ما هي الفظاعة التي يجب على “إسرائيل” أن ترتكبها حتى يكسر قادتنا صمتهم

ما هي الفظاعة التي يجب على “إسرائيل” أن ترتكبها حتى يكسر قادتنا صمتهم

صحيفة “الغارديان البريطانية

أوين جونز

للانتقام من أحداث السابع من أكتوبر، يتم التسامح مع الجرائم من جميع الأنواع. ولكن، يتعين علىالساسة أن ينتبهوا إلى أنّ الجمهور البريطاني لا يتفق مع هذا الرأي.

ولنتأمل هنا عالمين متوازيين؛ الأول هو غزّة، مسرح بعض أسوأ الفظائع التي ارتكبت في القرن الحاديوالعشرين، إذ يقدّم لنا الهياج الإبادي الإسرائيلي تذكيراً جديداً بقدرة جنسنا البشري على الانحراف. ووفقاًلبحث أجرته منظمةأوكسفامالخيرية، فإنّ عدد النساء والأطفال الذين قتلوا على يدالجيشالإسرائيلي في العام الماضيأكثر من عددهم في الفترة المعادلة لأي صراع آخر على مدى العقدينالماضيين“.

وما يجعل هذا الأمر أكثر إزعاجاً هو أنّ الأرقام متحفظة: فالأطفال البالغ عددهم 11355 طفلاً و6297 امرأة الذين تم إدراجهم على أنهم قتلوا بعنف هم فقط أولئك الذين تم التعرف عليهم رسمياً، ولم يتمتسجيل العديد من القتلى بهذه الطريقة، ولا سيما الآلاف الذين دفنوا تحت الأنقاض، أو تم إدراجهم فيعداد المفقودين، أو أحرقتهم الصواريخ الإسرائيلية، ولم يتركوا أيّ أثر.

كما أدّى تدميرإسرائيللمستشفيات غزّة إلى إهدار نظام الإبلاغ عن الوفيات. ولم يتم قتل هذا العددالكبير من النساء والأطفال في العراق وسوريا مثلاً في فترة زمنية قصيرة مثلما حصل في غزة، على الرغممن أن عدد سكان هذين البلدين كان أكبر بكثير من عدد سكان القطاع.

ثم، هناك كشف جديد عن محاولةإسرائيلالمتعمدة لتجويع سكان غزة. ففي الأسبوع الماضي،أفادت وكالة التحقيقات الأميركيةبروبابليكاأنّ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي إدارة حكومية،قدّمت تقييماً مفصّلاً إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، خلصت فيه إلى أنّإسرائيلكانت تتعمّد منعتسليم الغذاء والدواء إلى غزة. ووصفت الوكالةإسرائيلبأنّهاتقتل عمال الإغاثة، وتدمّر المنشآتالزراعية، وتقصف سيارات الإسعاف والمستشفيات، وتحتل مستودعات الإمدادات وتمنع بشكل روتينيالشاحنات المحمّلة بالطعام والدواء“. وفي مثال صارخ بشكل خاص، تم تخزين الغذاء على مسافة تقلعن 30 ميلاً عبر الحدود في ميناء إسرائيلي، بما في ذلك الدقيق الكافي لإطعام معظم سكان غزة لمدةخمسة أشهر؛ وقد تم حجبه عمداً.

كما خلصت وكالة اللاجئين التابعة لوزارة الخارجية إلى أنّإسرائيلكانت تتعمد منع المساعدات،وأوصت باستخدام التشريع الأميركي الذي يفرض تجميد شحنات الأسلحة إلى الدول التي تمنعالمساعدات التي تدعمها الولايات المتحدة. ولكن بلينكن رفض هذه التقييمات، ووافقت الحكومةالأميركية للتو على حزمة مساعدات عسكرية أخرى بقيمة 8.7 مليار دولار أميركي لـإسرائيلالتيخلصت وكالات واشنطن إلى أنّها تتعمّد تجويع سكان غزة.

