لسنا خرافاً يحلبها التوسع الصهيوني
حسين فوزي
مع تصعيد حكومة تحالف اليمين الصهيوني المتشدد هجومها على المقاومة الفلسطينية وحلفائهاالحقيقيين، ضمن خطة تستهدف شل جسد جبهة الممانعة بضرب رؤوسها، نشهد أصوات “عربية“،بعضها “عراقية“، تصطف مباشرة أو بصيغ غير مباشرة مع الهجمة الصهيونية الإمبريالية الأوسع ضدالمقاومين.
إن المقاومة في غزة تصاعدت في ظل حقيقة أن السلطات الصهيونية المتطرفة لم تترك للمواطنينخياراً غير السلاح، في ظل استمرار سياسة سافرة لقضم الأرض الفلسطينية وتشديد إجراءات الضغطلإجبار الشباب الفلسطينيين إما على الهجرة أو الاذلال المتزايد.
وفي ظل ضعف منظمة التحرير الفلسطينية، وتكبيل مصر العربية الشقيق الأكبر باتفاقات كامب ديفيد،لم يبق للفلسطينيين غير الله ومن يؤمن بالاستشهاد وفق مدرسة سيدنا الامام الحسين ” هیهات منّاالذلّة“، يأبى الله ذلك لنا ورسولُه، والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت. نؤثر مصارع الكرام على طاعة اللئام..”.
وهنا تصدرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية المشهد في دعم المقاومة، التي يراها البعض “مخططفارسي للاستحواذ على المنطقة باسم تحرير القدس ..”، وهو بعض من طروحات النظام الشموليالمخلوع في 2003، الذي اعترف لاحقاً بلسان رأسه صدام حسين بأن “الحرب مع إيران كانت مخططاًامبريالياً لتدمير حركة التحرر الوطني في المنطقة والسيطرة على منابع النفط ..”.
ولو راجعنا التاريخ القريب نرى أن الزعيم العربي الرئيس جمال عبد الناصر شخص مبكراً قيمة تحالفالحركة القومية العربية مع الثورة الإسلامية في إيران، وكانت له قنوات تواصل ودعم للإمام خميني وكلالأطراف العاملة على اسقاط نظام الشاهنشاه في إيران الحليف الموثوق لواشنطن، ضمن رؤية في انالتحالف العربي الإيراني يوفر المزيد من القوة للنضال من اجل ضمان حقوق الشعب الفلسطيني وإقامةدولته المستقلة.
إن كل ما نشهده اليوم هو بعض من حروب النظام الشمولي العبثية في محاربة إيران وغزو الكويت، حيثمزق الصف العربي بذرائع متنوعة من جهة، وتدمير القدرات العراقية النوعية، سواء بهدر موارد العراقودماء أبنائه في محاربة إيران، او مواجهة القوى الكبرى في حرب تحرير الكويت، وبالأخير القاء العراقوالخليج العربي لقمة سائغة للاحتلال الامبريالي الأنجلو سكسوني الصهيوني.
بالطبع المواطن العراقي المدني المتنور ليس مع قيام منظمات مسلحة خارج نطاق القوات العسكريةالنظامية العراقية، وهو أيضاً يرفض أية صيغ لإدارة شؤونه بغير الدستور والقانون العراقيين، بالتالي فهويرفض التبعية السياسية لطهران باسم ولاية الفقيه، لكنه في الوقت نفسه مع دعم المقاومةالفلسطينية، ومع موقف إيران في مناصرة الشعب الفلسطيني، فهذا هو موقف الشعب العراقي منذ أيامنوري باشا السعيد، الذي رفض توقيع وثائق الهدنة مع إسرائيل…وموضوعياً فان العراق هو البلد الوحيدفي حالة حرب مع إسرائيل منذ عام 1948، لذلك فهو يثمن موقف إيران من القضية الفلسطينية،ويصطف معها.
كما أن كل محلل استراتيجي أو مواطن واعٍ يدرك أن ما آلت له الأمور في عبور الجيش المصري البطل فيحرب أكتوبر 73، كان يمكن له أن يحقق الكثير لمصر والأمة العربية، لولا “جهل” الرئيس السادات لعلمإدارة المعارك، بالتالي امره بتخطي حاجز الصواريخ في تحريك المدرعات التي دمر العدو الإسرائيلي 250 دبابة في لمح البصر، ومكن من ثغرة الدفرسوار. مما ضيع ثمار العبور البطولي وحوله إلى معركة بعيدةعن تحقيق الأهداف السياسية والعسكرية من العبور في ضمان تحرير كل الأراضي العربية، وتقويضمخططات التوسع الصهيوني.
إن ما ذهب له بعض الإعلاميين والمحللين من تخلي “طهران عن حزب الله والمقاومة الفلسطينية ..” هوجزء من الحملة ذاتها التي تريد تحويل إيران إلى العدو الرئيس للعرب، وتناسي حقيقة أن إسرائيل هيالمحتلة لوطن عربي، وهي التي تخطت الشرعية الدولية في التوسع، منذ الهدنة الثانية في الحرص علىوضع يدها على ام الرشراش (إيلات حاليا)، ضمن رؤية استراتيجية لتوفير المزيد من مقومات وجودإسرائيل على حساب الحقوق العربية وفق قرار التقسيم.
إن كل ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وغزة هو ذات المخطط الصهيونيالهادف إلى تعزيز قدرات إسرائيل جغرافياً من جهة، وتركيع الفلسطينيين وكل العرب لـ “سيدهم” المدعوم بكل صنوف الأسلحة الغربية، بالأخص الأميركية الإنجليزية الفرنسية بالأخص.
لذلك كل مواطن عراقي وعربي، مع الجارة إيران في دعم المقاومة بالمال والسلاح والدم، ضد التوسعالصهيوني من اجل ضمان حقوق شعب فلسطين واسترجاع الجولان، دون ان يعني هذا تفريط فيسيادتنا لهيمنة “فارسية” أو القبول بولاية الفقيه. وللعلم “اليانكي” حول الهنود الحمر بفعل قوة نيرانهإلى خراف تحلب وتقتل، وهم يريدوننا، اميركا وكل الصهاينة، في الوطن العربي خرافاً تحلب جغرافياًونفطياً وتسويقياً، وعسى نفشل هذا المخطط بتحالفات إقليمية ودولية. لذلك ينبغي الوعي بان العدوالحقيقي هو التوسع الصهيوني الامبريالي وليس إيران، برغم كل خلافاتنا مع طبيعة الجمهورية الإسلاميةالإيرانية، فهذا خلاف وصراع جانبي، لكن الصراع والمعركة الرئيسة مع التوسع الصهيوني وهيمنة العولمةالامبريالية الأنجلو سكسونية. ورحم الله عبد الناصر والفريق اول محمد فوزي والفريق عبد المنعم رياضوالفريق سعد الدين الشاذلي الذين امنوا بأن “ما اخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة..” وقيمة العلاقة معالشعوب الإيرانية العريقة.