*الحقوقية انوار داود الخفاجي*
عندما سيطر تنظيم داعش على القائم، فرض قوانينه المتشددة التي استهدفت النساء بشكل خاص. أيمخالفة بسيطة للقواعد الصارمة المتعلقة باللباس، الحركة، أو حتى التعبير عن الرأي كانت كافيةلاعتقال النساء ووضعهن في السجون. هذه السجون لم تكن مجرد أماكن احتجاز عادية، بل كانت مراكزللرعب والانتهاك المنهجي.
تعرضت النساء السُنّيات في تلك السجون لصنوف متعددة من العذاب النفسي والجسدي. شملتالانتهاكات ، التعذيب، والإجبار على الزواج القسري من مقاتلي التنظيم. كما تم بيعهن في أسواقالنخاسة، حيث كانت النساء يُعاملن كغنائم حرب. الظروف داخل السجون كانت كارثية، حيث انتشرالجوع والمرض، إضافة إلى سوء المعاملة اليومية.
بعد تحرير مدينة القائم، واجهت الناجيات تحديات كبيرة في العودة إلى حياتهن الطبيعية. الصدمةالنفسية التي تعرضن لها بسبب التعذيب تركت ندوبًا عميقة في نفوسهن. الكثير منهن فقدن أفرادًا منعائلاتهن أو شاهدن مآسي لا يمكن محوها من الذاكرة.
إلى جانب المعاناة النفسية، واجهت الناجيات تحديات اجتماعية جسيمة. في المجتمعات التقليدية، قدتُعتبر النساء اللواتي تعرضن للسجن أو الأسر وصمة عار، مما أدى إلى نبذ بعضهن من قبل عائلاتهن أومجتمعاتهن. هذه النظرة المجتمعية جعلت من إعادة اندماجهن تحديًا أصعب.
أدركت الحكومة العراقية أهمية التدخل لدعم الناجيات من سجون داعش، خاصة في المناطق المحررةمثل القائم. تمثّل الدور الحكومي في تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، مثل توفير المأوى، الغذاء،والعناية الطبية للناجيات.
كما أطلقت الحكومة بالتعاون مع منظمات دولية ومحلية برامج لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي. هذه البرامج تهدف إلى مساعدة الناجيات على تجاوز صدماتهن النفسية واستعادة ثقتهن بأنفسهن. تقديم الدعم النفسي من خلال جلسات العلاج الجماعي والفردي كان جزءًا أساسيًا من هذه الجهود.
علاوة على ذلك، تعمل الحكومة على توفير فرص التعليم والعمل للناجيات، بهدف تمكينهن اقتصاديًاواجتماعيًا. إعادة بناء حياتهن تعتمد بشكل كبير على توفير بيئة داعمة تحميهن من العزلة المجتمعيةوتعيد لهن الشعور بالأمان والاستقرار.
رغم الجهود المبذولة، تواجه الحكومة العراقية تحديات كبيرة في دعم الناجيات. ضعف التمويل، نقصالخبرات في مجال التأهيل النفسي، وضغط الأزمات المتعددة التي تعاني منها البلاد، كلها عوامل تؤثرعلى فعالية هذه الجهود.
إضافة إلى ذلك، تحتاج الحكومة إلى بذل المزيد من الجهد لتغيير النظرة الاجتماعية تجاه الناجيات، منخلال حملات توعية مجتمعية تُبرز معاناتهن وتؤكد أنهن ضحايا وليس لهن ذنب فيما تعرضن له.
واخيرا الناجيات السُنّيات من سجون داعش في القائم يجسدن قصة معاناة إنسانية عميقة، لكنها أيضًاقصة صمود وشجاعة. دعمهن ليس مسؤولية الحكومة فحسب، بل هو واجب مجتمعي وإنساني. يجبأن تتضافر الجهود الحكومية والمجتمعية والدولية لضمان حصولهن على العدالة، الرعاية، والفرصةلإعادة بناء حياتهن. إن مساعدة هؤلاء النساء تمثل خطوة أساسية نحو التعافي من إرث داعش المظلموبناء مستقبل أكثر إشراقًا للعراق.
مناشدة
( معاناة الناجية من سجون داعش في القائم (هيفاء خلف جاسم) ومناشدتها للسيد رئيس الوزراءمحمد شياع السواداني والحكومة بمساعدتها مع الناجيات من الفقر والاهمال والتهميش).
(٠٧٨٠٦٤٥٦٧٥٧)