والآن، انقل نفسك إلى عالم آخر: عالم النخبة السياسية البريطانية. اقترح مرشحان لزعامة حزبالمحافظين جعل الولاء لـإسرائيلسمة أساسية للهوية البريطانية. ويعلن المرشح الأوفر حظاً، روبرتجينريك، أنّه يجب عرضنجمة داوودعند كل نقطة دخول إلى بريطانيا لإظهارأننا نقف مع إسرائيل“. وتعلن كيمي بادينوخ أنّها مندهشةمن عدد المهاجرين الجدد إلى المملكة المتحدة الذين يكرهونإسرائيل، مضيفة أنّهلا مكان لهذه المشاعر هنا“. وفي الوقت نفسه، بعد الهجوم الصاروخي الباليستيالإيراني علىإسرائيل، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بحماس في خطاب رسميالوقوف معإسرائيل“.

ولكن، لحسن الحظ، أنّ موقف الجمهور البريطاني مختلف، إذ أصبح لدى ثلثي الناخبين الآن وجهة نظرغير مواتية لـإسرائيل، مقارنة بـ 17% اختاروا وجهة نظر مواتية: وهو أدنى مستوى على الإطلاق. ويعتقد سبعة من كل عشرة بريطانيين، أنّإسرائيلارتكبت جرائم حرب، في حين يعتقد 54% أنّهيجب إصدار مذكرة اعتقال بحق بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ولكن هذا الموقف تجاهإسرائيلوالتفاني لها من قبل حكامنا، لم ينجُ من الفظائع التي لا توصف،والرأي العام الذي يزداد اشمئزازاً. وفي عالم عقلاني، فإنّ الدعوة إلى تحالف صادق مع دولة متورطة فيمثل هذه الفوضى القاتلة من شأنها أن تتركك في عار من الحياة العامة؛ وبالتوازي تتم شيطنة المعارضينباعتبارهم متطرفين حاقدين.

ما الذي يُفترض أن تفعلهإسرائيلبالضبط لتغيير هذا الوضع؟ لقد ارتكبتإسرائيلأسوأ مذبحةللأطفال في عصرنا، من إطلاق النار على رؤوس الأطفال إلى ذبح الأسر المذعورة في سياراتها، والآن أصبحمن الواضح أنها تعمدت تجويع شعب بأكمله، وهي متهمة باغتصاب المعتقلين من الذكور والإناث علىحد سواء، في حين تدين منظمةأنقذوا الأطفالالجنود الإسرائيليين لاعتداءاتهم الجنسية على الأطفالالفلسطينيين في السجون.

لقد قتلتإسرائيلما لا يقل عن 885 من العاملين في مجال الرعاية الصحية، وتركت النساء يخضعنلعمليات ولادة قيصرية والأطفال يخضعون لعمليات بتر من دون تخدير. ويدفع جنودها الجثثالفلسطينية من فوق الأسطح. وفي الوقت نفسه، يتنافس الوزراء والسياسيون وضباطالجيشوالجنودوالصحفيون الإسرائيليون على الخطاب القاتل والإبادة الجماعية المروّعة.

إن كانت هناك دولة معادية للغرب مذنبة بارتكاب جرائم بهذا القدر من الفظاعة، لكان هناك إجماعواسع النطاق على أنّ هذه الفظائع كانت من أعظم الجرائم في عصرنا. ولكن، كما تقول المحاميةالفلسطينية ديانا بوتو: “يقول لنا العالم إنّ لا شيء يمكن أن يبرر السابع من أكتوبر، ومع ذلك، فإن كل مافعلته إسرائيل يمكن تبريره بالسابع من أكتوبر“. ومن السهل أن نركز على أشد المشجعين تطرفاً لأفعالإسرائيل، ولكن هناك أيضاً كثيرون، من المعلقين إلى الشخصيات العامة، الذين ظلوا صامتين، علىالرغم من تورط بلادهم في حمام الدم الذي لا ينتهي هذا، وخاصة من خلال استمرار مبيعات الأسلحة

ما الذي يتطلبه الأمر حقاً؟ ما الفظائع التي قد ترتكبهاإسرائيلقبل أن يصبح الدفاع عن تحالفنا مسألةعار عام؟ هل توجد عتبة أصلاً؟ وما الحصاد الرهيب الذي سيحصده الغرب، لأنّه أظهر للعالم أنّه لا يرىأي قيمة لهذه الأرواح العربية التي أزهقت؟

نقلته إلى العربية: بتول دياب

(Visited 102 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *