنين هيكل في دعوة وجهها للدول العربية إلىالبحث عن المصالحالمشتركة مع إيران وتقويتها،وقالعلينا أن نسبق إسرائيل وأميركا إلى إيران لأنها عنصر مهم جدا فيالميزان الاستراتيجي بالمنطقة“. .

وأشار إلى ان مصر بقيادة عبد الناصر كانت طرفاً مسانداً إلى ابعد الحدود للقوى الإسلامية الإيرانيةالمعارضة للشاه، وكانت هناك علاقة تعاون مباشرة بين مصر عبد الناصر، وخصوصاً الإمام السيد روحالله الخميني.

ومن أجل استقراء ما طرحه هيكل لا بد من الرجوع إلى العلاقة المبكرة بين الثورة المصرية وإيران منذعام 1952، إذا كانت مصر الثورة بقيادة ناصر مع تأميم مصدق لشركات النفط، كما كانت مصر طرفاً فيدعم ضحايا شهداء مواجهة الانقلاب الذي أعاد الشاه إلى السلطة، مستجيبةً لرسالة من الخميني،فبعثت مبلع 150 الف دولار، عبر وسيط لبناني إلى طهران، لتسلم إلى منظمةلجنة الإعاناتالتييشرف عليها الخميني، لكن المخابرات الإيرانية حالت دون وصول المبلغ واعتقلت الوسيط اللبنانيوصادرت المبلغ. فكانت هذه أول مواجهة غير معلنة بين مصر الثورة العربية ونظام الشاه.

وشهدت العلاقات بين قاهرة عبد الناصر وأنصار السيد الخميني منعطفاً كبيراً بالغ الحساسية، عندمادربت على عمليات المقاومة المسلحة في معسكر انشاص لمدة 100 يوم، 4 من ابرز الناشطين الموالينله، اعرف منهم: د. إبراهيم يزدي وصادق قطب زاده ومصطفى شمراني. وهو الأجراء الذي سبقه توجه د. يزدي برفقة الدكتور مصطفى شمران، وبرويز آمين، وبهرام راستين، قبل ذلك إلى السفارة المصريةبالعاصمة السويسرية بيرن، في عام 1961م، وفي عام 1964م، وقعوا مذكرة تفاهم، كي يقوموا بمواجهةالشاه بالسلاح.

ولكل من يجهل بعض خفايا الأمور، فأن انتقال الإمام الخميني من تركياً إلى النجف، تم في 5/10/1965،نتيجة ضغط شعبي إيراني، في الفترة التي كان فيها للرئيس عبد الناصر دالة قوية على الرئيس العراقيعبد السلام عارف، ووجود قوى ناصرية فاعلة في الساحة العراقية. وخلال 13 سنة في النجف، كانالخميني يواصل بوسائل متعددة تنمية الوعي بعدم شرعية النظام الحاكم في طهران، وحشد الأنصارلرفد إرادة التغيير، من خلال اجتهاداته الفقهية ومحاضراته عن القيم الإسلامية وحقوق الإنسان فيها،وتجبر الشاه ظاناً نفسه أقرب إلى الاله. وكانت تحيطه خلية من الناشطين الثوريين العاملين على اسقاطالنظام الشاهنشاهي، حتى توقيع اتفاقية الجزائر عام 1975، حيث بدأت السلطات العراقية، تمارسضغوطها بشكل متصاعد على نشاط الإمام، إلى يوم تطويق داره في 4/9/1978، استجابة لمطالبة الشاهبوقف نشاطه السياسي، مما استدعى مغادرته العراق في 6/10/19788 إلى باريس، وهي المغادرة التيكانت قد انتبهت في اللحظة الأخيرة أجهزة السافاك لمخاطرها كونها لن تكون لمصلحة سلطة الشاه،وجاء طلبها بوقف ترحيله متأخراً، لأن باريس تحولت إلى مركز شبكة اتصالات عالمية لصالح رفد الثورةالإسلامية بخطب الإمام وتوجيهات مساعديه، حتى سقوط نظام الشاه.

صحيح ان الثورة الإسلامية، بالأخص بعد اقصاء حكومة المهندس مهدي بزركان، وتخطي طهران الثورةالإسلامية الطروحات المتفق عليها بين وزير خارجية الجمهورية الإسلامية د. إبراهيم يزدي في لقائه معالرئيس صدام حسين، إثناء انعقاد مؤتمر قمة عدم الانحياز في هافانا في 3-9 تشرين الأول 1979، عنالحرص على العلاقات الثنائية والرغبة في تطويرها، وتصاعد المناوشات الحدودية بين الطرفين، لكنهذا التصعيد المحدود كان يمكن تجاوزه بصيغ متنوعة من خلال المنظمات الدولية والتحكيم، كما فعلالرئيسان عبد الرحمن عارف واحمد حسن البكر، لكن قرار الحرب الذي اتخذه صدام حسين، وكلالخسائر التي لحقت الطرفين، تحدث صدام نفسه عنها معترفا بـان الحرب مع إيران كانت مؤامرةامبريالية القصد منها ألحاق اكبر الضرر بالطرفين لمصلحة القوى الكبرى.”

إن مبادرة الرئيس رئيسي ومفردات الاتصال الهاتفي التي تخطت البروتوكول البارد إلى مناقشة كلالقضايا الملتهبة والأبعاد الاستراتيجية في المنطقة، بدءاً من البحر الأحمر وصولاً إلى الخليج العربي(خليج البصرة لمن لا يروقه تسمية العربيههههه)، والأهداف الاستراتيجية للتوسع الصهيونيالمدعوم من قوى ما بعد الإمبريالية، الذي يستهدف قدرات العرب، في مقدمتها مصر، وقدرات المنطقةالمستقلة في مقدمتها إيران ومن بعدها تركيا، تؤشر حقيقة أساسية، وهي أن لا مخرج للشرق من ازمتهسوى تماسك الشرق بقدراته وحشدها من خلال تعاون متعدد الأبعاد لإقامة قوة كبيرة في المنطقةقادرة على الاعتماد على قدراتها الذاتية، مع التعاون مع كل من يحترم سيادتها ووحدة أراضيها وطموحهافي التقدم، وفي هذا المضمار هناك قوى عالمية رئيسة، في مقدمتها في الشرق روسيا، التي تعد نفسهااسيوية اكثر من كونها أوربية، والصين التي تدرك قدرات الشرق الكامنة وغنى موارده، هذه القوىالمحلية الإقليمية، بجانب مساندة قوتين كبريين، روسيا والصين، يمكن لها أن تتخطى عقبات وحواجزتقزيمها وتجزأتها، من منطلق تصفير كل المشاكل الاقليمية من اجل ضمان البقاء والتقدم لشرق مسالمقوي يوقف التوسع الصهيوني عند حدود الشرعية الدولية، ويقيم علاقات تبادل مع متروبولات القوىالغربية مما بعد الإمبريالية على أساس المصالح المتبادلة، وليس مخطط تحويل الشرق، ضمنه روسياوالصين، إلى بقرة حلوب للمواد الأولية وسوق كبيرة لمنتجات هذه الشركات متعددة الجنسيات.

إن حشد موارد مياه ومنابع الطاقة العراقية التركية الإيرانية والخليجية العربية، بكل خبراتها وخبراتوموارد مصر البشرية، ودعم القدرات الفنية الروسية والصينية وبقية الأسيويين، يمكن ان تحقق سوقاًشرقية هائلة بكفاءات تحقق أفضل الفرص لتنمية مستدامة في ظل استقرار قادر على الحيلولة دونسيطرة الشركات متعددة الجنسيات، تكون نواته شرق اوسطي، مكوناته تعاون عراقي عربي إيراني تركيهندي، قادر على استيعاب الباكستان.

إن عالم الإمبراطوريتين الفارسية والعثمانية من معطيات عصر مضى، وهو ما كان يعيه تماماً الزعيمالتركي كمال مصطفى اتاتورك واتباعه، ويطرحه الان الرئيس إبراهيم رئيسي، ومن قبله مهدي بزركان وأبوالحسن بني صدر وهاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي. والزمن المعاصر يستدعي تعاوناً دولياً إقليمياًاختيارياً بإرادة حرة واعية تماماً لمخاطر غياب التعايش السلمي الذي دعا له ميثاق سعد آباد مبكراً في4/7/ 1937. وما تحدث به الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي مؤشر على عمق الوعي بالحاجة إلىعلاقات إقليمية ودولية وفق مبادئ التعايش والتعاون تتولى مهمة تحقيقها القيادات السياسية لدولالمنطقة.

واظن جازماً أن الأمير محمد بن سلمان، في كل خطواته، يدرك في الرياض، أن فرصة العرب والمسلمينوهكثر من بلدان آسيا وأوراسيا، هي تصفير المشاكل وبناء تعاون في جميع المجالات، فهذا وحده يضمنالكرامة والسيادة والمستقبل، وهذا منطلق العلاقات الجديدة التي بدأها مع الجمهورية الإسلاميةالإيرانية.

(Visited 45 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *